ضجيج الفواتير

خالد الخوالدي

لا يكاد يمضي يوم علينا إلا ونرى مواطنين ووافدين يشتكون من ارتفاع كبير في تكلفة فاتورة الكهرباء والمياه، حتى غطت هذه الشكوى جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح السؤال يلح في ذهني كلما مرت شكوى: هل الهيئة العامة للكهرباء والمياه على علم بذلك؟ فإذا كانت علم فتلك مصيبة، وإذا كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم، وأنا أعلم أنها تعلم وتغض الطرف عن شركات الكهرباء والمياه، والذي لا أعلمه: لماذا تغض الطرف؟!

إن المسؤولية تقع على الهيئة في مراقبة ومحاسبة شركات الكهرباء والمياه؛ فهناك مشكلات كثيرة سببها الشركات وليس استهلاك المستهلك كما يدَّعون دائما، ومن ضمن هذه المشكلات: عدم التزام القراءة الشهرية في يومها المحدد وهذا له تأثيره؛ حيث يدخل الاستهلاك ضمن الشرائح الأعلى في الاستهلاك، وبالتالي تكون المبالغ مضاعفة؛ مما يزيد معه سعر الاستهلاك، ومن ضمن المشكلات وجود قارئ عداد كل كم شهر مما يعني عدم معرفته بالمنازل والمساكن، وعمل قراءات تقديرية، فتجد شخصا مسافرا وتُحسب عليه قراءات تقديرية بنفس المنوال الذي كان عليه قبل السفر، وأناس ما تصلهم الفواتير لشهور وسنوات وفور أن يكتشفوا يدفعوها بأثر رجعي؛ مما يجعلهم في ورطة كبيرة، وعندما تسأل موظفا في إحدى الشركات المسؤولة عن القراءات والعمل الميداني، يقول لك "كيف تريدنا نعمل في الشمس والحر، والرواتب ضعيفة، ولا حوافز، ولا مكافآت"، وهذه مشكلة من إحدى المشكلات التي يدفع أثرها المستهلك ولو بطريقة غير مباشرة؛ فهذه الشركات تتحدث عن إرباح سنوية بالملايين، وتحرم العنصر المهم وهو الموظف من حقوقه، ويصب البعض منهم غضبه وإهماله في القراءات وفي الوصول إلى كل المنشآت.

وبعيدا عن مشكلات شركات الكهرباء والمياه وضجيج فواتير الكهرباء التي حطمت نفوسا كثيرة، ينتظر الكثير من المشتركين ضجيجا كبيرا يُمكن أن يحدث نتيجة فواتير المياه التي لم تصل لبعض المشتركين من أربعة أشهر، وبعضهم أكثر وبعضهم أقل؛ مما يعني أننا مقبلون على صيف حار آخر رغم تحسن الأجواء هذه الأيام؛ حيث سترتفع الأصوات وسيكثر الضجيج في وسائل التواصل الاجتماعي، وربما يصل صوتهم هذه المرة بقوة للهيئة العامة للكهرباء والمياه التي تتعامل مع المواقف بمبدأ "عمك اصمخ"، وهو مبدأ ينفع أحيانا ولكن ليس دائما.

وعلى الهيئة أن لا تتعامل بهذا المبدأ كثيرا، وعليها أن تدرك أن هناك فئات كبيرة من المجتمع من أصحاب الدخل المحدود، ومن أصحاب الضمان الاجتماعي والمصابين بالقروض والديون وليست لديهم المقدرة على دفع الفارق الكبير نتيجة أخطاء شركات الكهرباء والمياه، ونتيجة صمت الهيئة وغيرها من المؤسسات الأخرى التي لها علاقة كمجلسي الشورى والدولة.

وإذا كانت الهيئة العامة للكهرباء والمياه عاجزة عن حماية المستخدمين لخدمات الكهرباء والمياه، فعلى مجلس الوزراء أن يتدخل لحماية شرائح كبيرة من المواطنين ليست لديهم المقدرة على سداد المبالغ الكبيرة الذين أرهقت كاهلهم، وقضت على كثير من خططهم المالية الأسرية التي كانوا يعتمدون عليها.. ودُمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com