البلدي والبيئة البلدية!

د. أحمد المعشني

البلدية هي سرُّ تعمير هذا الأرض، وصبغة هذا الوطن وملتقى المعاني والألفاظ والجمل التي تملأ هذا الفضاء الممتد المتسع الذي لا تُفسَّر عجائبه.

فكلُّ بلدٍ يَنسب إليها من سكنها، والبلدية تنسب إلى تلك البيئية المعشوقة؛ لتأثيرها على الناس وتأثيرهم عليها. فأفضلها عطاءً وأكبر أجلالاً هي خدمات بلدية ظفار التطوعية ودور هذه المؤسسة الخيرية التي تعتني بجميع خدمات الإنسان وتنظيم أموره بالمجَّان، بدءًا بحفر القبور وإقامة الشوارع والجسور وانتهاءً بتقديم أجمل أكاليل الزهور. فهي الوطن الواحد والهويَّة التي تتكوَّن منها كل الأقاليم والمناطق. فما أجمل عبارات عنوانها وطني.. وطني.. وطني. وما ألطف نسمات ونسايم محملة بالطل وقطرات الندى، يا بلدي فما أجمل.. هواءها.. وترابها.. ورفاتها في القلوب، كيف لا؟!

فالبلدية شعارها "بيئة البلد"؛ وذلك لتأثيرها على النفوس، والوطن، والمجتمع، ورعاية الطبيعة وحفظ مفردات البيئة. ويقع هذا الدور -خاصَّة في هذا الموسم- على كاهلها، تحت اسم "سياحة الخريف". لذلك يرجع ذلك التأثير إلى عمق المفعول النفسي والرعاية؛ فالرعاية: كلمة لها علامات ودلالات تاريخية وجغرافية دقيقة عميقة.

وللدولة جهودٌ جبَّارةٌ في رعاية أحضان الطبيعة وحمايتها وحفظ مفردات البيئة، ويقع هذا الدور -خاصة في هذا الموسم- على كاهل بلدية ظفار، تحت اسم "الخريف". ولذلك الدور وتلك الرعاية مفعول في النفس عميق يُثير الإعجاب والانتباه؛ فالرعاية: كلمة لها علامات ودلالات تاريخية وجغرافية في القلوب.

وفي هذه اللحظات الغامرة في ملتقى الكلمات وملتقى الأودية وملتقى الطرقات، وبينما أنا في حالة تأمُّل واستعادة شريط الذكريات وأسمى المعاني والمفردات شعرتُ بصوتٍ لافت، فإذا بفريق النظافة التابع لبلدية ظفار يخرج من معارك جمع القمامات -وهو مزوَّد ومدجَّج بجميع المعدات والأدوات- على شكل مفارز، كأنهم فصيلة جيش مُعدَّة لحرب الغابات في أدغال إفريقيا. وهم يلتقطون المخلَّفات ويمحون المشوهات الملقاة في البراح والمناخ وجميع الأمكنة.

فكيف ننسى الدور الفعَّال لهذه المؤسسة الرائدة في حرصها على النظافة وفرض الرقابة والإرشاد الدوري في تنظيم الأحياء، والقرى، والمدن، والمناطق، والشوارع. وتفعيل اللوائح الإرشادية والتعريفية في تعمير الواجهة السياحية لهذا البلد. كيف نغفل عن هذه المسحة الجمالية وما تقوم به البلدية لتصدي سلال المهملات التي تنبعث منها أكوام الأطعمة. كل هذه الأشياء قد لا تهم شخصًا ما بعينه، لكنها بالتأكيد تهم تراب هذا الوطن وطبيعته الجميلة التي أضفاه عليها خريف ظفار ومهرجان صلالة السياحي، الذي يزخر بالأنشطة الرياضية والسياحية، والفعاليات التراثية والثقافية، والأمسيات الأدبية التي تترجم ثقافة هذا البلد وتترنم بها الطبيعة ولسان حالها يشدوا ويحدوا بقوله:

يا أرض نهوى طيبها وترابها

طاب حليلها  بمصحة هواها

تهفوا إليها الفؤاد والقلوب مثيلها

حيّا بمزن هلل من الغادي رواها

شجاها ريح الصبا ومروج خضر

وديمة  تعلل  لم تبرح علاها.

تعليق عبر الفيس بوك