الأسوأ من تدويل الأزمة السورية

منذ اندلاع الأزمة في سوريا وتحول المطالب السياسيّة لفئات بالمجتمع السوري إلى حرب أهليّة، وهناك أطراف تسعى دومًا إلى صبّ الزيت على النار، وخلط الأوراق والصيد في الماء العكر، من خلال تحرّكات مشكوك في حقيقة أهدافها، لكنها تؤكد أنّ الخطط والمكائد تتجه لما هو أسوأ من تدويل الأزمة.

فمسألة التدويل انطلقت بالفعل بعدما استباحت عناصر أجنبيّة الأرض السوريّة، سواء كانوا في صفوف المعارضة أو النظام الحاكم في دمشق، وتفاقمت مع إعلان ما يسمى بتنظيم "داعش" سيطرته على عدد من المدن السورية، فضلا عن سيطرة فصائل مسلحة أخرى على مناطق متفرقة من البلاد. وقد تلى ذلك تدخلا عسكري دولي متمثل في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والذي شنّ العديد من الغارات ونفذ الهجمات على مواقع عسكرية ومدنية، لم ينجو منها الأبرياء، بل سالت دماؤهم بين حطام المباني وأسفل الأنقاض.

التحول الذي يجري الآن في الأزمة السورية، بعدما لاح في الأفق أنّ الحرب الأهلية التي كانت مستعرة يومًا ما، تقترب من وضع أوزارها، وأنّ من يدقون طبول الحرب بدأوا في الانسحاب من المشهد.. لكن في المقابل يبدو أن ثمة تحرك آخر يجري الإعداد له من قبل، غير أنّه بات الآن بصورة أكثر وضوحا.

التحرّك الجديد يتمثل في إدخال سوريا في نفق المحكمة الجنائية الدولية، الذي قد لا يصل إلى نهاية حقيقية. بصرف النظر عن انحيازات هذه المحكمة ومدعيها العام، إلا أنّ ما يثار عن اتهامات بحق النظام السوري وبخاصة رأس النظام نفسه لا يثار بذات الكيفية ضد العناصر المسلحة التي استباحت هي الأخرى الأرض السورية، وسفكت دماء الأبرياء، بل إنّ هناك شبهات واتهامات تحوم حول هذه الجماعات المسلحة بأنّها متورطة في إطلاق هجمات بالغاز، في محاولات لإلصاق التهمة بالنظام السوري.

من المؤكد أنّ الوضع الحالي، وما يشهده الميدان من عدم استقرار وتداخل في القرارات، لا يسمح بأي حال من الجزم أو التأكد من صحة أي من الادعاءات الخاصة بارتكاب أي طرف لجرائم حرب؛ لكن الثابت أنّ لا مؤسسة دولية قدمت دليلا دامغا يبرهن المزاعم الخاصة بجرائم الحرب، فهل آن الأوان لمعاقبة جميع الأطراف الفاعلة في المشهد السوري دون استثناء؟ أم أنّ الأمر سيؤول إلى دوامة من المعارك الكلامية؟!!

تعليق عبر الفيس بوك