وكالة "رويترز" للأنباء تبث تقريرا موسعا عن المستقبل الواعد للمنطقة مع سعي السلطنة لجذب رؤوس الأموال

اهتمام دولي بنمو الاستثمارات في "اقتصادية الدقم" مع انطلاق أولى خطوات إنشاء المنطقة الصناعية الصينية

 

 

 

◄ التوجه نحو جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية يترجم جهود تعزيز التنويع الاقتصادي

◄ الشركات الصينية تتجه لضخ 10 مليارات دولار في الدقم

◄ الدقم نقطة نجاح مُبادرة "الحزام والطريق" الصينية

◄ الشركات الصينية تؤسس قاعدة قرب أسواق التصدير والمواد الخام

 

 

مسقط - الرؤية

 

يتواصل الاهتمام الدولي بنمو الاستثمارات الأجنبية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وذلك مع انطلاق الأعمال الإنشائية في المنطقة الصناعية الصينية، في هذه المدينة الواعدة الواقعة في مُحافظة الوسطى.

وسلطت وكالة رويترز للأنباء الضوء على المستقبل الواعد للمنطقة الاقتصادية في الدقم عبر تقرير موسع خاص، الأمر الذي يؤكد أنَّ جهود الترويج للسلطنة تؤتي ثمارها، وهو ما يُحقق تطلعات السلطنة نحو تعزيز التنويع الاقتصادي للبلاد، وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي في تمويل الميزانية العامة للدولة.

وقالت الوكالة في تقريرها إنَّ معدات البناء التي جلبها كونسرتيوم صيني تعمل على تمهيد مساحة شاسعة من الرمال في الدقم بمحاذاة الساحل الجنوبي للبلاد، في خطوة أولى نحو استثمار مليارات الدولارات.

 

 

وعلى مدى السنة الماضية، صار الصينيون عنصرًا رئيسياً في جهود السلطنة الرامية لتحويل الدقم، قرية الصيد الواقعة على بعد 550 كليومترا جنوبي مسقط، إلى مركز صناعي يُساهم في تنويع موارد اقتصاد البلاد وتقليص اعتماده على صادرات النفط والغاز. وفي نموذج شهدته معظم مناطق الشرق الأوسط، تلتقي المصالح الاقتصادية للحكومتين العُمانية والصينية بطريقة تبشر بتدفق رؤوس الأموال الصينية على المنطقة في السنوات القليلة المُقبلة. وتضررت المالية العامة العمانية بشدة جراء هبوط أسعار النفط، ومن ثم تسارع السلطنة إلى جذب أموال أجنبية إلى مناطق صناعية جديدة ستوفر فرص عمل للعُمانيين، في ظل تراجع معدلات التوظيف في القطاع الحكومي، وأن الدقم أكبر تلك المشروعات.

"الحزام والطريق"

وبالنسبة للصين، يمثل المشروع نقطة نجاح محتملة في مُبادرتها "الحزام والطريق" التي تدعمها الحكومة وتهدف لجذب صفقات تجارية واستثمارية على طول مسارات تربط الصين بأوروبا. فالدقم المطلة على بحر العرب تشكل قاعدة تشغيل محتملة للشركات الصينية قرب أسواق التصدير التي تريد تطويرها في الخليج وشبه القارة الهندية وشرق أفريقيا. كما أن الدقم قريبة من بعض موارد المواد الخام التي ستحتاجها الشركات الصينية لهذا الغرض، وهي موارد النفط والغاز في الخليج.

وقد ينتج عن ذلك منافع كبيرة للدقم. ويقول علي شاه الرئيس التنفيذي لشركة عُمان وان فانج، الكونسرتيوم الصيني، إن الشركات الصينية تستهدف استثمار ما يصل إلى 10.7 مليار دولار هناك في نهاية المطاف.

وإذا بلغت الاستثمارات هذا المستوى، وهو أمر ليس مؤكدًا بأي حال في ضوء طول الإطار الزمني الذي يمتد لعدة سنوات وكثرة الضغوط الواقعة على الشركات الصينية، فإنها ستعادل أكثر من نصف المستوى الحالي لإجمالي الاستثمار الأجنبي المُباشر في السلطنة.

وقال علي شاه لرويترز "الدقم ليست مثل جدة أو دبي. فهي ما زالت جديدة، وتحتاج وقتاً لتطويرها. لكننا في وان فانج نعتقد أنَّ مستقبل الدقم سيكون أفضل من تلك المدن في منطقة الخليج".

وتروج الدقم لموقعها باعتباره وجهة جذابة، ليس فقط لقربها من مسارات التجارة البحرية، بل أيضًا لوقوعها خارج مضيق هرمز وهو قد ينأى بها عن الصراع إذا تصاعدت التوترات الإقليمية.

وفي عام 2009، شكلت الصين أقل من واحد بالمئة من الاستثمار الأجنبي المباشر في الشرق الأوسط، وفقاً لما ذكره مشروع تشاينا ميد للأبحاث في معهد تورينو للشؤون الدولية بإيطاليا. لكن هذا الوضع يتغير سريعاً لأسباب من بينها مبادرة "الحزام والطريق"، إذ زادت النسبة عن خمسة بالمئة في 2015.

وكانت الصين أكبر مُستثمر أجنبي في العالم العربي في 2016، حيث تعهدت بضخ أموال جديدة قدرها 29.5 مليار دولار وفقاً للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات في الكويت. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية باستثمارات قيمتها سبعة مليارات دولار.

وتضم المنطقة المحيطة بالدقم ميناء وحوضاً جافًا، كما ستشمل مصفاة نفط تقام بمساهمة أموال كويتية إلى جانب مصانع للبتروكماويات.

وتخطط عُمان وان فانج لتطوير ما يربو على 11 كيلومترا مربعا، مما يجعل الصينيين أكبر المستأجرين الأجانب المحتملين في الدقم بفارق كبير. ومن المنتظر أن يستكملوا أولى منشآتهم في غضون 18 شهرًا، وهي مجمع بقيمة 138 مليون دولار لتخزين مواد البناء وتوزيعها في أنحاء المنطقة.

وجرى الاتفاق من حيث المبدأ على خطط لتسع منشآت صينية أخرى، من بينها مصنع للميثانول بتكلفة 2.8 مليار دولار ومصانع للأنابيب ومصنع لتجميع السيارات بقيمة 84 مليون دولار وفندق بقيمة 203 ملايين دولار، ومن المتوقع استكمالها في غضون خمس سنوات.

استثمارات أجنبية

وتسعى عمان لاجتذاب رؤوس أموال للدقم من دول كثيرة. وكانت السلطنة تأمل بصفة خاصة بجذب استثمار من إيران، التي تقيم معها علاقات دبلوماسية وثيقة، لكن الاقتصاد الإيراني يواجه صعوبات.

وفي يناير 2016، اتفقت مجموعة إيران خودرو الصناعية، أكبر شركة لصناعة السيارات في إيران، على دراسة اقتراح ببناء مصنع سيارات بتكلفة 200 مليون دولار في الدقم، لكن لم يتم الكشف عن أي تقدم منذ ذلك الحين.

ويجعل ذلك من الصينيين أفضل رهان للدقم، على الأقل في الوقت الحالي. ويضم كونسرتيوم عمان وان فانج ست شركات صينية، كثير منها من منطقة نينغشيا هوي المتمتعة بحكم ذاتي في شمال الصين، وهي منطقة تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين الذين يلعبون دورا فعالاً في تعزيز العلاقات التجارية مع الدول العربية.

وتظهر عمليات عمان وان فانج مدى دعم مشروع "الحزام والطريق" للاستثمارات الصينية في الخارج. ويقول الكونسرتيوم إن شركاته هي شركات خاصة ولم يعلن عن تلقي أي دعم مالي مباشر من بكين، لكنه يحظى بالدعم السياسي.

وفي أبريل، زار نائب حاكم منطقة نينغشيا الدقم لوضع حجر أساس المنطقة الصناعية الصينية وإعلان دعم اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين للمشروع. وذلك الدعم الرسمي يساعد "عمان وان فانج" في المفاوضات مع الحكومة العُمانية وقد تساعد المستثمرين الصينيين في الدقم في الحصول على قروض من البنوك الصينية التي تسيطر حكومة بكين على الكثير منها.

وفي علامة على تنامي الروابط المالية بين البلدين، اقترضت الحكومة العُمانية 3.55 مليار دولار من مؤسسات مالية صينية الشهر الماضي، في أكبر اتفاق قرض على الإطلاق لمقترض خليحي في السوق الصينية.

تعليق عبر الفيس بوك