نحو ميثاق وطني للمسؤولية الاجتماعية

فايزة الكلبانية

واقع العمل في مجال المسؤولية الاجتماعية بالسلطنة، اليوم، يتطلب بالفعل وجود ميثاق وطني يُنظِّم العمل في هذا المجال، الذي يعتبر العطاء فيه عبارة عن اجتهادات وحالات غير مُنتظمة للبعض من المؤسسات في أهدافها وغاياتها، إلى جانب عدم وضوح نسب ومعدلات مُساهمة الشركات والمؤسسات بمختلف قطاعاتها بأرباحها ونصيب المجتمع منها، كلُّ هذه الاسباب كانتْ مخاض تنظيم جريدة "الرؤية" لفعاليات "المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية"، في دورته الأولى لهذا العام، والذي جاء حاملا عنوان "نحو ميثاق وطني للمسؤولية الاجتماعية"، وتم تنظيمه يوم الأربعاء 11 أكتوبر، تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية، وبحضور الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الإنسانية بدولة قطر، وبشراكة إستراتيجية مع الهيئة العامة لسوق المال ممثلة بسعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة والذي ألقى البيان الافتتاحي للدورة الأولى، وبمشاركة عددٍ من ذوي الاختصاص الذين أثروا الجلسات بنقاشاتهم وأطروحاتهم المتميزة؛ حيث قدَّم السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة ورقة عمل خلال الجلسة الأولى تطرقت إلى مستقبل الاستدامة، وفي الجلسة الثالثة قدَّم أحمد بن علي المخيني خبير بمكتب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال ورقة أخرى حول السياسات المنظِّمة للقطاع، إضافة إلى مشاركة عدد من المسؤولين والمختصين من الجهات الحكومية والخاصة، من أصحاب الدعم، أو الجهات المستفيدة من الدعم.

ثمار حصاد المنتدى خرجت بتوصيات وصياغة لبنود استرشادية لميثاق الوطني، لرفعها للجهات المختصة للنظر فيها، حتى تكون بمثابة قراءة للنقاشات المستفيضة التي تم طرحها في جلسات المنتدى من مختلف الفئات المعنية، ولعل من أبرز التوصيات ما تمثل في دعوة كافة الشركات والمؤسسات المعنية إلى تبنّي الميثاق الوطني للمسؤولية الاجتماعية والاسترشاد بالبنود التي طرحها المنتدى في هذا الشأن، وتطوير وتنويع برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات والعمل على ضمان استدامتها، ودعم كافة الجهود الرامية لاكتمال أضلاع مُثلث الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، إلى جانب التوعية بالفارق بين مفهوم برامج المسؤوليةِ الاجتماعيةِ للشركات ومبادرات العملِ التطوعي الخيري، وإبراز نماذج التميز والاحتفاء بالمؤسسات والأفراد الفاعلين في مجال المسؤولية الاجتماعية، واستشراف الخطى المستقبلية الواجب اتباعها للوصول إلى مستوى أفضل الممارسات العالمية في التنمية الاجتماعية المستدامة، وتخصيص نسب محددة من أرباح الشركات لبرامج المسؤولية الاجتماعية لضمان استدامة تمويل تلك البرامج في ظل الضغوط الاقتصادية الطارئة.

وقد ناقش المنتدى التطلعات المستقبلية والسياسات الخاصة بالاستدامة في مجال المسؤولية الاجتماعية، وتقديم نماذج لمؤسسات خاصة رائدة في هذا المجال ولها بصمتها الواضحة؛ متمثلة في: شركة تنمية نفط عمان، والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، ومجموعة تاول، ومجموعة محمد البرواني القابضة، ومؤسسة جسور، وبشراكة إستراتيجيةٍ مع كلٍّ من شركة تنمية نفط عمان وأوكسيدنتال عُمان (أوكسي).

وفي هذا السياق، فإننا نحيي تلك الفئة البسيطة والمتعارف عليها من النماذج الناجحة من الشركات والمؤسسات الداعمة والمساهمة في المسيرة التنموية بالمجتمع؛ انطلاقا من إيمانها برسالة مؤسساتها نحو المجتمع، ونعتب على تلك الفئة من المؤسسات وخاصة ذوي رؤوس الأموال الكبيرة، والتي أخذت نصيب الأسد من دعم الدولة لاستمراية العمل فيها وتوسعها، فتجاهلت ثقافة رد الجميل للوطن يوما، والتي للأسف تنأى نفسها عن المشاركة في الأعمال التطوعية وفي المسؤوليات الاجتماعية؛ وبالتالي نناشدها بالانضمام إلى قوافل الخير والعطاء التي ينشدها المجتمع في إطار المسؤوليات الاجتماعية لهذه الشركات والمؤسسات حتى في ظل غياب ميثاق وطني يلزمها بذلك.. فالوطن في حاجة لمبادراتهم بقناعة ذاتية قبل أن تكون إجبارية، وعمان وشعبها يستحقون كل جميل، لأجلك يا وطن عملنا نحن فريق الرؤية على تنظيم "المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية"، ولأجلك يا وطن نعاهد على الاستمرارية فيه وكل ما هو جديد مع نهج "إعلام المبادرات" برفقة "الرؤية".

faiza@alroya.info