خالد الخوالدي
يطل علينا شهر نوفمبر بإطلالته الجميلة التي تحمل لنا ذكريات وأماني وطموحات وتطلعات لقائد حكيم وشعب وفي مطيع لقيادته، وكلما هلّ نوفمبر تذكّرت قصة رسول كسرى الذي جاء إلى المدينة لمقابلة خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، فسأل عن قصره المنيف وحصنه المنيع، فدلوه على بيته، فرأى ما هو أدنى من بيوت الفقراء، ووجده نائمًا في ملابس بسيطة تحت ظل شجرة قريبة، فقال مقولته الشهيرة: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر".
ومع تغير الزمان والمكان أقول لمولاي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حكمت فعدلت فأمنا فنمنا..
نعم يا مولاي لقد استطعت خلال سنوات بسيطة أن تجعل عمان دولة عصرية بعد أن عاشت في ظلام دامس وفي ليل حالك، لقد نقلت عمان من دولة يتصارع شعبها على أسس القبلية إلى دولة تحارب كل ما يتعلق بالعنصرية، ويعلو صوتها بالعدل والإنصاف والحرية، وأعدت لعمان مجدها التاريخي الذي كانت تلعبه في دخول الشعوب إلى الإسلام، وها هم شعبك يعيدون هذا التاريخ وينشرون للعالم أسس التسامح والأخوة والمودة حتى أصبحت هذه علامة فارقة وبصمة صادقة يصفنا بها العالم أينما حللنا.
لقد استطعت يا مولاي وفي زمن قياسي أن تنشر مبادئ العدل والإنصاف والأمن في كل ربوع الوطن فعشنا في أمان واطمئنان. وواصلت سياستك الحكيمة والراسخة والقائمة على أسس الدين الحنيف فحفظت حق الجوار وسهلت للجار كل ما أراد، شجاعة منك وإقدام وكرم وشهامة وليس ضعفا أو استكانة، فأمنت عمان من جميع جوانبها فعشنا آمنين مطمئنين، وكلما حان المنام نلهج بالدعاء لك بأن يحفظك لعمان أعواما وأعوام.
واستمر عطاؤك طوال 47 عاما من اجل الحب والخير والصلاح والسلام،فكنت رجل السلام الأول ودولتك دولة الإسلام والسلام، وكففت البلاد وأبعدتها بحكمتك وبعد نظرك وحسن تدبيرك من الحروب والدخول فيها، وأثبت أنّ سياستك ناجحة وباقتدار طوال عمر النهضة المباركة، فبينما العالم يشتعل نارًا ولهيبًا في كل مكان ينام العماني قرير العين بسلام، وجعلت عمان برؤيتك الثاقبة الجزء النابض في هذا العالم فأينما حلّ شعبك تنحني له الرؤوس احتراما وتقديرا، فكم من قصص عشناها وسمعنا عنها كادت أن تودي بحياة الكثير في بلاد الغربة إلا أن بركة جهدك وعطاءك وحكمتك تكتب لهم حياة جديدة؛ حيث أصبحت يا مولاي السلطان رجل السلام الذي يشار إليه بالبنان في كل بقعة من بقاع العالم، وأصبح شعبك يستقي منك هذه البركة والخير أينما ارتحل. فالعماني في كثير من البلدان لا يُضام ولا يُهان وله الاحترام؛ لأنّك أرسيت لنا الأمان بعدلك في الداخل والخارج فأمنا ونمنا آمنين مطمئنين.
مولاي السلطان.. مهما قلنا وأعدنا فلن نوفيك حقك، ولن نستطيع التعبير عمّا في القلب من حب لك، فعمان ستظل تفخر بأنك سلطانها، والعمانيون فقيرهم وغنيهم.. صغيرهم وكبيرهم.. نساءهم ورجالهم مدينون لك طول العمر بما بذلت واجتهدت وأرسيت لقيم العدل والمساواة، فلا يوجد بيننا من يتميز بعائلة أو قبيلة أو مذهب أو جنس؛ فالجميع جعلتهم سواسية، وجعلت معايير الاختيار والتقدم والتطور لاجتهاد كل شخص بعلمه وفهمه واستغلال طاقاته، وبهذا أمنا ونمنا ونحن مطمئنين.
ندعو الله أن يمنّ عليك بالصحة والعافية وأن يبارك في عمرك، ويطيل في حياتك، ويجعل حياتك كلها أعيادا وأفراحا، وندعو الله أن يحفظ عمان وأهلها من كيد الكائدين وحسد الحاسدين والمتربّصين.. ودمتم ودامت عمان بخير