الإعلام والتسويق الرياضي في أروقة "الشورى"

محمد العاصمي

عندما يناقش مجلس الشورى همومَ رياضتنا، ويلمس آفاق تطويرها، فهو دليل واضح على الاهتمام الذي يوليه المجلس لهذا الجانب الشبابي المهم، ويبين رغبة أكيدة في المساهمة بتطوير هذا القطاع الذي يلامس شريحة واسعة من شرائح المجتمع، هذه الشريحة هي الأهم.. فلهم الشكر والتقدير؛ حيث سيقيم المجلس ممثلاً في لجنة الشباب والموارد البشرية نهاية الشهر الجاري جلسة حوارية ستضم نخبة من الشباب الرياضي العماني من مسؤولين وخبراء وإداريين ومختصين، يمثلون سائرَ المؤسسات الرياضية من وزارة ولجنة أولمبية واتحادات وأندية. ولكي تكون هذه الجلسة ذات فائدة من إقامتها وذات أثر، يجب أن نحدد ماذا نريد منها، وما مدى جديتها في إيجاد حلول قابلة للتنفيذ لمعضلات رياضتنا المتعددة؟ الجلسة -والتي ستقام خلال يوم واحد- سوف تشتمل على محورين أساسين؛ أرى أنهما الأهم في الرياضة حالياً لما يمثلانه من ثقل كبير في هذه المنظومة، ويؤثران بشكل مباشر فيها، ويحددان إلى درجة كبيرة مسارها ونتائجها، هذان المحوران هما الإعلام الرياضي والتسويق الرياضي.

إن موضوع الإعلام الرياضي -والذي ستناقشه الجلسة الأولى- موضوع جدير بالطرح لجدليته التي أصبحت حديث الوسط الرياضي بكل أطيافه؛ فهناك من يرى أن الإعلام سبب من أسباب تدني مردود رياضتنا وعدم قدرتها على تلبية طموح الرياضيين والمتابعين، وهناك من يرى أن الإعلام بريء من ذلك، وما بين هذين الطرحين هناك العديد من القضايا التي يجب الوقوف عليها. إن الإعلام الرياضي في العالم تجاوز مرحلة الدعم والمساندة حسب الرغبات والميول وانتقل من مرحلة الاصطفاف إلى جانب على حساب الجانب المنافس وتعدى مرحلة الضغط لاتخاذ قرار معين، وارتقى من مرحلة استغلال الصوت والصورة والحروف لتحقيق مصالح آنية وشخصية، ووصل إلى مرحلة الشراكة الحقيقية والمساهمة الفعلية في صناعة الرياضة؛ وذلك من خلال أطروحاته ونقده المنطقي للعمل، وتوضيح مكامن الضعف والقوة والمعيقات وتحليلها، وتقدم المقترحات والمرئيات التي تساعد المعنين في اتخاذ القرارات الصحيحة، والبعد عن التدخل المباشر والتهويل المبالغ فيه سواءً للإنجاز أو الإخفاق. إن الاعلام الواعي المنطقي هو إحدى ركائز التطوير في كل مجال والرياضة ليست استثناءً، ولكي نخلق هذا الإعلام علينا أن نتوجه لهذا العلم كاختصاص، وأن نبتعد عن الهواية والممارسة، فما نشاهده اليوم من ممارسات ما هو إلا نتاج لذلك التعاطي مع الإعلام والبعد عن الاحترافية التي يجب أن تكون أساس كل عمل تخصصي وعندما نتحدث عن التخصص فلا نعني بالضرورة الدراسة الجامعية التخصصية، وإنما الانخراط في الدورات والبرامج التي ترفع من مستوى الوعي لدى الإعلامي والتفرغ لهذه المهنة الحساسة من أجل خلق فهم أكبر بأهمية هذا المجال والسماح للإعلامي بالتعاطي المنطقي والمثالي وفهم أدواره المناطة بشكل صحيح، وعندها فقط سنصل لمرحلة مساهمة الإعلام في صناعة رياضة متميزة.

أما الجلسة الثانية، فسوف تناقش التسويق الرياضي وواقعه ومعيقاته، وهذا المجال هو الآخر من الأهمية بمكان؛ بحيث أنه الجانب الذي يمكن أن يحل جل مشاكلنا الرياضية المتمثلة في المصادر المالية ومدى كفايتها لصناعة وتحقيق الإنجاز. إن المعيقات المالية وإيجاد مصادر تمويل للرياضية تعد من أهم المشكلات التي تواجه الجميع دون استثناء وحتى الدول المتقدمة رياضيًّا تواجه هذا الإشكال؛ لذلك لجأت لإيجاد سبل متعددة لضمان التدفق المالي، والذي يساهم في صناعة رياضة حقيقية، وكما هي الحال في أوروبا فقد رفعت الحكومات يدها عن دعم الرياضة، ودفعت بالأندية والاتحادات لإيجاد مصادر تمويل، وقد نجحت العديد من الدول في هذا الجانب؛ من خلال التسويق الذي أصبح اليوم ذا مجالات متعددة وأشكال مختلفة؛ فالرعاية والإعلان وحقوق النقل التليفزيوني أسهمت في ضمان تدفق مالي عالٍ جدًّا، وأسهمت في صناعة مؤسسات رياضية عملاقة أصبحت لديها موازنات تتخطى موازنات دول بأكملها، ورفعت القيمة السوقية لهذه المؤسسات الرياضية؛ مما أسهم في الوصول للإنجاز والاستمرارية في نفس الوقت. وإن كنا ننشد رياضة تتخطى مرحلة الممارسة والهواية، وإن كنا ننتظر تحقيق إنجازات قارية ودولية، فعلينا أن نعمل -وبشكل جدي- لاقتحام هذا المجال بقوة، فهو الطريق الوحيد الذي سيصل بنا لتحقيق أهدافنا في ظل وضعنا الحالي، والذي يعتمد بشكل أساسي على ما تقدمه الحكومة من دعم، والذي يذهب أغلبه لتغطية الكلفة التشغيلية لمؤسساتنا الرياضية، ولكي نتحمل دورنا ونحقق أهدافنا بعيداً عن تحميل الدولة أعباء مضاعفة، وعلى القطاع الخاص أن يقوم بدوره الوطني تجاه الرياضة.

ختاماً.. هذه الجلسة يجب أن تخرج بمقترحات واقعية قابلة للتنفيذ، وأن تضع حلولا لهذين المجالين المؤثرين في القطاع الرياضي؛ من خلال الطرح الواقعي والمنطقي القابل للتنفيذ، والذي يضع هدفه الأساسي صناعة رياضة تنافسية حقيقية، وليس مجرد التواجد في المحافل من أجل المشاركة.

تعليق عبر الفيس بوك