إيران وتركيا تجريان مناورات حدودية وأمريكا تحذر رعاياها والعراق يهدد بقوة لا يملكها

رغم تهديدات 4 دول .. كردستان يستفتي شعبه

 

 

  • وقف الرحلات الجوية الإيرانية من وإلى كردستان
  • بارزاني يتعهد بمواصلة التفاوض مع بغداد.. لكن بعد الاستفتاء

 

 

الرؤية – الوكالات

رغم أن نتائج الاستفتاء الذي يشهده إقليم كردستان اليوم غير ملزمة، إلا أنه نجح في خطف كل الأضواء فجأة من باقي قضايا الشرق الأوسط التي لا تتوقف عن الاشتعال، ولم تنجح الضغوط العراقية والتركية والإيرانية بل والأمريكية في تعطيل قطار الاستفتاء عن مساره، إذ أكد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق أمس المضي قدماً في الاستفتاء على الانفصال، بالرغم من تزايد المعارضة الدولية لهذا الإجراء، مؤكدا أنّ الانفصال وحده يتيح للأكراد ضمان سلامتهم، وتعهد بالسعي لإجراء محادثات مع الحكومة المركزية في بغداد بشأن نتائج الاستفتاء.

وتقول حكومة كردستان إن التصويت سيعترف بفضل المساهمات الكردية الضرورية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن فر أمامه الجيش العراقي في 2014 مما أسفر عن سيطرة التنظيم على نحو ثلث البلاد. والهدف من الخطوة هو منح حكومة إقليم كردستان تفويضا شرعيا للتفاوض على أساسه على الانفصال بمنطقة الحكم الذاتي مع بغداد ودول الجوار.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أمس أن القوات الإيرانية تجري مناورات عسكرية في منطقة قرب الحدود مع إقليم كردستان العراق قبل ساعات من استفتاء على استقلال الإقليم.  وقالت تركيا أيضا أمس إن طائراتها نفذت ضربات جوية ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني المحظور في منطقة غارا بشمال العراق بعد أن رصدت مسلحين يستعدون لهجوم على مواقع للجيش التركي على الحدود.

وقالت إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن التدريبات، وهي جزء من فعاليات سنوية تنظمها إيران في ذكرى اندلاع الحرب مع العراق والتي استمرت من 1980 إلى 1988، تجري في منطقة اشنويه الحدودية. وذكرت الإذاعة أن التدريبات ستشمل وحدات من المدفعية والمدرعات وأخرى محمولة جوا.  ووقوع اشتباكات مع جماعات مسلحة كردية إيرانية تتمركز في العراق أمر شائع إلى حد ما في المنطقة الحدودية.

ضغوط إيرانية وتركية

وأوقفت إيران رحلاتها الجوية من وإلى كردستان العراق أمس ردا على خطة من حكومة الإقليم التي تتمتع بحكم ذاتي لإجراء استفتاء على الاستقلال عن العراق. وحظر الرحلات الجوية هو أول إجراء انتقامي ملموس ضد الاستفتاء الكردي الذي يجرى اليوم والذي ترفضه حكومة بغداد وجارتاها القويتان إيران وتركيا.

وقالت وكالة فارس الإيرانية للأنباء إن طهران أوقفت الرحلات الجوية إلى مطاري أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق تلبية لطلب من الحكومة المركزية في بغداد.

وقال بيان عسكري في أنقرة إن طائرات تركية دمرت مستودعات أسلحة ومخابئ يستخدمها مسلحو حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وتنفذ القوات الجوية التركية ضربات جوية متكررة على حزب العمال الكردستاني في شمال العراق حيث يتمركز قادته. وصوت البرلمان التركي يوم السبت لصالح تمديد تفويض بنشر قوات تركية في العراق وسوريا لمدة عام.  

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم "تركيا لن تتغاضى أبدا مع أي تغيير للوضع أو أي تشكيلات جديدة على حدودها الجنوبية.... حكومة إقليم كردستان ستكون المسؤولة بالأساس عن التطورات المحتملة بعد هذا الاستفتاء".

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد صرح بأنه مستعد للتدخل عسكريا إذا أسفر استفتاء استقلال إقليم كردستان عن العنف. وقال العبادي في مقابلة خاصة مع وكالة "أسوشييتد برس" إنه إذا كان السكان العراقيون "مهددون باستخدام القوة خارج القانون فإننا سنتدخل عسكريا". وأكد العبادي أن التصويت هو "تصعيد خطير" يدعو إلى انتهاك سيادة العراق. وحذر العبادي الأكراد من "اللعب بالنار" بإجراء استفتاء على الاستقلال.

 

تحذيرات للأمريكيين

ومن جانبها، أصدرت السفارة الأمريكية في العراق تحذيرا لرعاياها من اضطرابات محتملة أثناء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق الذي تخطط السلطات الكردية في شمال البلاد له يوم الإثنين رغم معارضة الحكومة المركزية في بغداد.

وقال تحذير السفر "وبالأخص يجب على المواطنين الأمريكيين تجنب السفر إلى أو داخل المناطق المتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان وحكومة العراق".

ولم تستجب حكومة كردستان لدعوات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا لتأجيل الاستفتاء. كما تعارض إيران وتركيا بشدة الاستفتاء خشية أن يؤجج النزعة الانفصالية بين الأكراد فيهما.

ورغم كل هذه التحذيرات الدولية، بدأت حكومة كردستان العراق أمس نقل صناديق الاقتراع إلى مراكز التصويت استعدادا لاستفتاء على استقلال الإقليم اليوم.

 

5 ملايين يبحثون عن دولة

ويشارك اليوم نحو خمسة ملايين نسمة في مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال العراق في استفتاء غير ملزم على الاستقلال.  وسيجيب المشاركون في الاستفتاء بنعم أو لا على سؤال "هل تريد إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج إدارة الإقليم أن تصبح دولة مستقلة؟"

ويحق التصويت لجميع السكان المسجلين الأكراد وغير الأكراد في المنطقة الخاضعة للأكراد بشمال العراق. وتشمل المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد مناطق داخل الحدود الرسمية لإقليم كردستان ومناطق محيطة سيطرت عليها قوات البشمركة خلال حربها مع الدولة الإسلامية. وتقع كركوك خارج إقليم كردستان وتطالب بغداد بالسيطرة عليها.  وسيسمح للنازحين داخليا من المناطق المتنازع عليها بالتصويت. كما سيسمح للأكراد العراقيين المقيمين بالخارج بتقديم بطاقات اقتراع إلكترونية يومي 23 و24 سبتمبر.  وتعارض الأمم المتحدة الاستفتاء وتقول إنها لن تشارك في العملية.

وتعتقد بغداد أن التصويت قد يحدث انقساما فوضويا بالعراق في الوقت الذي يكافح فيه من أجل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. وهي تعرض إجراء محادثات لحل النزاعات على الأراضي وموارد الطاقة والمشاركة في السلطة بما في ذلك وضع منطقة كركوك المتعددة الأعراق الغنية بالنفط. ويخشى جيران العراق من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد. وبتركيا أكبر أقلية كردية بالمنطقة، وهي تقاتل لإنهاء تمرد كردي في جنوبها الشرقي منذ عام 1984. أما الأكراد الإيرانيون فقريبون ثقافيا من أكراد العراق ويتحدثون اللغة الكردية ذاتها. كما أن طهران قريبة من الأحزاب السياسية الشيعية التي تحكم العراق أو تتولى مواقع أمنية أو حكومية مهمة منذ عام 2003. والاستفتاء يعارضه الجميع تقريبا بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة خشية زعزعة استقرار العراق في وقت لم تضع فيه الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية أوزارها.

وكركوك مدينة متعددة الأعراق تقع خارج إقليم كردستان ويقطنها أكراد وتركمان وعرب ومسيحيون آشوريون. ولدى كركوك احتياطيات نفطية كبيرة وهي تصدر النفط الخام من خلال خط أنابيب عبر البحر المتوسط يمر من إقليم كردستان العراق وتركيا. وإذا قررت تركيا إغلاق خط الأنابيب فسيحرم ذلك حكومة كردستان في أربيل من معظم دخلها من العملة الصعبة.

 

النفط أصل الخلاف

ينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل نفط يوميا من حقوله بما في ذلك حوالي 150 ألف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها. ويمثل إنتاج الإقليم 15 في المئة من إجمالي الإنتاج العراقي ونحو 0.7 في المئة من إنتاج النفط العالمي. وتطمح حكومة إقليم كردستان إلى إنتاج ما يربو على مليون برميل نفط يوميا بحلول عام 2020.

الأكراد هم أكبر مجموعة عرقية ظلت بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا، القوتان الاستعماريتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى، الإمبراطورية العثمانية. وظل حوالي 30 مليون كردي بالمنطقة متناثرين في أربع دول هي العراق وإيران وتركيا وسوريا وعانوا جميعا الاضطهاد وكثيرا ما حرموا من الحق في التحدث بلغتهم. وفي عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عانى الأكراد حملات لاقتلاعهم من مناطقهم ولهجوم بالأسلحة الكيماوية.

وتهيمن شركات نفط متوسطة الحجم مثل جينيل ودي.إن.أو وجلف كيستون ودانة غاز على إنتاج النفط في كردستان. ولدى شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وروسنفت مشروعات أيضا في كردستان لكن أغلبها في المرحلة الاستكشافية. غير أن شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت أقرضت حكومة إقليم كردستان ما يزيد على مليار دولار بضمان مبيعات النفط وتلتزم بأربعة مليارات دولار إجمالا لمشاريع مختلفة في كردستان. وأقرضت مؤسسات تجارية دولية، مثل فيتول وبيتراكو وترافيجورا وجلينكور، نحو ملياري دولار إجمالا لكردستان بضمان مبيعات النفط. وقدمت تركيا أيضا 1.5 مليار دولار في المجمل دعما لأربيل في العامين الأخيرين.

 

تعليق عبر الفيس بوك