عصافير مهاجرة

علي أزحاف - المغرب

 

العصافيرالمهاجرة التي
أعارت سيقانها لأسلاك الكهرباء..
وزَّعت ريشها على حراس السيارات..
استودعت مناقيرها
في بنوك استثمار أجنبية..
غادرت نحو المجهول..
لم يبق منها سوى مايشبه
أصوات بعيدة  تأتي من العدم..
وتتردد في سماء المدينة..
قال عنها فقيه الظل: هو لغو
 لعين من  وحي الشيطان
قد يذهب بعقل من يسمعه..
قال عنها مطرب الحي الفقير:
هي مواويل غريبة حزينة
من تراث لا يعرفه السلطان
قد يضيع في متاهاته من يتبعه...
قال الموسيقار العجوز: هي
نوتات خارج الذبذبات الصوتية
لا يمكن أن تسجن في لحن
أو في  سمفونية أناشيد وطنية..
وكان الشاعر ذو العباءة القديمة
يحاول أن يمسك تلك الأصوات
ويدوزن على إيقاعها بعض قصائده...
لكن عالم العروض المعاق
بعد عودته من آخر حروبه
مثخنا بجروح الزحافات والعلل..
قال: إنها أصوات منثورة
لا تخضع لوزن أو قافية..
أطفال الحي الصغار
كانو يركضون خلفها..
هي أصوات تشبه الرياح
ترفع عاليا طائراتهم الورقية...
العصافير المهاجرة الوحيدة
التي أعارت كل سيقانها
ووزّعت ألوان ريشها
واستودعت مناقيرها..
وحدها كانت تعرف
أنها أصوات أرواح معذبة
عالقة بين الأرض والسماء..
لم تجد في زحمة الموت
والحياه بعد طريقها إلى
مدائن الله الواسعة....

تعليق عبر الفيس بوك