نعم.. ولكن للأسف الشديد!!

 

حمود بن علي الطوقي

في العديد من الحوارات والجلسات النقاشية؛ والتي عادة تتناول هموم الوطن والمواطن بغية تقديم الأفضل الذي يكون بالنفع على الفرد والمجتمع نرى أن عبارة "ولكن للأسف الشديد" تستحوذ على مساحات كبيرة من المداخلات والتعليل الذي يكون كحجة في هذه المداخلات، إنّ ثمة إشارة وأصابع اتهام تلوح إلى تقصير المسؤولين في تطبيق وتنفيذ القرارات الاستراتيجية التي كانت تطرح سواء على هيئة دراسات أو تلكم الأوامر الصادرة مباشرة من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- أو غيرها من القرارات هي بمثابة خارطة الطريق لو تمّ تطبيقها في وقتها.

ما يؤخر ترجمة تلكم القرارات على أرض الواقع وحسب ما يتداول في نقاشاتنا وحواراتنا يعود في المقام الأول إلى مزاجية المسؤول الذي يرى في هذه المقولة "لا أريكم إلا ما أرى" السبب في نسف ورفض أي قرار مهما كانت أهميته معتبرا رأيه الوحيد الذي يحتمل الصواب، وبذلك يغلق الملف وتتلاشى الأمنيات والآمال.

بالأمس القريب كنت أشارك في إحدى الجلسات النقاشية التي ينظمها مجلس الخنجي؛ ويستضيف مسؤولين بشكل منظم للحديث عن بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم الفرد والمجتمع، وكان ضيف الحلقة النقاشية سعادة الأخ سلطان بن ماجد العبري عضو مجلس الشورى ممثلا عن ولاية عبري، وتركز النقاش حول موضوع "الأمن المائي والغذائي" وهو من المواضيع المهمة التي تحتاج إلى عمل دؤوب وفكر مستنير من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.

حقيقية كان حديثا واقعيا ذا شجون وكشف لنا عن التحديات التي تواجه قطاعنا المائي والغذائي والحيواني، وماذا يجب أن نفعله حتى نواكب الركب في واحدة من أهم المطالب لتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ ليكي ينعم المواطن في رخاء وأمان في المستقبل بسبب تقلبات الحياة. اللغة التي كان يستخدمها ضيف هذه الجلسة لم تبتعد عن تكرر عبارة "ولكن للأسف الشديد" في إشارة إلى وجود قصور في تطبيق مطالب جوهرية بسبب تعنت المسؤول.

 

استدل في طرحه على أنّ موضوع الأمن المائي والغذائي كان هاجسًا، وقد قال جلالته حفظه الله في خطابه إلى شعبه الوفي منذ عام ١٩٧٥: "أيّها المواطنون، عمان العزيزة تزخر بالخير وخيراتها ملك لشعبها الأبي، وتابع قائلا: وإذا كانت عائدات النفط هي المصدر الرئيسي لدخلنا الحاضر فإننا ندرك أنّ لدينا مصادر أخرى وفيرة لابد من استثمارها لندفع عجلة التنمية والتطور بالسرعة التي نرجوها لهذه البلاد، ومن هذا المنطلق استحدثنا في العام الماضي وزارة للزراعة والأسماك والنفط والمعادن لتقوم بخدمات الأبحاث الزراعية والمائية وأبحاث تربية المواشي وأبحاث التربة لرفع مستوى المزارع العماني، وربطه بأرضه الحبيبة، إضافة إلى الأبحاث في وقاية المزارع والحيوانات من الأمراض والآفات التي قد تصيبها".

انتهت كلمة جلالة السلطان حفطه الله والتي تتبنى مشروعا بحثيا لرفع مستوى الإنتاجية ولتكون الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية أحد أهم بدائل مصادر الدخل بعد النفط.. ونتساءل بعد مرور 47 سنة من النهضة المباركة أين ذهبت المزارع ومن يديرها؟ وما حجم استيرادنا من الخارج؟ وأين ذهبت وتقلّصت النخلة ولماذا لم نحافظ على ثرواتنا المائية والحيوانية؟

أسئلة كثيرة تدور في أذهان الكثيرين وعندما تطرح هذه الأسئلة وغيرها فالرد الذي نتوقعه من سردنا للحقائق عبارة "ولكن للأسف الشديد".

 

إنّ المرحلة القادمة يجب أن تكون حاسمة، وأن نعمل جميعا مسؤولين ومواطنين من أجل الرقي بهذا البلد كما أراد جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية ونجتهد في تحقيق مكاسب الوطن بإخلاص، ونرتقي بمسؤولياتنا بعيدا عن تحقيق المصالح الشخصية، ولتكن المصلحة شعارا نعمل من أجله، وحتما ستتغير الأمور إلى الأفضل وسنحقق للأجيال القادمة ما كنا نتمناه لجيلنا.. والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.