"الرؤية" تنشر تفاصيل تقرير الاستقرار المالي في عمان (1 -2)

"المركزي": قوة القطاع المصرفي تخفف وطأة التأثيرات المحتملة على الاستقرار المالي.. واستئناف النمو الاقتصادي في 2018

 

 

تفاؤل إزاء الاستقرار المالي بالسلطنة رغم المخاطر العالمية

السلطنة تحافظ على مستوى كاف من الاحتياطيات الخارجية

إجمالي الموجودات بالقطاع المصرفي تتجاوز 30 مليار ريال عماني

الرؤية - نجلاء عبدالعال

يكشف تقرير الاستقرار المالي لسلطنة عمان 2017، والصادر عن البنك المركزي العماني قبل يومين باللغة الإنجليزية، تأكيدات سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك أن البنك- الذي يعهد إليه بالحفاظ على الاستقرار المالي للبلاد- مستمر في العمل على ضمان قوة الوضع المالي، رغم ما يجتاح الاقتصاد العالمي من تطورات تؤثر على الاقتصاد المحلي.

وقال سعادته في التقرير- الذي ترجمته "الرؤية" وتنشر تفاصيله على حلقات- إن البنك المركزي لا يزال يراقب التطورات التي تؤثر على الاقتصاد المحلي من الخراج؛ سواء فيما يتعلّق بالأوضاع السياسية في المنطقة أو أسعار النفط أو غيرها، مثل نسب نمو اقتصادات دول الشركاء التجاريين. وأكد سعادته في مقدمة التقرير أنه رغم المخاطر الاقتصادية، إلا أنه يشعر بالتفاؤل إزاء الاستقرار المالي في السلطنة.

واستُهل التقرير بالحديث عن النظام الرقابي والتشريعي القوي للوضع المالي خلال العام الماضي وما قام به البنك المركزي في هذا الإطار؛ حيث تم تعديل اللوائح القوانين لتسهيل النمو الاقتصادي مع ضمان الاستقرار المالي. ففي خلال عام 2016، حقق البنك المركزي العماني تقدما ملحوظا في ضمان تهيئة الأطر التنظيمية والسياسات الإشرافية التي تفي بظروف التشغيل المتغيرة واحتياجاته والاقتصاد في الوقت الذي تخدم هدفها المتمثل في ضمان الاستقرار المالي لتسهيل النمو الاقتصادي. وتم اعتماد بعض اللوائح لضمان امتثال السلطنة للتشريع الدولي وأفضل الممارسات العالمية، في نفس الوقت الذي تم خلاله ضبط قوانين وسياسات أخرى لتلبية الاحتياجات المحلية، وخلال العام، صدر قانون جديد لمكافحة غسل الأموال، وكذلك وضعت سياسات لتحسين الإدماج المالي، وعلاوة على ذلك، تم اعتماد المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9، كما أن سلطنة عمان تسير على الطريق الصحيح لتنفيذ جدول بازل 3 لرأس المال والسيولة.

وفيما يتعلق بالسيناريو المالي الكلي، توقع التقرير أن يتراجع التباطؤ في النمو الاقتصادي خلال العام المقبل، وأوضح أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عمان حقق نموا بنسبة 5.7 في المائة في عام 2015، وتبلغ تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نسبة 3.05 في المائة في عام 2016 و0.38 في المئة في عام 2017. ومن المتوقع أن يعود الاقتصاد إلى نمو أعلى اعتبارا من عام 2018؛ حيث يتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.8 في المائة في عام 2018، بمعدل نمو قدره 2.4 في المائة خلال الفترة 2018-2022.

وأكّد التقرير أنّ أداء القطاع غير النفطي يعكس جهود التنويع الاقتصادي. وذكر أنّه على الرغم من أنّ الأرقام الإجمالية تبطئ الأداء الاقتصادي، إلا أنّ أداء الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي يعكس جهود التنويع في السلطنة، في حين أن قوة القطاع المالي في سلطنة عمان تخفف من التأثيرات السلبية المحتملة على الاستقرار المالي.

وأوضح التقرير أنّ أسعار النفط تحسنت مؤخرا، لكن تأثيراتها تواصلت مع استمرار اعتماد الانفاق الحكومي على عائدات النفط بشكل كبير، مشيرا في هذا السياق إلى اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وغير الأعضاء فيها على خفض المعروض من النفط الخام في محاولة لزيادة أسعار النفط الخام، وهو الأمر الذي تحقق في أواخر 2016. لكن ارتفاع أسعار النفط واجه تحديات نمو مخزونات الخام، فضلا عن الزيادة السريعة في عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة. وذكر أنّ سعر نفط عمان وصل إلى 51.22 دولار للبرميل بنهاية أبريل 2017. ويرى التقرير أنّ سوق النفط غير موثوق فيه، مع استمرار التوقع بأن تتراوح أسعار البرميل بين 50 إلى 55 دولارا في 2017. وقال "ظلت النفقات الحكومية تعتمد اعتمادا كبيرا على عوائد النفط. وتم تقدير ميزانية عام 2017 على أساس أسعار النفط عند متوسط 45 دولارا للبرميل. وبالتالي، فإنّ ضبط أوضاع المالية العامة في الوقت المناسب من شأنه أن يحسن الحساب الجاري ويعزز استقرار العملة والنظام المالي في السلطنة".

وأكّد التقرير أنّ السلطنة حافظت على مستوى كاف من الاحتياطيات الخارجية، وأن ربط الريال بالدولار الأمريكي لا يزال سليما تماما؛ حيث ارتفع إجمالي الاحتياطيات الاجنبية لدى البنك المركزي العماني بشكل كبير في عام 2016، وهو كاف للحفاظ على هذا الربط.

وتناول التقرير ما يتعلق بالتضخم مشيرًا إلى مفارقة تزايد الضغوط التضخمية العالمية بينما بقى التضخم المحلي منخفضا، وقال إنّ متوسط التضخم العالمي بلغ 2.8 في المائة في عام 2016، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 3.5 في المائة في عام 2017 بسبب عدد من العوامل بما في ذلك الزيادة في إجمالي الطلب وأسعار السلع الأساسية، بينما لا تزال النظرة العامة للسنوات المقبلة (2018- 2020) مستقرة، مع معدل تضخم يبلغ نحو 3.3 في المائة، ومن المتوقع أن يزداد التضخم في الاقتصادات المتقدمة بشكل ملحوظ في عام 2017 بنسبة 2 في المائة مقابل 0.7 في المائة في عام 2016. في حين أن التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتوقع له أن يصل إلى معدل 8 في المائة في 2017.

وبالحديث عن العجز، قال التقرير إنّ العجز المالي ارتفع إلى 5.2 مليار ريال عماني أو 20.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016. غير أنّ التقديرات تشير إلى أنّ هذا العجز سينخفض في عامي 2017 و2018 استنادا إلى توقعات ضبط أوضاع المالية العامة وزيادة الإيرادات من الضرائب، وإلغاء الدعم على الوقود، وارتفاع أسعار النفط المتوقعة. وأوضح التقرير أن انخفاض أسعار النفط تسبب في ضغوط على توازن الحساب الجاري، وبلغ العجز في الحساب الجاري نحو 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في عامي 2015 و2016. ومن المتوقع أن يبلغ 12 في المائة في عام 2017 و11 في المائة في عام 2018، بينما وصل الدين الحكومي إلى 19.8 مليار دولار بنهاية 2016، وهو ما يمثل 32.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ومن المتوقع أن يزداد في عام 2017.

القطاع المصرفي

وحول أداء القطاع المصرفي، أكد التقرير أنه ظل مرنا وسط ظروف اقتصادية صعبة، وأن المخاطر قصيرة المدى على الاستقرار المالي هدأت مع استقرار أسعار السلع الأساسية. وأوضح أن "العجز المزدوج" استمر قائما مع تحرك الحكومة نحو ضبط أوضاع المالية العامة، مشيرا إلى أنه مع ارتفاع أسعار النفط الخام من أدنى مستوياتها في العام الماضي، بدأ استيعاب نطاق سعر النفط الجديد بصورة أفضل، مما سمح بتخطيط أفضل للمالية العامة. وأكّد التقرير أنّ التحسن النسبي في أسعار النفط الخام والإصلاحات المالية الجارية، والأداء المالي المرضي من قبل القطاع المصرفي، يعني أنّ المخاطر قصيرة الأمد على الاستقرار المالي تراجعت في عام 2016 والتي تتضح من معظم مؤشرات الاستقرار المصرفي. ويظهر مؤشر الاستقرار المصرفي أيضا استقرار القطاع المصرفي؛ إذ حافظ القطاع على أصول وأرباح وسيولة جيدة "إلى حد ما"، وعلى الرغم من بعض التباطؤ في الأنشطة الاقتصادية، فقد واصل القطاع المصرفي التوسع في امتيازات الائتمان، وقد بلغ إجمالي الموجودات (صافي) القطاع المصرفي 30.25 مليار ريال عماني في نهاية عام 2016، وبذلك سجل نموا بنسبة 6 في المائة، وهي نسبة أقل من نمو السنوات السابقة. ومع ذلك، فإن تباطؤ النمو كان متوقعا بالنظر إلى ظروف الاقتصاد الكلي الصعبة التي تواجهها السلطنة والبنوك التي تحتاج إلى التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد لخفض أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة. وعلى الرغم من هذه التعديلات قصيرة الأجل، فإن القطاع المصرفي في السلطنة يتأسس على قاعدة نمو صلبة، وسيتضح ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة على خلفية جني ثمار التنويع الاقتصادي، وفي ظل خطط برنامج "تنفيذ" الطموحة.

وأشار التقرير إلى تنامي اتساع فجوة ائتمان القطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2016. ومع ذلك، فإن هذا لم يتسبب في تراكم المخاطر، لأنّ هذه الزيادة في الفجوة كانت مدفوعة إلى حد كبير بانخفاض شديد في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (بسبب انخفاض أسعار النفط) أكثر من كونها تعبر عن نمو مفرط للائتمان.

وعلى جانب مواز استطاعت البنوك أن تنمي محفظة إقراضها دون زيادة كبيرة في القروض المتعثرة، مما يسهم في إبقاء المخاطر الائتمانية في القطاع المصرفي عند مستوى جيد. وبلغت القروض المتعثرة في نهاية عام 2016 نسبة 1.78 في المائة (فيما بلغت في 2015 نسبة 1.73 في المائة) من إجمالي القروض. وقال التقرير إنّ نسبة القروض المتعثرة المنخفضة تشير إلى وجود أصول مرضية ومخاطر ائتمانية ذات مستوى جيد. وعلاوة على ذلك، فإنّ محفظة القروض القائمة للبنوك يتم تغطيتها بشكل جيد في مقابل خسائر متوقعة من خلال مخصصات كافية بنسبة تغطية تبلغ 70 في المئة والتي تتفوق على كثير من القطاعات المصرفية على المستوى الإقليمي.

تعليق عبر الفيس بوك