نداء وطني للقطاع الخاص

 

فايزة الكلبانية

تتطلب المرحلة الحالية التي تمر بها السلطنة كغيرها من الدول التي تأثرت بدرجات متفاوتة بأزمة تراجع أسعار النفط حراكا متسارعا ومتزايدا من الشركات العاملة بالقطاع الخاص بالسلطنة بمختلف فئاتها (الكبيرة والصغيرة والمتوسطة)، وذلك عبر زيادة عدد المشاريع التي من شأنها إنعاش الاقتصاد، وتوفير فرص توظيف للباحثين عن عمل والذي تتزايد أعدادهم سنة تلو الأخرى.

مرحلة النمو الاقتصادي والتنموي الذي تعيشه السلطنة بحاجه إلى التعجيل والمغامرة والمبادرة من أصحاب شركات القطاع الخاص الكبرى لتؤدي دورها تجاه الوطن والذي لطالما دعم مسيرتها على مدارسنوات عدة، يؤسفنا جدا أن نرى الحراك في القطاع الخاص الأجنبي من الوافدين حتى ولو كان هؤلاء جيرانا يسعون للمساهمة ولو بالشيء القليل للإفادة والاستفادة، فكم من شركة أجنبية اليوم نراها تعلن عن تأسيس أضخم مول تجاري بالسلطنة، وأخرى تدخل بشراكة عمانية أجنبية لإنشاء فنادق أو منتجعات في عدد من المحافظات، وأخرى تبدأ بقطاع العقارات وغيرها.

جذب المستثمر الأجنبي مطلوب ونعمل عليه ولكن لا نجعل دخول شركات وافدة يخفي دور شركات القطاع الخاص المحلية. أليس الأولى بداية أن نسمع عن إحدى الشركات العمانية الكبرى تقوم اليوم بهذا الحراك في سوق السلطنة، قد تنتابنا الحيرة عن غياب دور شركات القطاع الخاص ولاسيما الشركات الكبرى، إلا قليلا، وتم فسح المجال في العمل وإعلان مشاريع للشركات الوافده لإنعاش السوق المحلي.

من هنا تتعالى أصوات النداء أمام القطاع الخاص لإعادة تواجدهم الملحوظ ومشاريعهم الراكدة، ولاسيما وأنّ الــ (121) مشروعا أو مبادرة التي أعلن عنها البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) يعول على القطاع الخاص الدور الأكبر في إنجازها، والتي في حال تنفيذها فإنّها ستكون قادرة على توليد إنفاق رأسمالي بقيمة 16.3 مليار ريال عماني 86% من القطاع الخاص، 14% من القطاع القطاع العام. ومن المتوقع أن توفر المبادرات التي ستخرج عن البرنامج 30 ألف فرصة عمل للعمانيين، مما سيسهم في تلبية الطلب المتزايد على الوظائف وحل الإشكالات المتعلقة بالباحثين عن عمل، وتخفيف العبء عن الضغط من الطلب على الوظائف الحكومية.

هنا التحدي الذي يجب على القطاع أن يواكبه ويتغلب عليه لتحقيق الأهداف المرجوة، وليس الركود والغياب التام في ظل الحاجة إلى إنعاش السوق وخلق فرص توظيف للباحثين عن عمل، وزيادة الدخل القومي للاقتصاد؛ فالقطاع الخاص هو شريك أساسي للحكومة في التطوير، وهو مطالب بمواكبة الخطط الحكومية التنموية ومتابعتها والمبادرة في تطوير أعماله ليدعم تنفيذ الخطط وفقا لمعطياتها كما صرح الكثير من المسؤولين والمختصين.

أكاد أجزم أنّ تعقيد الإجراءات من قبل الجهات الحكومية المعنية أمام البعض من كبار المستثمرين، وليست عائقا وتحديا كبيرا أمام أصحاب هذه الشركات الكبرى، لكونها لها مكانتها الطويلة وثقتها وعلاقاتها القوية مع الجهات المعنية، وقد لا أبالغ إذا عبرت عنها بقولي (مجرد يرفع سماعة هاتفه تنفذ له تحدياته)، لماذا ننادي الحكومة بتبسيط الإجراءات وتسهيل عمليات الاستثمار أمام المستثمرين ونحن نسجل غيابا حقيقيا عن السوق، قد تكون للعوامل النفسية التي خلّفتها أزمة تراجع أسعار النفط دورا في تراجع المشروعات لدى الشركات المحلية، ولكن طبيعة الحل لا بد للقطاع الخاص بمختلف مؤسساته أن يكون جريئا ومتحديا قويا ومبادرا ليحقق تغيّرًا ملموسًا في ظل ما تتمتع به السلطنة من علاقات اقتصادية مميزة.

faiza@alroya.info