وقفات مع الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي

 

عيسى الرواحي

 أُعلن الأسبوع الماضي عن نتائج الفرز الأول للحاصلين على المقاعد الدراسية بمؤسسات التعليم العالي للعام الأكاديمي 2017-2018م، وحسب ما أعلن عنه مركز القبول الموحد فإنَّ عدد الحاصلين على المقاعد الدراسية في الفرز الأول بلغ  ثلاثة وعشرين ألفاً وأربعمائة واثنين وستين (23462) طالبا سواء في مؤسسات التعليم العالي الحكومية أم الحاصلين على المنح والبعثات داخل وخارج السلطنة. كما أعلن المركز أيضاً أنَّ هناك ستة آلاف وثلاثمائة وخمسة وأربعين (6345) مقعدًا دراسياً شاغرًا بما نسبته 21.3% من عدد المقاعد الدراسية المطروحة؛ حيث لا يُوجد لهذه المقاعد الدراسية من يستوفون شروط الالتحاق بها.
وفي حقيقة الأمر فإنَّ هذه النسبة تعتبر مرتفعة جدًا ولها مؤشرات كثيرة لعل أبرزها تدني مُستويات طلبة الدبلوم العام؛ لذا فإننا بحاجة ماسة إلى الوقوف على هذه القضية من قبل المعنيين بالأمر في وزارة التربية والتعليم.


هنيئًا لجميع  الطلبة المقبولين للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي بما فيها المنح والبعثات داخل وخارج السلطنة، ونرجو لهم مرحلة دراسية حافلة بالجد والاجتهاد، وبذل أعلى درجات المُثابرة في تحصيل العلم والمعرفة.

ونؤكد لجميع لهؤلاء الطلبة بأن اكتمال الفرحة بهم أو الفرحة الحقيقية لهم ولأسرهم ومجتمعهم إنما تكون في تخرجهم بنجاح بعد أعوام الدراسة الأكاديمية، فليس كل طالب التحق بكلية أو جامعة تخرَّج منها، فكثيرٌ هم الذين يخرجون من هذه المؤسسات قبل فرحة التخرج، سواء بسبب إخفاقهم في مواصلة الدراسة أم غيرها من الأسباب؛ لذا فإنَّ على الطالب الجامعي أن يبدأ دراسته الجامعية بعزيمة وقَّادة واجتهاد كبير ومثابرة مستمرة في التحصيل الدراسي.
وعلى الطالب الجامعي أن يستفيد جيدًا من الوضع الراهن فيما يتعلق بفرص العمل، والتنافس الكبير على فرص العمل المتاحة لمخرجات التعليم العالي عبر اختبارات مُكثفة ومُقابلات مُتعددة؛ لاختيار الأكثر كفاءة للالتحاق بالوظائف المطروحة، فعلامة النجاح وحدها للطالب الجامعي قد لا تنفعه في المُنافسة للحصول على الوظيفة خاصة في ظل زيادة أعداد الباحثين عن عمل من مخرجات التعليم العالي، وإنما عليه  الحرص على تحقيق التفوق والحصول على مُعدلات تنافسية عالية.

على الطالب الجامعي أن يدرك أيضًا ضرورة التعلم الذاتي أو ما يُسمى بعصامية التعلم من أجل التمكن في تخصصه وهو ما يُقصد به في مصطلحات التربويين أن يكون الطالب راغباً في التعلم من ذات نفسه، ولتعليم نفسه بنفسه من أجل اكتساب أكبر قدر ممكن من المعارف والمعلومات سواء بالقراءة الحرة أم سؤال أهل العلم أم مدارسة الأقران، والبحث عن المعلومة بشتى الوسائل والطرق، وتنمية ميوله ومهاراته بطرقه الذاتية، فلا يكتفي بما يسمعه من المحاضر من كلمات وما يسلمه إياه من مُلخصات؛ فهذه  وسائل أصبحت غير كافية قط لتحقيق النجاح الحقيقي لطالب العلم الجامعي.

وبقدر ما نُؤكد على الطالب الجامعي من أهمية بذل الجد والاجتهاد في طلب العلم والمعرفة؛ فإننا نؤكد قبل ذلك على ضرورة التزام الخلق الحسن والسلوك الحميد طيلة فترة الدراسة خاصة من قِبل الفتيات اللاتي أُعطين الثقة وحسن الظن من قبل أسرهن أولاً والمجتمع ثانياً في أن يصبحن طالبات علمٍ بحق ومربيات أجيال بصدق مُحصنات بالعفة والفضيلة قبل التسلح بالعلم والمعرفة، وعلى الأسرة أن تقوم بدور كبير في توعية ومُتابعة أبنائها الجامعيين وخاصة الإناث منهم، فقد انتشرت في السنوات الأخيرة سلوكيات غير محمودة لبعض طالبات العلم لا صلة لها من قريب أو بعيد بأخلاق شرعنا الحنيف ولا عادات مُجتمعنا الأصيل، أضف إلى ذلك انتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني ووقوع كثير من الفتيات ضحيةً في حبائل هذه القضايا... والله المستعان.