علي بن بدر البوسعيدي
تتمتع السلطنة بثروة سمكية وفيرة بفضل ما تزخر به من شواطئ ممتدة من شمالها إلى جنوبها، ما يوفر للبلاد الأمن الغذائي الذي تحتاجه، لاسيما وأنّ العمانيين بطبعهم عاشقون للأسماك كوجبة غذائية غنية بالبروتين، علاوة على دورها في توفير فرص عمل للصيادين تفتح لهم باب رزق واسع.
لذلك هي ثروة وطنية بكل المقاييس، وتعمل الجهات المعنية على تنميتها وتطويرها وإدخال التقنيات الحديثة في وسائل صيدها أو تسويقها ونقلها، من أجل تعظيم العائد منها، وتحقيق الاستفادة الاقتصادية المرجوة لجميع الأطراف؛ الصياد والبائع والمشتري.
وبحسب إحصاءات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات التي نقلها عن وزارة الزراعة والثروة السمكية، فقد ارتفع إنتاج السلطنة من الأسماك خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 6.1 في المئة، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وشكل إنتاج قطاع الصيد الحرفي حوالي 99 في المئة من كمية الأسماك المنزلة. وهذه الإحصاءات التي نشرتها جريدة الرؤية في شهر يوليو الماضي تظهر أن كمية الأسماك المنزلة في سبع محافظات ساحلية -تشمل مسقط ومسندم والباطنة (شمال وجنوب) وجنوب الشرقية والوسطى وظفار- من الصيد الحرفي والصيد الساحلي بلغت 94 ألفا و14 طنا في نهاية مارس الماضي، مقارنة مع 88 ألفا و578 طنا خلال نفس الفترة من العام الماضي 2016؛ من بينها: 92 الفا و993 طنا من الصيد الحرفي.
إذن نحن أمام نمو واضح في معدلات إنتاج الأسماك، ما يحتم علينا الاستفادة من هذه الزيادة في رفد أسواق السمك بما تحتاج إليه، وكي نتفادى زيادة الأسعار التي تكون في بعض الأحيان غبر مبررة.
نقطة أخرى نود الإشارة إليها، وهي الصادرات العمانية من الأسماك، فالكثير من الصادرات السمكية تعود إلينا في صورة واردات مصنعة، ونشتريها من الأسواق بتكلفة باهظة، الأمر الذي يستدعي على الفور التفكير بصورة عاجلة في إنشاء مصانع لتعليب وتصنيع الاسماك، وطرحها في الاسواق مجددا، بدلا من استيرادها من الخارج بأثمان غالية، رغم أنّها في الأصل أسماك عمانية!
تنظيم تجارة الأسماك أمر مطلوب، ورغم أن الجهات المعنية تقوم بدورها في هذا السياق، فإنّ بعض الصيادين يبيعون الأسماك مباشرة إلى دول الجوار، دون النظر في حاجة الأسواق المحلية إليها أم لا، وهي مسألة قد تتسبب في نقصان هذا المنتج الحيوي والمهم والرئيس على المائدة العمانية. فلا يوجد بيت في عمان يخلو من السمك، أو أي من المنتجات البحرية، حتى إن بعض الجاليات الأجنبية تتشارك في عادتها معنا، وتتناول السمك بصفة شبه يومية، ما يؤكد أنّ المستهلك المحلي أولى بما يتم صيده من أسماك.
ومن جهة أخرى، يجب التفكير بجدية فيما يتعلق بمنافذ بيع هذه الأسماك، مع وضع الاشتراطات الصحية والبيئية المطلوبة بلا شك، لكن في الوقت ذاته يجب الوصول إلى جميع المستهلكين، ففي بعض الولايات يضطر المستهلك إلى الذهاب إلى ولاية أخرى كي يشتري السمك، على الرغم من أنّها ولاية ساحلية أو قريبة من الساحل، لكن نتيجة لغياب منافذ التسويق، يتكبد عناء التحرك لمسافات طويلة كي يحصل على ما يريد من أسماك.
هذه رسالة إلى من يهمه الأمر، بأنّ تولي الحكومة مزيدًا من الاهتمام بقطاع الثروة السمكية، لاسيما وأنه من بين القطاعات الاقتصادية الواعدة التي يُنظر إليه كقطاع قادر على المساهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي الذي تنشده الخطط الخمسية والرؤية المستقبلية للبلاد.