للباحثين عن السعادة

 

 

خالد الخوالدي

 

تختلف نظرة الناس إلى السعادة من شخص إلى شخص، والحقيقة التي لا تقبل النقاش أنَّ الجميع يبحث عن السعادة ويحاول جاهدا أن يجعل نفسه سعيدا ويسعد من حوله، ووراء البحث عن السعادة نجد أنَّ هناك فئات يفقتدونها نتيجة أسباب كثيرة؛ أبرزها الأسباب الشخصية ومن ثم تأتي الأسباب الأخرى كالتعرُّض لمشكلات الحياة اليومية التي ليس لها بداية ولا نهاية.

وعندما قُلت إنَّ من هم أسباب فقدان السعادة هي الأسباب الشخصية، فيأتي ذلك من رؤيتي البسيطة والمتواضعة لمن يعيشون حولنا؛ حيث نجد أشخاصا رزقهم الله المال والجاه والمنصب...وغيرها من نعيم الدنيا، ويفتقدون للسعادة ويحولون حياة من يتبعهم إلى جحيم، ونجد في المقابل فقراء معدومين وتلمح السعادة في وجوههم، وترغب في الجلوس معهم، ولا تمل من مخالطتهم نتيجة ما يحملونه من إيجابية ونظرة تفاؤل نحو الحياة.

وما أكَّد لي أنَّ موضوع السعادة يتعلق بالجانب الشخصي للإنسان ما حدث لأحد الأصدقاء الأعزاء الذي يعمل بوظيفة مرموقة، ولديه دخل آخر مساعد، بمعنى أنه يملك الإمكانيات المالية التي تؤهله للسفر في هذا الصيف الحار إلى أي وجهة عالمية ومحلية تكون الأجواء فيها باردة ومنعشة، إلا أنَّه ولظروف ما لم يستطع أن يسافر إلى الجهة التي كان قرَّر السفر إليها، وفي هذه الأثناء كنت أعتقد أنه سيكون كئيبا وسلبيا، وسيلعن الظروف والدنيا كلها، فالإجازة السنوية التي يتمتع بها على وشك الانتهاء، والأيام تمر سريعة، دون أن يُحقِّق الهدف الذي رغب في تحقيقه. وفي لحظة أخبرني أنه سيمضي خمسة أيام في مدينة خليجية جوها لا يفرق عنا؛ فدرجة الحرارة تصل فيها إلى ما فوق الأربعين، إلا أنه ذهب واستمتع، وكان يتواصل معي وهو في قمة سعادته؛ حيث كان يشعر بالسعادة الفائقة، وأنه عاش أيامًا استثنائية في حياته، ورجع بنفسية طيبة تحمل كل معاني الفرح والبهجة والسرور، وسيباشر عمله بروح متقدة للعطاء والبذل والتجديد.

... إنَّ الإنسان يستطيع أن يشعر بالسعادة إذا حمل في نفسه روح الإيجابية حتى لو لم يمتلك الكثير في هذه الحياة، فعندما يرى غيره وقد ابتلاه الله بالأمراض والأوجاع وهو بصحة وعافية سيكون سعيدا، وعندما يجد حوله أهله وأصدقاءه وأحبابه الذين يقاسمونه الاطمئنان ويمدونه بالحنان ويساعدونه في التخلص من همومه وتحدياته في هذه الحياة ويتذكر في المقابل أن غيره لا يملك الأهل والأصدقاء سيكون سعيدا، وقد تأتي السعادة من خلال العطاء ومساعدة الفقراء والمحتاجين؛ فالمال الذي يملكه الإنسان في حد ذاته لا يجلب السعادة، وإنما هو وسيلة للحصول على أشياء تدخل الفرحة للقلب؛ فيمكن أن يُسافر ويشتري ما يرغب بالمال، لكنه لا يشعر بالسعادة التي ربما يشعرها لو تصدق على فقير أو أعان محتاجا، وتزيد نسبة السعادة عند الناس الذين يشكرون الله على نعمه وعطائه، ويرضون بما قسمه لهم، إنَّ السعادة الحقيقية هي أن نكون قريبين من الله سبحانه وتعالى، فكما قال الشاعر:

ولست أرى السعادة جمع مالٍ...

ولكن التقي هو السعيد

وأخيرا.. تخلَّصوا من القلق والضغوط لتعيشوا سعداء، وعيشوا الواقع كما هو واشعروا بالرضا والقناعة فهما سر السعادة، فعندما يقنع الإنسان بما بين يديه وبما يملك ستبعده هذه القناعة عن الاكتئاب والقلق والتوتر، واعلموا أن السعادة قد تكون كلمة أو لمسة أو همسة أو أصغر من ذلك بكثير، وتذكروا أنها موجودة فيكم فابحثوا عنها، وفي النهاية السعادة لها طرق كثيرة إن اقتنع الإنسان من داخله بأنه يريد أن يصل لتلك السعادة... ودمتم سعداء، ودامتْ عُمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com