عُمان تستاهل.. فهل من مزيد؟!

خالد الخوالدي

قال تعالى: "الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مَنًّا وَلَا أَذًى لهم أجرهم عند ربهم"؛ فالحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله وخيره تنزل البركات، وقد سر خاطري وتاق قلبي فرحا وسرورا بسماع أخبار المبادرات الجميلة التي انتشرت في أوساط المجتمع كانتشار العطر الجميل، والنسمات الباردة الهادئة، التي تتمازج مع النفس الرائعة لصناعة كل جميل ورائع، وعُمان وأهلها يستحقون هذه المبادرات الصادقة والخالصة، وشعب عمان شعبٌ وفيٌّ وكريم ومِقْدام، وليس غريبًا عليه مثل هذه المبادرات.

فقبل سنوات، بدأ المرحوم سعود بهوان بزراعة فكرة التبرع والسخاء والبناء، والعمل الخيري لعمان قاطبة، فكان يزرع كل يوم زرعا جميلا في ولايات وقرى السلطنة، وعم خيره المدارس والمساجد والبيوت الفقيرة والمتوسطة، وحتى أصحاب الدخل الكبير كانوا ينعمون من خيره، وبعد وفاته ما زالت الدعوات مستمرة له بالخير. وفي الآونة الأخيرة، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال كرم أهل الخير في عُمان؛ فسمعنا عن صالح الزرعي الذي تبرع بـ700 ألف ريال عماني لبناء غرفة عناية مركزية وغرفة أشعة مقطعية بكامل معداتها لمستشفى جعلان، وبعده بخيت الكثيري الذي تبرع بـ200 ألف ريال عماني لشراء جهاز قسطرة القلب بمركز طب وجراحة القلب بصلالة، وبعدها وصلتنا الأخبار بتبرع مواطن عماني لإنشاء حديقة أطفال بولاية السيب، ومن ثم مواطن آخر -وحسب ما انتشر في إحدى الصحف الإلكترونية- يتبرع ببناء عدد 120 منزلا لليتامى والفقراء في إحدى الولايات؛ فصدقا هؤلاء هم أبناء عُمان المخلصين الذين أرادوا أن يردوا جميل هذه الأرض، وأرادوا أن تكون لهم بصمتهم في مجتمعهم، ومثل هؤلاء الخيِّرين يحقُّ أن يُضرب بهم المثل في الفخر والانتماء لوطنهم، وعندما يكون العطاء بلا حدود نقول شكراً بلا حدود، ونسأل الله أن يبارك لهم في حالهم ومالهم "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافس الْمُتَنَافِسُونَ"، ويبقى الصادقون تسطرهم قواميس الوفاء طول العمر.

وفي المقابل، نشعر بالأسى والغُصَّة حين نرى أصحاب الأموال الوفيرة والخناجر المحكمة حول الخصور، تكنز الأموال وتستثمرها في الخارج، دون أن نرى منهم لمسات وفاء لهذا الوطن الذي أعطاهم فرصًا للثراء، وأتاح لهم الكثير من المميزات، فلما شبعوا من خيراته تنكروا، وقالوا كما قال قارون: "إنما أوتيته على علم عندي".

إنَّنا عندما نتغنَّى بمن قدم المبادرات الاجتماعية الجميلة، ونسهم في نشرها، ننتظر أن تشتعل نخوة من يملك المال الكثير دون أن تكون له بصمة في مجتمعه يتذكره بها الناس حيا وميتا، وندعو كل الأغنياء الذين نالوا من خير الوطن أن يُسهموا لرد الجميل له.. فعمان وأهلها يستحقون المزيد، وحب الوطن ومواطنوه لا يحتاج لمساومة ومزايدة ومجادلة، ولا يحتاج شعارات رنانة؛ فالأفعال هي الشهادة دائما وأبدا على حبنا للأوطان ولكل ما في الوجود... ودمتم ودامت عُمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com