مجالس الإدارات المؤقتة..أولى خطوات تجميد نشاط الأندية !

الرُّؤية - وليد الخفيف

عُزُوف وابتعاد عن مناصب مجلس إدارات الأندية، وتهافُت على كراسي الاتحادات واللجان الرياضية.. العزوف ناتجٌ عن سبب وحيد هو الديون التي تُحيط بأغلبية الأندية. أما التهافت على منصب من المفترض أنه تطوُّعي، فأسبابُ ذلك كثيرة ومتشعِّبة ومُغلَّفة بالمنافع، ورُبما أتت الرغبة في تطوير الرياضة المعنية في آخر الأولويات.

العثرات المالية التي تعيشها مُعظم الأندية الرياضية أدَّت لاستقالات مجالس إدارات عِدَّة فضَّلت الرَّحيل واعتزال العمل الإداري، والبعضُ الآخر ينتظر انتهاء فترة ولايته للحاق بالراحلين، وبات عدم الترشح والعزوف ظاهرة الموسم ذات الطابع المؤقت غير المستقر.

المراقبون من جِهَتهم أكَّدوا أنَّ عَوائد الأندية الناتجة عن الدعم الحكومي والتسويق والاستثمار، لا تفي حدَّ الإنفاق على فرق النادي ومناشطه؛ فالدعم الحكومي الذي مَضَت مُعظم الدول في التخلص منه لا يزال قائماً ويُقدَّم بشكل سنوي، بل تضاعفتْ قيمته المالية عِدَّة مرات في السنوات الخمس الأخيرة، ولكن الزيادة في الدعم قابلتها زيادة في الإنفاق.

التسويق والاستثمار كانا الحلَّيْن الناجعيْن لعثرات الأندية بحسب ما يرى مراقبون، غير أنَّ عوائد الملفيْن الغائميْن لا تزال "نثرية"، لا يعتبرها المتخصِّصون في المجال المحاسبي بنودا أساسية لموازنة مستقلة؛ فتأجير ملعب مُعشَّب، أو محل تجاري، لا يعبرونه استثمارا حقيقيا. وما زاد الأمر تعقيدا رقود الاستثمار العقاري في الآونة الأخيرة؛ مما أثر سلبا على عوائد الموازنة بشكل عام.

وأعلنتْ بعضُ الأندية في مُناسبات عِدَّة عن مشاريع استثمارية "عملاقة"، غير أنَّ النسبة الغالبة من تلك المشاريع لا تزال رسما على ورق، لم تَرَ النور؛ فحجر الأساس ما زال رمزا تاريخيا في واجهة بعض الأندية دون أن ينقل إلى أرض الواقع.

ولم تجد الجهة الإدارية -وزارة الشؤون الرياضية- بُدًّا إزاء استقالات وعزوف البعض عن الترشح لمجالس إدارات الأندية غير تعيين مجالس الإدارات المؤقتة -90 يوما- لحين انعقاد أول جمعية عمومية تدرج في جدول أعمالها انتخاب مجلس إدارة جديد، قاصدة بذلك مواجهة الفراغ الإداري، وإنْ كانت المشكلة الحقيقة تكمُن في مرور الفترة الزمنية المحددة للمجلس المؤقت، دون أن يُبْدي الكثيرون رغبتهم في الترشح؛ الأمر الذي يُهدِّد بتعيين مجلس مؤقت مرة ثانية؛ فمَنْ يستطيع أن يُسدِّد مديونية سابقة تزامنا مع توفير الاعتماد المالي للإنفاق على الموسم الجديد في ظل محدودية الدخل العام للنادي؟!

ويَلُوْح في الأفق عَزْم بعض الأندية تجميد نشاطها، بعدما تجاوزتْ مديونياتها الحدود الحمراء، ولم يعد بوسعها السداد وتحمُّل أعباء جديدة، إثر المشاركة في مُنافسات الموسم المقبل؛ فالطليعة ومجيس -على سبيل المثال- اتخذا هذا القرار في وقت سابق في لعبة كرة القدم على مستوى الفريق الأول، بقصد التقاط الأنفاس، وتعديل الأوضاع الداخلية، قبل اتخاذ قرار العودة لغمار المنافسة.

وأرْجَع المراقبون تراكمُ الديون إلى السياسة المالية الخاطئة التي تنتهجها بعض الأندية، واعتمادها على بنود هشة مُتغيِّرة مُستمدَّة من مِنح وعطايا مُحبي النادي وداعميه. مُعتبرين أنَّ هذه البنود لا يمكن الاعتماد عليها في وضع السياسة المالية العامة للنادي. واختلف المراقبون حول جدوى دمج الأندية كحل لمواجهة الديون والتقليل من حدِّ الإنفاق؛ فيرى المؤيدون أنَّ الدمج بات حلا للأزمة أسوة بتجربة بعض الدول التي انتهجت ذلك لمواجهة الأعباء المادية، معتبرين أن التوجه سيسهم في تقوية النادي المدمج ليصبح أكثر قوة من الناحية المادية والفنية والجماهيرية. وفي المقابل، عارض آخرون فكرة دمج الأندية، مُؤكدين أنَّ الأندية المدمجة لم تحقق الطفرة النوعية المنتظرة، وأنَّ الدمج أثر سلبا على القوة الجماهيرية للأندية المدمجة.

واستقبلتْ الأندية حرارة الصيف باستقالات متتالية، فرحلتْ إدارة العروبة التي كان يترأسها الشيخ عبدالله المخيني وعينت الوزارة مجلسا مؤقتا لمدة ثلاثة أشهر برئاسة محمود المخيني، كما عينت أيضا مجلسا مؤقتا لإدارة نادي جعلان برئاسة سليمان بن عامر الراجحي، ومجلسا مشابها لنزوى برئاسة حمدان بن ناصر الرميضي، وكذلك الحال لنادي الخابورة وأهلي سداب، ويلوح في الأفق المزيد، عطفا على الظروف الراهنة.

وَوَصَف المراقبون عَطَاء القطاع الخاص بالشحيح، مقارنة بالأرباح التي يُحقِّقها، والتسهيلات التي تقدمها له الحكومة.. وأشاروا إلى أنَّ عدداً قليلاً من شركات القطاع الخاص تحرصُ على شراكة الأندية من باب المسؤولية الاجتماعية، أما النسبة الغالبة فلا تتحمل أي مسؤولية مجتمعية؛ لأنها مؤسسات ربحية فقط.. مشددين على أنَّ فرض الشراكة على تلك الشركات بات واجبًا.

وتعتمدُ بعض الأندية على دَعْم محبي النادي وداعميه دون أن تمتلك موازنة ثابتة يمكن بمقتضاها وضع الميزانية السنوية الدقيقة، وتعانِي هذه الأندية من تقلب في مستوى أنديتها، فكلما كان العطاء حاضرا كانت النتائج جيدة، والعكس. لذا؛ أكَّد كل المراقبين أنَّ العائد من هذا البند لا يمكن أن يكون من ضمن البنود الأساسية للموازنة، وإنما يأتي تحت بند العوائد المشكوك في تحصيلها برقم تقريبي.

تعليق عبر الفيس بوك