قلب المجتمع النابض

راشد بن سباع الغافري

 

هناك مؤسسات من حولنا سواء كانت حكومية أو خاصة تستحق أن نطلق عليها لقب (قلب المجتمع النابض) لما تقوم به من دور يتخطى الدور الوظيفي المقنن. وفي هذا المقال أود أن أطلق هذا اللقب على نموذجين من هذه المؤسسات المستحقة لهكذا لقب من خلال ما عايشته فيهما من نشاط وتواصل بناء وحراك حضاري يشهد له القاصي والداني.

أولى هذه المؤسسات هي فرع غرفة تجارة وصناعة عمان فرع عبري بمحافظة الظاهرة وهي مؤسسة حكومية يقودها في الوقت الحالي الأخ العزيز والأستاذ الفاضل علي بن صالح الكلباني، هذه المؤسسة الرائدة لم تكن مجرد مؤسسة تعنى بتخليص معاملات تجارية أو صناعية، وإنما أصبحت بمرور الوقت مؤسسة مجتمعية بمعنى الكلمة تعنى بالمجتمع بمختلف مؤسساته وكوادره، تستضيف هذا وتساند ذاك، وترسم خطوطا عريضة لمستقبل أفضل للمحافظة اقتصاديا وثقافيا ومجتمعيا. ولأنها كذلك فما عاد غريبا عليها أن نرى منها رعايتها لملتقيات واستضافتها لفعاليات ووقوفها إلى جانب شباب الوطن توجيها وتشجيعا ومتابعة، واضعة كافة الإمكانيات المادية والمعنوية التي تمتلكها في خدمة هذا التوجه البناء العائد بالخير على الفرد والمجتمع

وأما المؤسسة الثانية والتي اعتبرها قلبا نابضا من القلوب النابضة في هذا المجتمع فهي مؤسسة الرؤية للصحافة والنشر وهي مؤسسة خاصة وضعت جميع كوادرها وإمكانياتها لخدمة هذا المجتمع وأبنائه وتخطت دورها الإعلامي التخصصي لتصبح مؤسسة ذات مبادرات وأفكار مجتمعية قيمة عادت ومازالت تعود بالنفع على أبناء هذا الوطن ومؤسساته

 

فمبادرات كمثل منتدى الرؤية الاقتصادي، وجائزة الرؤية لمبادرات الشباب، ومكتبة السندباد المتنقلة وغيرها من المبادرات والأفكار الرائعة جعلت حقا من هذه المؤسسة قلبا نابضا لهذا المجتمع التواق لمثل هذا التواصل وهذا الاهتمام. والملاحظ في تلك المبادرات أنها غطت مساحة واسعة من حاجات المجتمع وحاجات أفراده، كما غطت فئات عدة من فئات المجتمع المختلفة. فالطفل له نصيبه المتمثل في مكتبة السندباد والتي وصفتها يوما بالمدرسة المتنقلة لدورها الرائد في تثقيف أطفال المحافظات وتحفيزهم على القراءة والمطالعة وذلك بإشراف كادر متخصص من شابات هذا الوطن، والشباب لهم نصيبهم في مسابقة الرؤية لمبادرات الشباب والتي جاءت لاستثارة الطموح وتوظيف المواهب وصقل القدرات التي يملكونها... وهكذا

إن توجه المؤسستين المذكورتين هنا هو مما يطمح لرؤيته أفراد المجتمع واقعا متحققا من جميع المؤسسات العاملة فيه سواء الخاصة منها أو العامة.

وما من شك أن خلف ذلك التوجه الحضاري تكمن قيادة حكيمة وطموحة، وكادر واع منفتح ومساند يعشق التألق ويسعى للنجاح وإثبات الذات، ولا نقول ذلك من فراغ وإنما مما لمسناه من خلال معرفتنا بكثير من أولئك الرجال المخلصين في هذه المؤسسات.

وإن كان من مقترح يمكن أن نورده هنا لرد الجميل من هذا المجتمع إلى أولئك المخلصين وأمثالهم فهو أن تقوم كل محافظة من محافظات السلطنة بحصر الناس الفاعلين فيها سنويا في مختلف مجالات العطاء، ووضع تذكار سنوي يهدى لهم في احتفالية سنوية احتفاء بالرائعين من أمثالهم وتشجيعا لمن هم سائرون على نهجهم في البذل والعطاء لهذا الوطن سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات

ختاما نأمل من بعض المؤسسات التي ما تزال منغلقة على نفسها وموظفيها أن تكون أكثر انفتاحا ومساهمة في الارتقاء بهذا المجتمع، والأخذ بيد أبنائه، وأن تقتدي بالمثالين الواردين في هذا المقال وتحذو حذوهما بما يتوافق مع إمكانياتها المادية وقدرات موظفيها المعنوية.

فالانفتاح على المجتمع وأفراده مطلب وطني يسهم في رفع المعنويات وزيادة الثقة المتبادلة، ونهضة الثالث والعشرين من يوليو التي نعيش أفراحها في هذه الأيام المباركة قد نادت ضمن ما نادت به بنبذ الانغلاق وبأهمية الانفتاح على الآخر في الداخل والخارج.

فالنظرة السلبية للمواطن على أنّه مقلق لراحة الموظف، أو تلك النظرة التي ترى منه مجرد دافع للرسوم ما عادت تجدي نفعا ولا تلبي طموحا ولا تحقق أهدافا.

وإدارات مازال الانغلاق نهجها والجمود يسيطر على فكرها فالأفضل لها أن ترتاح من عناء السنين وأن تفسح المجال لمن هم قادرون على خوض غمار مرحلة قادمة هي بحاجة ماسة إلى فكر متجدد، وعطاء لا ينضب، وإلى مواكبة حضارية لا تحتمل الجمود أو الانغلاق في الأداء والفكر.

أخيرا فإن المثالين المذكورين ليسا حصرا وإنما هناك مؤسسات كثر في هذا الوطن العزيز نوجه لها كل التحية والتقدير لحكمة نهجها وحسن قيادتها وعطاء كوادرها العاملة فيها.

 

تعليق عبر الفيس بوك