احتفالا بيوم الكشافة العالميّ

الرؤية تحاور "محمد أوغلو" مندوب الكشافين العرب في السبعينيات

...
...
...
...

حاوره: ناصر أبو عون


    نحتاج عربيًا إلى الشروع في تعميم "ثقافة التعاون الجماعي".
    العمل الكشفيّ يستثمر طاقات والمراهقين والشباب في خدمة المجتمع.
    الكشافة حركة عالمية بعيدة عن التمييزالطبقي والعرقي والديني، وحاضنة للتكاتف الاجتماعي الوطني.
محمد قدو أفندي أوغلو عراقيّ من الموصل عشق الكشافة منذ صغره وأحبَّ العمل التطوعي في شتى الميادين في المناسبات الدينية والوطنية، وعايش كل مراحل الكشافة بدايةً من الأشبال ومرورا بالكشافة،  والكشاف المتقدم والجوالة ورواد الكشافة، وساهم في تدريب الكثير من الفرق الكشفية ومنها فرق محافظة نينوى العراقية والعديد من الفرق الأهلية وفرق منظمات المجتمع المدني والجامعات والكليات. ولما سألته عن ذكرياته في هذه الأيام الخوالي قال: وكنا في الأعياد الوطنية والدينية نساعد رجال المرور في مهمتهم لغرض مساعدة المحتفلين، ونساعد الأطفال في عبور الشوارع، ونخرج للقرى والأرياف مع الفرق الصحية لتوعية المواطنين، كما شاركت بمعظم المخيمات القطرية الوطنية منذ عام 1972م والمخيمات الكشفية العربية وترشحت لتمثيل الكشافة العراقية في لبنان والمغرب ومقررا لندوة الكشافين العرب، ومندوبا الكشافين في المؤتمر الكشفي العربي الثالث عشر في مدينة المحمدية بالمملكة المغربيّة.
وحول سؤال عن تاريخ نشأة الكشافة عالميا؟ قال محمد قدو أفندي أوغلو: أسست الحركة الكشفية وبالوجهة التعاونية والتكاتفية من قبل "اللورد بادن" عندما كان ضابطا في الجيش البريطاني بجنوب إفريقيا بعدما استطاع تكليف عدد من الفتيان الأفارقة بمساعدته في إنجاز بعض المهام داخل الغابة وذلك بعد تدريبهم ونجاحهم  في مهمتهم الموكلة إليهم وكان أساس المهمة يقوم على العمل الجماعي وقد أبدى هولاء الفتيان مهارة عالية في الأداء تنبه لها "بادن", وعند رجوعه إلى إنكلترا بدأ بالاطلاع على عادات الشعوب وخاصة في مجال تربية الأجيال الناشئة من خلال قراءاته المستوفية لعادات هذه الشعوب ولاحظ الاختلاف الكبير في نمط التربية بين جميع شعوب الأرض، كما لاحظ "اللورد بادن" أيضا أن الفتيان الذين تربّوا في بيئة ريفية أكثر استعدادا للعمل وتحمل المشقة مقارنة بأبناء المدن في الدولة نفسها ولذا كانت أولى اهتماماته هي تدريب تلاميذه وفأشبال الكشافة من سكان المدن على حياة الخلاء واللجوء الى الطبيعة.  واستخلص مع الوقت أن أبناء الريف هم الأكثر استعدادا للتعاون والتكاتف والاندماج  في المجتمع؛ وعلل سبب ذلك التميز الواضح بتمتعهم  بالقوة البدنية العالية  والتي  بدورها تضفي طابع الثقة في نفوسهم، وتمنعهم من التردد في مساعدة المحتاجين وهذه الطريقة المبادرة بالمساعدة والتهيؤ لها تشبه تماما استعداد أفراد العائلة عند الاستغاثة أو طلب المساعدة أوإبدائها دون طلب وبشكل تطوعي عند جميع أفرادها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التطوع وإبداء المساعدة عند أبناء الريف هي نسخة غير منتظمة من أفعال ومهمات منظمات المجتمع المدني السائدة في المدن والقصبات في كل دول العالم وحسب نوعية نشاطاتها.
وبسؤاله حول ماهية الحركة الكشفية، وطبيعتها وأهدافها؛ أجاب بأنّ الحركة الكشفية حركة إنسانية اجتماعية ذات صيغة وطنية مهمتها إعداد الفتى أو الفتاة  إعدادا متكاملا ليستطيع الاعتماد على نفسه وتحمّل تبعات المسؤولية في المستقبل وذلك من خلال تقديم برامج وتدريبات تتناسب مع كل فئة عمرية مختلفة اختلافا تطوريا ومتباينة بين الذكور والإناث أو مايسمى بحركة الكشافة والمرشدات ولكنها تتوافق مع الهدف الرئيس للحركة بصورة عامة في استثمارها في بناء أسس العمل التعاونيّ والجماعيّ والتي من أهم مرتكزاتها (أساعد الناس في جميع الظروف)، وهذه القاعدة تعتبر من أولى مهمات الكشافة وهي بالتأكيد أولى الأهداف التي سعى إليها "اللورد بادن"  عند بداية تأسيس حركته الكشفيّة.
وفي إطار النقاش تطرقنا إلى سؤال حول الهدف المحوري للحركة الكشفية، فقال: بكل بساطة هو (العمل الجماعي ومساعدة الناس وبصورة تلقائية وبتحقيق فائدة أعظم ومتوازنة مع حجم حاجات الناس، مدفوعة بقدرة الكشاف على الأداء وثقة متلقي المساعدة فيه), وهذا الهدف يستدعي وضع برامج وتدريبات متكاملة وفنية, وواقعية وقد دأب اتفق قادة الكشافة حول العالم على حد أدنى مشترك من المهارات والأهداف لمختلف الفئات العمرية بدايةً من مرحلة الأشبال ومرورا بالكشافة والجوالة, وهذه التدريبات الفنية تتضمن جميع أنواع المساعدات سواء أكانت إسعافات الأولية أو مساعدات إنسانية في الكوارث والحروب وغيرها، وطريقة التعامل معها في خطوات متسلسلة تطفي طابعا من الثقة والقبول لدى المتلقي أو المنكوب أو الجريح.
وتطرقنا أثناء الحديث عن أهم التدريبات التي تخص الكشافة في مختلف مراحلها والتي لها علاقة مباشرة في تهيئة الكشاف على خدمة المجتمع والمتعارف عليها بين الجمعيات الكشفية العالمية كافة.. قال محمد أفندي أوغلو إنها تبدأ من تنمية القدرات والمهارات البدنية والصحية وتطويرها والمحافظة عليها وصولا إلى تقوية العلاقات الشخصية وإشباعها وتفاعلها بدايةً من العلاقة بين أفراد الكشافة أنفسهم ، وتنمية فكرة العمل الجماعي في معسكراتهم ومخيماتهم مع تشجيع  أفراد الفريق الكشفيّ على التميز وتحقيق الإنجازات الفردية المهم جدا في تكوين شخصيته القيادية الداعمة للعمل التطوعي الجماعي.كذلك تنمية ملكة التحدي والتغلب على الظروف الاستثنائية الصعبة بمصادقة الطبيعة واعتياد حياة الصحاري والبراري والغابات والاستعداد لكافة متطلبات بقائهم فيها عدة أيام مشمولة بقدرته على إقامة (الأكواخ  والخيام للمبيت وإعداد الطعام مع اكتساب القيم الدينية وتنمية السلوك القويم والذي يتحقق تلقائيا بمحاولتهم مساعدة الآخرين.
كما يتركز التدريب الكشفي على تهيئة الشبيبة بصورة صحيحة على استثمار عنفوان شبابهم في خدمة المجتمع الذين ينتمون إليه وجدانيا وعقلانيا بحيث تتصدر تلك الاهتمامات جل فكرهم وطموحهم , لتحل في نفوسهم وشخصيتهم كلمة (نحن) بديلا عن  كلمة (أنا) النرجسية المقيتة المكبلة للتكافؤ الاجتماعي.
وأضاف أوغلو ملاحظة هامة قال فيها: إن أقصى مانحتاجه الآن في مجتمعاتنا العربية هو الشروع بتعميم ثقافة التعاون المجتمعي والتعاون بين أفراد المجتمع لتكون هذه الثقافة والخاصية إحدى العوامل الرئيسة في التكاتف والتآلف الإنساني في المجتمعات. ومن هنا تظهر أهمية وفائدة الحركة الكشفية في المجتمع. وحقيقة فإنني من خلال ملاحظاتي أثناء اشتغالي بتدريب الشباب  بمختلف مراحل الكشافة وجدت أن هناك ميلا عفويا عند هولاء في سبيل المساهمة في خدمة المجتمع وعبر هذه الجمعيات التي ترتقي إلى نوع من أنواع منظمات المجتمع المدني والذي باستطاعة الجميع المشاركة به وخصوصا أن الكشافة حركة عالمية بعيدة جدا عن كل شكل من أشكال التمييزالطبقي والعرقي والديني، بل هي الحاضنة للتكاتف الاجتماعي الوطني.

تعليق عبر الفيس بوك