حمود الحاتمي
تبقى مشاكل وقضايا عاملات المنازل صداعا مزمنا في مجتمعنا؛ فقد فرض وجودها ذهاب ربات البيوت إلى العمل، أو كبر مساحات المنازل، وكذلك ارتفاع عدد أفراد العائلة؛ وبالتالي صارت واقعا ملموسًا في حياتنا.
تتكبد الأسر مبالغ عالية في سبيل استجلابها من الخارج عن طريق المكاتب، أو عن طريق عمال يعملون في السلطنة، وبعد أن تصل تهرب من المنزل للعمل في أماكن أخرى؛ ومنها: أماكن الدعارة، والبعض الآخر حدد هدفه بانتهاء ستة أشهر تطلب المغادرة، ويكون المكتب قد أخلى مسؤوليته منها؛ بحكم انتهاء الضمان كما يزعم.
أسرة استقدمت عاملة آسيوية بمبلغ 1500 ريال عماني، وقد تصل مع المأذونية والتأشيرة لمبلغ 1700 ريال، وبعد وصولها تعلن أنها لن تجلس أكثر من ثلاثة أشهر، ويماطل المكتب في حل المشكلة حتى انتهت فترة الضمان دون حل، وتغادر العاملة السلطنة دون وجود قانون يحمي المواطن من هذا العبث التي تمارسه المكاتب وعاملات المنازل، وذهبت نقوده أدراج الرياح.
عاملة أخرى تُخبر مكفوليها بأنها ستغادر البلاد بعد أن تستكمل مدة الضمان ستة أشهر حسب اتفاقها مع المكتب الذي استجلها، والمكتب يرفض استرجاعها، وتكمل مدتها وتغادر السلطنة، وهناك قصص يندى لها الجبين، والضحية هو المواطن الذي صار يضحي براتبه الشهري من أجل عاملة منزل هو بحاجة لها.
الغريب في الأمر أن دول تلك العاملات تطلب عقود عمل موثقة تحفظ حقوق تلك العاملات وتأمينا صحيا، وتتواصل سفارات تلك الدول مع الكفيل مباشرة كما حدث معي تواصلت سفارة دولة آسيوية جارة لنا لمعرفة مشكلة رعاياها، فاستغربت الأمر: هل يحق للسفارات تتواصل مع مواطنين؟ لماذا لا يتم عن طريق دائرة الرعاية العمالية بوزارة القوى العاملة؟ بل قام مكتب بتهديد الكفيل عن طريق تدخل السفارة في حال حدثت مشكلة مع العاملة، في موقف استفزني في تعدٍّ على سيادة بلد يحكمه قانون، لكن وجود من يسيِّر ذلك المكتب والموظفين فيه هم من عمالة آسيوية أيضا، وقد لا يدركون ذلك، فضلا عن عدم وجود متابعة من مالك المكتب.
قضية عاملات المنازل قضية تُرَاوح مكانها لعدم اهتمام الجهات المعنية بإيجاد حلول وحتى المجالس التشريعية -ومنها مجلس الشورى، الذي لم يتطرق لها أثناء مناقشة معالي الشيخ وزير القوى القوي أثناء استضافته تحت قبة المجلس- فالوضع القائم الآن سيطرة العمالة الوافدة على سوق القوى العاملة والتحكم فيه؛ ومنها: إغراء المواطن بإحضار عاملات أقل من سعر السوق، وبعد وصولها يتم تشغيلها بالساعات في منازل أخرى، وحتى في مؤسسات خاصة كعاملات في الحضانات أو مطاعم، تقوم بإعداد الطعام في المنازل، وتقوم بهذه المهمة فضلاً عن استخدامها في أوكار الدعارة.
من خلال هذا المقال، نوجه نداء لوزارة القوى العاملة في إيجاد حلول وتغيير قوانين تحفظ حق المواطن والقوانين الحالية تتحايل عليها المكاتب والعاملات معاً.
ومن ضمن المقترحات أولاً: تتولى المكاتب كفالة العاملات وإحضارها للبلد كما هي الحال في الدول المجاورة، ويتعاقد المواطن مع المكتب، وتحدد الأعمال التي تقوم بها العاملة وراتبها الشهري والمدة المستغرقة في العمل، ويصدق من القوى العاملة.
ثانيا: يحق للمواطن مقابلة العاملة بالمكتب، ويتعرف إلى شخصيتها قبل توقيع العقد.
ثالثا: يحظر استقدام القوى العاملة دون مكتب معتمد، ولا تصرف لها مأذونية عمل حتى يُضمن استقدام آمن وتحديد جهة عملها تحديداً دقيقا.
رابعاً: تتابع القوى العاملة سير عملية التعاقد على أرض الواقع؛ خشية استغلالها في أعمال أخرى بطرق مبتكرة.
خامساً: يتم احتساب مبلغ التعاقد لمدة سنتين، والضمان سنتين وليس ستة أشهر كما يحدث الآن، مع إيجاد قانون يحفظ الطرفين في ذلك.
سادسا: يحق للمكاتب تشغيل العاملة عند أسر في عقد لا يقل عن ستة أشهر.
سابعا: يحظر على السفارات التواصل مع المواطن أيًّا كانت الأسباب، ويتم مناقشة المشكلة عن طريق دائرة الرعاية العمالية بوزارة القوى العاملة وجهات فصل أخرى كالمحاكم، في حال تعذر حل المشكلة.
ثامنا: البحث عن بلدان استجلاب أخرى غير العاملات من بلدان صارت مألوفة عمالتها تتصدر القضايا العمالية.
أعتقد جازماً أن قضية عاملات المنازل ستظل صداعا إن لم تتعاون الجهات المعنية في إيجاد حل لها؛ فمشاكلهن تزداد يوماً بعد يوم. وستظل الحلول تراوح مكانها ما لم تتحرك الجهات المعنية وتُوْقِف هذا العبث وتحمي المواطن من استغلال عاملات المنازل.
alhatmihumood72@gmail.com