قصص قصيرة

حَدَثَ غدًا

لميس الزين – حلب - سوريا


(نجاة)
كان عليَّ مغادرةُ الماءِ دونما إِبطاءٍ؛ فقناديلُ البحرِ بدأتْ تنتشرُ وقِرشٌ ضخمٌ يلوحُ من بعيدٍ.
حمدْتُ الله أنْ خرجتُ في الوقتِ المناسبِ؛ لكنني نسيتُ أنني سمكة.
(ارتكاس)ء
تلك الرائحةُ عششتْ في رأسهِا طوالَ العشرين عامًا التي مضت على بلوغِها، تبزغُ كلَّما قاربَها زوجُها، فتشكِّلُ سدًا صَلدا تحُولُ بينهما؛ أنفاسٌ برائحةِ التَّبغِ والعرقِ هي كلُّ ماتبقى في مخيلتها من ملامحِ زوجِ أمِّها.
 (صَرْخَة)
جَفَلَ، فالمدينةُ قَدْ خَلَتْ مِنْ أَناسِيّها، وعَجَّ المَكَانُ بمُتَحَوِّلات؛ بَعْضُها كانَ بأذْرعَ مُتطاولةٍ، وأُخَرُ بأَشْدَاقٍ فَاغِرَةٍ تَبْتَلِعُ ما حَوْلَها. حاولَ أنْ يَنْبِسَ، احتبسَ صَوتُهُ. انكفأَ، مُلصِقاً ظَهْرَهُ إِلى جِدَارٍ.  بَدَأَتْ الهَوَامُّ زَحْفَها نَحْوَه؛ يَدٌّ مُسْتَدَقَّةٌ تَمْتَّدُّ بِاتجاهِ حَنْجَرَتِهِ. جَلجَلَ دَوِّيٌ مَكْتُومٌ في كَهْفِ ذَاتِهِ المُهَشّمَة.
 (لقاء)
في تلك الليلةِ الموحشةِ، كنتُ أهيمُ على غير هُدى في شوارعِ المدينةِ الجاحدةِ، أساكنُ أرصفتَها، أتسكعُ معَ أعمدةِ النُّورِ، أطلبُ الدفءَ من كلمةٍ عابرةٍ، وأضاجعُ الأحلامَ البغيّةَ.
بكيتُ على كتفِكَ دهرًا، مَسحتَ دموعي، لملمتَ شَعري، وأعدتَني لمهدي. غططتُ كما لم أفعلْ منذُ قرونٍ، وأكملتَ نومتَك في سريرِك، في النصفِ الآخرِ من الكرةِ الأرضيةِ.

تعليق عبر الفيس بوك