عملية السلام و"الواقع الجديد"

 

 

بعدما دخلت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في حالة جمود غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، وفاقم من استمرار التجاهل لهذه القضية المحورية في منطقة الشرق الأوسط، ما مرت به دول عربية من اضطرابات سياسية واقتصادية وتغير أنظمة حكم، وما تلا ذلك من مرحلة مخاض عسير تمر بها المنطقة الآن لولادة منظومة جديدة في هذه البقعة الساخنة من العالم.

اللقاء الذي عقده الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، لأوَّل مرة أمس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أحدث حالة من الحراك في المياه الراكدة بملف عملية السلام في الشرق الأوسط، ويتزامن ذلك مع التحركات المتتالية في الداخل الفلسطيني بين الفصائل، لاسيما في قطاع غزة، والاستحقاقات التي ينتظرها الفلسطينيون لبدء استعادة الحقوق المسلوبة.

المباحثات المصرية الإسرائيلية لم تكن وليدة اللحظة، فقد سبقتها ترتيبات جرت في الأردن، وعلى مستوى المباحثات الثنائية بين مصر وأمريكا من جهة، ومصر وروسيا من جهة أخرى، علاوة على الأطراف الأخرى ذات العلاقة، والتي تسعى لاستئناف مفاوضات السلام مجددًا، وعودة مياه المباحثات المتوقفة.

التصريح الرئاسي المصري بأن إعادة إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ستسهم في إحداث "واقع جديد في الشرق الأوسط"، يحمل العديد من الدلالات التي يتعين التوقف عندها، وتحليلها بدقة مُتناهية، بسبب ما تمر به المنطقة من متغيرات ستصنع بالفعل- إذا ما اكتملت ونضجت- تغييرا جذريا في المنطقة.

والحديث عن واقع إقليمي جديد، يستدعي على الفور ما أثير من سنوات عن "شرق أوسط كبير"، لذلك فإنّ استبيان ذلك "الواقع الجديد" مسألة ضرورية لا مناص منها، خاصة وأن سوريا تواجه خطر التقسيم بعد حرب طاحنة أهلكت الحرث والنسل، والعراق ربما يفقد أغلى منطقة وهي إقليم كردستان، إضافة إلى ما يجري على الأرض الليبية من ممارسات يبدو وكأنها تمهد الطريق لليبيا جديدة، وكذلك الحال في اليمن والصراع الدائر هناك على أشده.

إنَّ السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط لن يتحقق، إلا عندما تعود الحقوق جميعها إلى أصحابها، ويُدرك الجميع أن الأرض العربية ملك للإنسان  العربي، الذي ضحى بدمائه، في سبيل أن تبقى محررة من أي احتلال كان، لكن الواقع يشير إلى صعوبة بلوغ ذلك في الوقت الراهن.. فلينتظر الجميع!

تعليق عبر الفيس بوك