استقرار مالي رغم التحديات

حَفل تقرير البنك المركزي العُماني حول الاستقرار المالي للسلطنة لعام 2017، بالعديد من النقاط التي ينبغي الوقوف عليها وقراءة ما بين سطور هذا التقرير الذي يبرز حجم التحديات الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد العماني في ظل تراجع أسعار النفط وانخفاض النفقات العامة للدولة، إلا أنه في الوقت نفسه شدد على تحقيق الاقتصاد الوطني للاستقرار الذي لا يزال "سليما وثابتا".

التطمينات التي يبثها التقرير تبرهن على أن الجهات المعنية ومنها البنك المركزي العماني، تعمل بكل جهدها لتحقيق التوازن والاستقرار، ومواجهة ما وصفها التقرير بالرياح الاقتصاية المُعاكسة. إذ تعمل الحكومة ومؤسسات الدولة على تحقيق التنويع الاقتصادي، من خلال التركيز على عدد من القطاعات الواعدة، والعمل على تنميتها وتطويرها، بما يضمن الاستفادة المثلى منها في صورة عوائد ترفد خزينة الدولة، ووظائف للباحثين عن عمل، ولذلك أكد التقرير أن الإصلاحات المدروسة تسرع من وتيرة هذا التنويع.

تقرير البنك المركزي يتناول كذلك تحليلا وافيا للوضع المالي ومدى ارتباطه بالاقتصاد العالمي، والتأثيرات المتبادلة مع القطاع المصرفي، لاسيما وأن هذا القطاع ظل يحظى برأسمال جيد ويحقق أرباحاً مع انخفاض نسبة القروض المتعثرة، واستمرت أيضًا السيولة بالبنوك "إلى حد ما" دون أي "نوبة من التوتر الخطير"، وظل نمو الائتمان في حالة جيدة، بينما انحسرت بشدة المخاطر، على ما ذكر التقرير. وهذا يعني أن السياسات الوقائية والتشريعات المنظمة للعمل المصرفي في السلطنة تسير بخطى ثابتة وناجحة، تضمن حماية أموال المودعين، وكذلك تقي المؤسسات المصرفية من التقلبات التي تتعرض لها الأسواق. ولعل أبرز دليل على ذلك أن اختبارات الضغط التي يجريها البنك المركزي أظهرت تراجعاً في مخاطر الملاءة المالية والسيولة في القطاع المصرفي.

جانب آخر من التقرير سلط الضوء على التحسن في أسعار النفط، وإن كانت لا تزال بعيدة جدًا عن مستوياتها في 2014، لكن بقاء هذه الأسعار في مستويات تقديرية أقرب للنطاق الجديد لأسعار النفط مكّن صانعي السياسات من تحقيق تخطيط اقتصادي أفضل.

وفيما يتعلق بالعجز المالي للدولة، أوضح التقرير أنَّ العجز ارتفع إلى 5.2 مليار ريال عماني أو ما يمثل 20.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، لكنه أوضح في المقابل أنَّ التقديرات المستقبلية تتوقع تراجع العجز خلال العامين الجاري والمقبل، وهذا كله يؤكد مدى الشفافية التي تتمتع بها السياسة الاقتصادية العمانية، والتي يجب أن تكون محل تقدير.

تعليق عبر الفيس بوك