هذا الطريق ومخاطره.. إلى متى يتم الحل؟!

عبدالله العليان

مُنذ عِدة عقود، وحديثُ العمانيين والزائرين بين مسقط وصلالة لا يتوقف عن مخاطر وحوادث هذا الطريق مستمرة بين الفينة والأخرى، وعندما تزهق الأرواح فإنه لا بد من اتخاذ ما من شأنه إيجاد حلول تقي هذا الأرواح البريئة، فمع كثرة استخدام هذا الطريق -سواء للتجارة، أو لعبور المواطنين، أو للسياحة، أو للجوانب العسكرية أو غيرها- تصبح ازدواجية الطريق أولوية.

فقد أصبح مزدحماً وخطيراً وتزداد مخاطره كل عام، حيث إنَّ كثرة هذا الاستخدام أثر على أرصفة الطريق القديمة أيضاً، بسبب عمرها الافتراضي الذي مرَّت عليه عقود من الاستخدام، صحيح أن وزارة النقل والاتصالات قامتْ منذ عدة سنوات بتحسين بعض الأماكن التي استهلكت، ولم تعد صالحة للاستخدام في عبور المركبات، لكنها طريق غير مزدوجة، وهنا تكمن الإشكالية، وسبب المتعرجات الكثيرة في بعض المواقع، أصبحت تشكل خطراً على أرواح مرتادي هذه الطريق، خصوصاً الذين يستخدمون هذا الطريق لأول مرة، ومع أنَّ بعض المئات من الكيلومترات من الطريق المزدوج قد تم رصفه. لكنَّ الجزء الأهم لا يزال كما هو، قد يقول البعض إنَّ السبب في كثرة الحوادث، هم سائقو هذه المركبات وإهمالهم في القيادة من خلال السرعة، أو التهور وعدم التنبه لمخاطر هذا الطريق الطويل، لكنني أرى ويرى غيري أيضا، أن الطريق المزدوج يسهم إسهاماً كبيراً في التقليل من الحوادث وربما تكون المقارنة بين الطريق الحالية، والطريق المزدوج يصل إلى واحد في المائة في التقليل من الحوادث، لذلك فإنَّ التساؤلات الكبيرة كلها تتركز: لماذا لم يتم الاستمرار في تعبيد الطريق المزدوج منذ عدة سنوات، مع أنَّ هناك رصدا ماليًّا -كما سمعنا- لرصف هذا الطريق!

ومن الأسباب التي يطرحها البعض أنَّ الكثيرَ من مُرتادي هذا الطريق، وهو بالفعل كثير الاستخدام -كما أشرنا- لا توجد به أماكن جيدة للتوقف في استراحات وليس بها متطلبات لقضاء فترة للاستراحة؛ إما بسبب الإرهاق، أو عند الحاجة للنوم لساعات...إلخ، والاستراحات التي أقيمت منذ ثلاثة عقود تقريباً لم تعد صالحة لأكثر الزوار؛ كونها ليست جيدة للمبيت فيها من مرتادي هذا الطريق كما سمعنا من الكثيرين، والكل تحدث عنها من هذه الزاوية، والبعض عندما لا يجد مكانا مناسبا لقضاء فترة للراحة مع أسرته يواصل الطريق، مع أنه ربما يكون مرهقاً، وفي حاجة للنوم، وربما يتعرض لحادث في الطريق لو غفاه النوم وهو يقود المركبة، ولا يزال على هذا المنوال من الحوادث، لكنَّ الازدواجية لهذا الطريق من الضروري أن تأخذ أول الأسباب في هذه الحوادث.

ولعلَّ آخرها حادث الأسرة العمانية من الخابورة منذ أسبوعين، وكان الحادث مُؤلما وحديثَ الجميع، كما أنَّ على وزارة السياحة، أن تخطط لاستراحات تليق بسمعة بلادنا، وضمن خطط الوزارة التي أعلن عنها العام المنصرم (الإستراتيجية العمانية للسياحة 2040)- وهذا ما نتمنى النظر فيه سريعاً، فهي لا تُمثل ثقلاً على الحكومة، وإنما من خلال شركة مُتخصِّصة، تبني هذا الاستراحات وتديرها بعد ذلك، لكن قضية الحوادث الكبيرة التي تسبِّب الوفيات والإعاقات سنوياً تمثل مُشكلة كبيرة.

لا بد من اتخاذ خطوات سريعة، كتكملة هذا الطريق من حيث ازدواجيته، والذي تأخر كثيراً عما خطط له، وسمعنا عنه منذ سنوات، وأعتقد أن هذا الطريق الحيوي، ليس من الطرق العادية، بل مهم وشديد الأهمية والحركة به كبيرة، وتزداد عاماً بعد عام، وتكثر الحوادث بين الأبرياء خصوصا في هذا فصل موسم الخريف، وعشرات آلاف من الزوار من داخل السلطنة ومن خارجها، والمسؤولين بالوزارة وفي غيرها يدركون أهمية هذا لبلادنا لأسباب كثيرة.

ليس هذا مجال الشرح، لكن التأخير في استكماله يعني خسارتنا المزيد من أرواح الأبرياء من رجالنا ونسائنا وأطفالنا، ومن غيرهم من المقيمين والزائرين، ولا أعتقد أن إقامة المطارات في بلادنا أكثر أهمية من هذا الطريق، مع أهمية هذه المطارات ودروها السياحي والاقتصادي والاجتماعي، وربما تكون الطرق أهم في جوانب يتم تقديرها، لذلك فإنَّ استكمال هذا الطريق الذي لا يختلف أحد عن أهميته ضرورة وطنية أيضاً، منها كما قلنا: تسيير حركة المواطنين بين مدنهم، وإذا كانت الأزمة الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط، ربما أسهمت في تأخيره، فقد كانت الظروف قبل سنوات الأزمة النفطية مواتية لمواصلة العمل في ازدواجيته، لكننا لا نعرف أسبابَ هذا التأخير، وتقديم مشروعات أخرى عليه.

وأعتقد ليست أكثر أهمية منه في تقدير البعض، وربما للحق والإنصاف، أن وزارة النقل والاتصالات ليس بيدها هذا التأخير، حيث نراها تتحرك بكل جدية في الكثير من المشروعات المهمة، التي تستحق التقدير، وفي كل ما يُعزِّز الحركة الاقتصادية والسياحية، لكن توقيف استكمال هذا الطريق أمرٌ لافت، ونأمل أن تتم مراجعة الأولويات في المشروعات التي يتم اعتمادها، بناءً على تقييم الأهمية للمشاريع من كل الجوانب، وهى أقدر منا في هذا الأمر، وهذا الطريق تجمع على أهميته الغالبية من المواطنين والمعنيين بالحركة الاقتصادية والسياحية، ناهيك عن ضروراته الأخرى التي تقدرها جهات الاختصاص.

والبعض من خلال النقاشات والحوارات التي تمت، بعد الحوادث الأخيرة على هذا الطريق، قالوا: لماذا لا تُسهم شركات النفط، في هذا الطريق؟ وهي أكثر الشركات والمؤسسات استغلالاً واستفادة له، منذ رصفه قبل أكثر من ثلاثة عقود؟ وهذا أيضا واجب وطني من هذه الشركات لكي تُسهم مع الدولة، في ظل الظروف المالية الحالية، والبعض يقول: لماذا يتم فرض رسوم كثيرة على المواطنين في الكثير من المرافق الخدمية نتيجة هذه الأزمة؟

صحيح أن هذا واجب المواطن، أن يقف مع الدولة في الأزمات، لكن: لماذا يتساوى المواطن والشركات والمؤسسات في أعباء مالية واحدة في بعض الرسوم؟ أليس على شركات النفط والكثير من الشركات والمؤسسات الكبيرة أن تُسهم مع الدولة في رصف هذا الطريق المهم، باعتباره واجبا وطنيا في المقام الأول، أو تفرض من الدولة عليها، وقد استفادت منه كثيراً في حركتها، والدولة دعمت الكثير من الشركات والمؤسسات الرائدة الآن، ومن خلال تسهيلات وإعفاءات...وغيرها، وحتى الأراضي حصلت عليها مجاناً، لتشجيعها على النهوض الاقتصادي؛ فالمهم الذي نود قوله أنَّ هذا الطريق مهم وإستراتيجي من جوانب كثيرة أشرنا إليها.. نأمل أن يتم الإسراع في هذا الطريق، وأرجو من وزارة النقل والاتصالات أن تنظر نظرة جدية لمقترحاتنا من خلال مساهمة شركات النفط وغيرها في ازدواجية هذا الطريق، ونعتبرها جزءا من الضرائب، كما تفرضها دول كثيرة في عالم اليوم.