الشيخة خضرة

 

أمل حجاج - مصر

بعد مضي أجازة نصف العام التي قضتها بأكملها في منزل العائلة الريفي.. عادت بنفسية مهيأة لتحمل أعباء الحضر.. تسمَّرت مقلتاها.. وهي تودِّع الاخضرار والجمال بخطى سيارة  علي سرعة 180 في الساعة.. دخلت المنزل وجدت رائحة الخيانة تملأ الأمكنة.. كل مكان به لمسة غير عادية ولا تُسأل امرأة عن درايتها بعلوم الأحوال الحسيّة الباطنة.. ففكرت بحزن قابع لم ينخرط على ملامحها.. كل منّا قضى أجازته علي طريقته الخاصة.. نظرت لأطفالها وكآبة ليل ريفيّ يقبض علي وجدانها.. كيف أتحرَّر وها هو رباط شجن يجمعهم به.. ولأنها أتت بشكل مفاجئ.. لم يسعفه الوقت إخفاء معالم الحب المبعثرة.. فتجاهلت كل ما رأت.. تعجَّب وظلت أعصابه مشدودة. ينتظر أن تحدثه.. تعاركه.. يتعجل العقاب ويومين من النكد المركب.. تزينت لكي تضاجع رجلًا بمذاق امرأة أخرى.. تودّ أن تئِد الخيانة مرة أخرى بعد غياب..

ينظر لها بدهشة.. يلاحقها.. إبان كل عمل.. يأخذ هاتفها ويقلب فيه: الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، رسائل الواتس آب، والخاص.. فلا يجد أيَّ دليل علي تهميشها له.. يُتمتم في نفسه.. لماذا لم تعد تغار.. كانت تموت غيرةً إذا نظرتُ في الطريق لامرأة مارَّة.. وإذا خرجتْ من المنزل.. ورأت أيّ سيدة غريبة تدخل العقار.. تنتظر حتي تعرف أي اتجاه سوف تسلك.. ناهيك عن شكوك بلا أيّ داعٍ..

يتحدث بصمت.. يلقي اللوم علي نفسه: كيف أتركها في منزل طويل عريض وحدها مع طفلين.. كيف تجرؤ الفاجرة.. "الشيطان".. أقسم أنّه هو.. مهما كانت أخلاقها هي ليست "الشيخة خضرة"، ولو كانت.. لم يعلم أحد من أيِّ أصل وفصل أتت.. فتُعصَم من الخطيئة..

ظل يتخيل خيانتها في أرجاء الدار القديمة.. وفي حجرة الفرن.. لديه قناعة أنّ رائحة الخبيز تثير الشهوة لطعام آخر.. ظل يقلِّب في صور عدة.. على الهاتف.. حتى الطبيعي بات مشكوكا في أمره.. نزهة علي البحيرة.. ودائما ما يري رجلا غريبًا يخفيه وميض الصورة.. يراها تستغل سذاجة الأطفال في الظلام بعد إنهاكهم باللعب طيلة اليوم.. ليأتي متطفل الليل علي حرمة بيت عائلته المقدس.. المُنَّزه من الخطايا طالما هو وحده ما يفعلها.. صارت كل أفعاله انطوائية وهمجية معًا.. يراها مشرقة.. تضحك وهي تشتري من البائع أشياءها.. بعد وصلة فصال أنهكته.. ليحمد الله لإنهائها الحديث.. كان يترقبها وما إن دخلت من باب الشقة ليفاجئها بطعنة تنهي صراعه مع نفسه.. يعاقبها علي عظيم أفعاله.. فتتعجب وهي تموت.. بهذا الكم من الوقاحة..

 

تعليق عبر الفيس بوك