قصائد لها

د. يوسف حطيني
ناقد فلسطيني ومحاضر في جامعة الإمارات


......................
(1)     في الغياب
ولا سحرَ للَّيلِ.. لا نجمَ يلمعُ
حينَ تغيبُ عن الدّجى مقلتاكْ
ولا ظلَ للشّجراتِ الظّليلاتِ
خلفَ المدى عندما لا تكونُ هناكْ
وحين تفاجئني ظلمةٌ
في النّهارِ الشّحيحِ أُصلّي
وأغمضُ عينيَّ حتّى أراكْ

(2)     زرقاء اليمامة
عيناكِ تخترقانِ أوجاعَ الحفاةِ
من الرّباط إلى تُهامهْ
وتضمّدان الجرحَ مفتدياً هديلَ مآذنِ الأقصى
إلى ظلّ الغمامهْ
تتلمّسانِ النزفَ منذُ سفينةٌ ألقتْ حمولتَها
على الجُوديّ متعبةً
إلى يومِ القيامَهْ
لكنّما عيناكِ لا تتبصّرانِ جراحَ قلبي
من تُرى سَمَّاك زرقاءَ اليمامَهْ؟

(3)    أرجوحة القلب
تتأرجحينْ
كفراشةٍ تركتْ حقولَ الوردِ نحوَ البحرِ
كي ترمي على الأمواجِ ذاكرةَ الحنينْ
ووراءَ ظهرِك عالمٌ.. أفقٌ بهيٌّ
كازرقاقِ الموج يرفعه خيالُ الحالمينْ
تتأرجحينْ
ها أنتِ بينَ سماءِ قلبي والثرى تتمايلينْ
وعلى حبالِ القلبِ يا شغَفَ الصبابةِ ترقصينْ
وتعزفينْ
أحلى أناشيدِ الصّبابةِ.. في كتابِ العاشقينْ

(4)     بحيرة البجع:
هيَ كفُّكِ البيضاءُ
ترخي سحرَها فوقَ ارتعاشِ الوجدِ
في وجهي الحزينْ
قمرٌ يضيءُ الليلَ كفّك
غيمةٌ تنسابُ أغنيةً
على عطش اللظى
تأتيه من ماءٍ معينْ
طوبى لكفّكِ وهي تحملني
إلى أطرافِ عالمِكِ المُسوّرِ
بارتجافِ شقائقِ النّعمانِ
والكرزِ الشهيِّ على ضفافِ الياسمينْ


(5)    آدم
تمنيّت أنّي التقيتكِ
قبلَ ولادةِ هذا الزمانْ
تمنيتُ في غابةِ السنديانْ
تخيّلت ناراً تضيءُ عذابات ليلي
ونغلي عليها الحساءْ
تخيّلت أنّا نجهّز أرغفةً للعشاء
ورائحة الجسد البربريّ
تفوحُ بعطر الشجرْ
أنا لستُ آدمَ
لكنني أشتهي.. آه كم أشتهي
أن تكون حبيبةَ عمريَ
أوّلَ تفاحةٍ في سجلّ الإثارهْ
وكم أشتهي أن أدوّنَ حزنيَ
قبل أن يكتبَ النّاسُ حرفاً
بسِفْرِ الحضارهْ


(6)    ذنوبي الجميلة
على شَجَرِ الوقتِ تنمو فروعُكِ
مثلَ القصائدِ
من أخبرَ الفجرَ عن سحرِ عينيكِ؟
من أخبرهْ؟
تقولين للعاشقِ المتبتّلِ: تُبْ عن هوايَ
وحين تُطلّينَ من وجعِ النّحْلِ
تأتي الصّباحاتُ مستبشرهْ
وكيف يتوبُ؟
وصحوُكِ أحلى من الحُلْمِ في ليلةٍ مقمرهْ
وكيف يتوبُ؟
وذنبُكِ أشهى من المغفرهْ
(7)    أوجاع ليلية:
صوتكِ يوجعني
حشرجةُ الصّدر اللّاهث
تملؤني بالرُّعبِ
من لي غيرك
يحمل موسيقى الأطيار؟
ويفرش بالأزهار ثرى دربي؟
من لي غيرك
يملأ بالنور شرايين العتمة
حين يكون بقربي؟
أدعو ربي
في هدأة هذا الليل ليحفظً صوتكِ
دفء ضلوعك.. قلبكَ.. روحكِ
وأردد:
تحرسُكِ ملائكة الرحمن
وقلبي..

تعليق عبر الفيس بوك