ماذا يريد منا جلالة السلطان؟

خلفان الطوقي

ألهمني كتابة هذا المقال المقطع الذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي للشاعر العُماني القدير الأستاذ سالم بن بخيت المعشني المكنى (أبو قيس) والذي تساءل في المقطع عن ماذا يُريد منِّا السلطان؟ وزاد إلهامي إلحاحًا بعد ترديد أحد الأصدقاء الكويتيين كلمة عن مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم- حفظه الله وأطال عمره- عن قيادته الملهمة لشعبه الأبي؛ هذان السببان جعلاني أحاول أن أجيب على طريقتي ومن وجهة نظري عن هذا السؤال المحوري؟

يُريد سلطان البلاد من الأجهزة الحكومية المُختلفة ومن المسؤولين والموظفين الإخلاص في العمل وتطويع القوانين والتشريعات لتيسير حياة المواطنين والوافدين والسياح؛ يُريدنا بشمولية نظرته أن تفصل ولكنها في ذات الوقت تتحد لتخدم كافة الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية المواطن والمُقيم على حدٍ سواء؛ يريد من موظفي الحكومة أن يكونوا مرنين وقادرين على سرعة مواكبة متغيرات العصر والتعامل مع أدواته العصرية؛ يريد من المسؤولين أن يتناقشوا ويتفقوا ويختلفوا شريطة ألا يُؤثر ذلك على المسار التنموي المرسوم؛ وألا تكون اختلافاتهم شخصية بل لأجل الإتيان بأفضل الحلول لصالح مكونات الوطن المختلفة.

يُريد سلطان عمان من القطاع الخاص أن يستمر رغم أوجه الخلاف والاتفاق في العمل يدا بيد مع القطاع الحكومي؛ ويوصل رسالته للأجهزة الحكومية بمستجدات السوق العالمي ليعينه على تنزيل أفضل الممارسات العالمية إلى أرض الواقع؛ وألا يستسلم لقوانين قد تكون بالية؛ شريطة ألا يكون أنانيًا في طرحه ويغفل باقي أطراف العمل من مواطن ومقيم؛ وأن يسعى بشكل جاد لإيجاد الحلول التي تخدم الهدف من إنشاء مؤسسته التجارية من تقديم السلعة أو الخدمة بجودة عالية وأخذ فائدته مقابل ذلك دون مبالغة أو تحايل وصولاً إلى حلول مقبولة بين الطرفين التوظيف والتدريب والتأهيل.

يريد السلطان من أبنائه من أفراد ومجتمع مدني أن يكونوا شركاء في التنمية؛ وفي دعم أي مسعى يخدم المصلحة العامة؛ وأن يعكسوا ذلك بمساندتهم لأي مشروع وطني إما بالمساهمة الإيجابية وإما بالأفكار النيرة المثرية أو بالكلمة الطيبة أو حتى بالنقد البناء دون تخوين أو تجريح أو نسف لجهود المخلصين أو تثبيط الهمم الإيجابية بالاستهزاء أو التشكيك المبني على قلة دراية في كثير من الأحيان؛ فلن ينجح أي مسعى ما لم يلتف عليه أفراد المجتمع وفرقه الأهلية لدعمه وتحفيزه والأخذ بيده لمراحل متقدمة؛ وعلى الفرد الاستمرار في توصيل صوته مهما كانت الصعوبات ليكون شريكاً ومعول خير وبناء.

فهل بالإمكان أن تتكامل وتتحد هذه العناصر وتنصهر وتعمل بانسجام لتلبية دعوة مولانا السلطان الملهمة قدر المستطاع؟ وذلك بالتخلي لبعض الوقت عن مصالحنا الخاصة وغض الطرف عن خلافاتنا الشخصية والتخلص من كل المعرقلين والبحث عن المحركات المحفزة للصالح العام؛ وتركيز جهودنا وأفكارنا لخدمة عمان والمحافظة عليها قوية أبية عصية رافعين شعارا واحدا في أقوالنا وأفعالنا وكل قراراتنا وسلوكياتنا وإبراز بجلاء وافتخار أنَّ مصلحة عمان فوق كل اعتبار.