أوراق عمل متنوّعة تبرز معوقات نمو وازدهار القطاع

"ملتقى صلالة الدولي" يوصي بتطوير "الابتكار المالي" لوضع حلول لتحديات "المالية الإسلامية".. ويدعو لاستكمال المنظومة التشريعية

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

صلالة- إيمان الحريبية

تصوير/ علي الشجيبي

 

أوصى ملتقى صلالة الدولي الأول للمالية الإسلامية بإنشاء هيئات رقابة عليا، ودعا إلى المزيد من الالتزام بالمعايير الشرعية بجانب العمل على تقنية الممارسات في التأمين التكافل وأهمية استكمال إصدار المنظومة التشريعية المؤطرة للصناعات المالية الإسلامية.

وتضمّنت توصيات الملتقى- التي صدرت في ختام أعماله أمس- دعوة المؤسسات المالية الإسلامية لاختيار التحكيم وسيلة لفض نزاعاتها، وكذلك المزيد من التركيز على تأهيل كوادرها.

وعلى هامش أعمال الملتقى، تمّ توقيع اتفاقية تعاون بين شركة إسراء للاستشارة ومؤسسة توافق للاستشارات ومقرها كوالالمبور في ماليزيا، وهي شركة استشارات عالمية مستقلة متخصصة في تقديم مختلف الخدمات الاستشارية المتعلقة بالمالية الإسلامية، وتعنى بتقديم حلول شاملة لعملائها من خلال تواجدها في ماليزيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتحظى مؤسسة توافق بحضور مباشر في السلطنة، وتتعاون استراتيجيا في نيوزلندا وبنجلاديش والهند والمغرب، وتتمتع بدعم قانوني في ماليزيا، وفي السلطنة من قبل مكتب محمد جناشال للمحاماة والاستشارات القانونية، بهدف تقديم حزمة استشارات متكاملة في المجالات المالية الإسلامية والجوانب القانونية المتعلقة بها.

اليوم الختامي

واختتم الملتقى أعماله في صلالة بتنظيم من كلية الدراسات المصرفية والمالية، وبالتعاون مع مؤسسة توافق للاستشارات. وتضمن اليوم الختامي تقديم عدد من أوراق العمل؛ حيث قدم الدكتور فيصل عيسى العبد الهادي ورقة عمل بعنوان "دور هيئات الرقابة الشرعية"، وتحدث فيها عن أهميّة الرقابة الشرعية باعتبارها ضرورة حيوية للمصارف الإسلامية. وقال إنها الجهة التي تراقب وترصد سير عمل المصارف الإسلامية والتزامها وتطبيقها في معاملاتها للأحكام الشرعية. وأضاف أنه في الوقت الذي تعقدت فيه الصور التجارية، فقد انتشرت أنواع جديدة من المعاملات التجارية كبطاقات الائتمان، والحسابات بأنواعها، والتجارة الإلكترونية التي لا يوجد لها أحكام في المصادر الفقهية القديمة. وأوضح أنّه حتى إن وجدت الأحكام فإنّ المصرفيين القائمين على النشاط المصرفي غير مؤهلين للكشف عنها بأنفسهم. وتابع أنّ العمليات المصرفية في الاستثمار والتمويل تحتاج إلى رأي من هيئة الفتوى؛ نظرا لتميز هذه العمليات بالتغير وعدم التكرار مع كل حالة أو عملية أو مشروع يموله المصرف، ومن ثمّ فالعاملون في النشاط الاستثماري يجب أن يكونوا على اتصال مستمر مع الرقابة الشرعية؛ لأنّهم دائما بحاجة إلى الفتيا في نوازل وواقعات تواجههم أثناء العمل.

ومضى الهادي قائلا إنّ وجود هيئة للفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسة المالية الإسلامية أو المؤسسة التقليدية التي تقدم خدمات مالية إسلامية، أمر بالغ الأهمية؛ حيث تقوم بدراسة المنتجات الإسلامية المبتكرة أو البديلة، ومن ثم الحكم بجوازها من عدمه، كما تقوم بدراسة العقود والمستندات والنظر في مدى استيفائها للشروط الشرعية وإقرارها. وأوصى الهادي في ورقته بضرورة دعم الكفاءة المؤسسية وتأهيل القيادات والكوادر وأهمية الاستفادة من الخبرات الأجنبية إلى الحد الذي يولد قيمة مضافة على مستوى الخبرات الوطنية، وتأهيل الخبرات الوطنية عن طريق البعثات الداخلية والخارجية، والتدريب المتخصص، والتدريب على رأس العمل، وتخفيض المخاطر التشغيلية الى الحد الأدنى من خلال تطوير نظام الرقابة الداخلية آليا إلى الحد الأقصى الممكن.

 

الهندسة المالية

فيما قدم كل من مصطفى بن ناصر الناعبي ومنذر بن سالم الغزالي ورقة عمل بعنوان "الهندسة المالية الإسلامية والابتكار" أكدا فيها أهمية أن تبرز الحاجة إلى الهندسة المالية الإسلامية إلى كون أن التطور أصبح يتم بصورة سريعة، وبالتالي فإن حاجات السوق أصبحت متغيرة بوتيرة أسرع، وأوضحت ورقة العمل أنّ الهندسة المالية الإسلامية مطلوبة للبحث عن الحلول التي تلبي الاحتياجات الاقتصادية مع الاستيفاء بمتطلبات القواعد الشرعية. وأكدت الورقة على أهميّة الهندسة المالية الإسلاميّة في أنّها أداة مناسبة لإيجاد منتجات وأدوات مالية مبتكرة تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية، خاصة في ظل ترابط أسواق التمويل الدولية بفعل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وما يفرضه من ضغوط تنافسية حادة على المؤسسات المالية الإسلامية من قبل نظيرتها التقليدية. وبيّنت ورقة العمل أنّ الهندسة المالية تزيد من القدرة التمويلية للمؤسسات المالية الإسلامية، وبالتالي كنتيجة لذلك فإنّه يزيد من قدراتها التنافسية في السوق. وأوصى الباحثان بأهميّة تقديم هذه المؤسسات دعما ماليا لتطوير الابتكار في المجال المالي، بما يتوافق مع الأحكام الشرعية والتعاون لإنشاء مراكز بحثية، أو دعم البحوث في المؤسسات التعليمية للخروج بحلول المشاكل التي تواجهها هذه المؤسسات، أن تتبنى الجامعات والكليات مساقات في هذا المجال أو حتى تخصصات كاملة تؤهل المهندس المالي، وموضوع الهندسة المالية بالرغم من حداثته إلا أنّه حساس للغاية فيما يخص تطور ونمو وبقاء أي مؤسسة مالية، وأنّه يتعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تضع خططا طويلة الأمد لذلك. وشددا على وجوب العناية بالمهندسين الماليين الإسلاميين، من خلال تزويدهم بالمعطيات الشرعية كاملة، مع مراعاة المقاصد واعتبار المآلات ويرون بأنّه ليس عيبا أن يتم محاكاة المنتجات التقليدية في الفترة الأولى، لكن لا بد أن يكون هناك استقلال وآلية خاصة بما يتناسب مع المؤسسات المالية الإسلامية وطبيعة عملها.

 

عقود الإنشاءات

إلى ذلك، ألقى الدكتور عبدالحنان محمد العيسى ورقة عل بعنوان "التحكيم في عقود المقاولات (فيديك)"، أبرز من خلالها أهمية عقود فيديك؛ حيث تمتاز عن باقي عقود الإنشاءات بأنّها عقود متوازنة تحافظ على حقوق جميع أطراف العقد، وتتلافى الكثير من المشكلات والنزاعات، وحددت الإطار العام لتنفيذ المشروع، وتوزيع عادل للمخاطر والمسؤوليات بين أطراف العقد، وتحقيقها لمبدأ الكفاية الذاتية للعقد، ويسمح بالتعديل والإضافة والحذف على الصيغ والنماذج المعتمدة من فيديك شريطة ألا يتعدى التعديل نسبة 5 في المئة من إجمالي العقد، ويسمح بإجراء تعديلات على العقد إلى نسبة 15 في المئة شريطة أن يضاف اسم آخر إلى عقد فيديك.

وأشار إلى أنّه لا بد من وجود سلطة تعمل على حل النزاعات التي تنشأ أثناء تنفيذ العقد مباشرةً كي لا يتأخر أو يتوقف التنفيذ، وأن تكون هذه السلطة متمتعة بالإلمام بكافة جوانب العقد والأعمال المنفذة في المشروع، ورغبةً من الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، بأن يكون من يتولى مهمة حل الخلافات يتمتع بقدر كاف من الحياد والاستقلال عن أطراف النزاع، فإنّه قام بتعديل البند الخاص بتسوية الخلافات في عقود الفيديك، وذلك بإنشاء مجلس فض المنازعات.

وأوضح كذلك أنّ عقود الفيديك، تميَّزت بالنص على آليّة محددة بدقة لفض النزاعات التي تنشأ خلال تنفيذ العقد؛ حيث تبدأ مع مجلس فض النزاعات الذي يعايش المشروع منذ بدايته وحتى الانتهاء منه، وفي حال عدم الرضا بقرارات المجلس يلجأ للتسوية الودية لفض النزاع، من خلال المفاوضات المباشرة بين الأطراف أو من خلال تدخل طرف ثالث حيادي كوسيط لتسوية النزاع، وفي حال لم تفضي الوسائل السابقة لتسوية النزاع، يتم اللجوء إلى التحكيم، وإن اختيار إجراءات تحكيم غرفة التجارة الدولية، لأنها تتسم بالدقة والشمولية.

فيما قدّم علي بن عبدالله المجبري والدكتورة أسماء أكلي الصوالحي ورقة عمل بعنوان "التحكيم في قاعدة فض النزاعات". كما قدم مجتبى خالد ورقة عمل بعنوان "التعلم الإلكتروني نموذجا في تقدم صناعة المالية الإسلامية" وذلك بالتعاون مع برنامج التعلم الإلكتروني المشترك بين أوفي ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، إلى جانب ورقة عمل عن "روح إطار العمل الإسلامي من أجل عدالة اقتصادية"، قدمها مغيث شوكت من كلية الدراسات المالية والمصرفية وبشرى شفيق من بنك الدولة الباكستاني. وشهد الملتقى تقديم ورقة عمل أخرى بعنوان "التمويل الإسلامي في ضوء الإطار المؤسسي من أجل اقتصاد مرن وعالم متعدد الأقطاب"، قدمها مغيث شوكت من كلية الدراسات المصرفية والمالية. وشمل الملتقى أيضا تقديم ورقة عمل حول جمعيات تدوير القرض للادخار والائتمان في دول مجلس التعاون الخليجي، قدمتها فاتن الزدجالية وسيد خازن. واستعرض الملتقى "العامل المؤثر في تبني الصيرفة الإسلامية في عمان"، من خلال ورقة عمل قدمتها فايزة كيران أحمد، فيما حملت آخر أوراق العمل عنوان "قضية المضاربة في سوق رأس المال الإسلامي"، قدمها الدكتور فاروق حبيب.

تعليق عبر الفيس بوك