خالد الخوالدي
ما هو الجديد الذي يمكن أن يضيفه كاتب صغير مثلي أمام ما كتبه الكُتَّاب، وعبَّر عنه الشعراء، وخطَّه المثقفون والفنانون، في التعبير عمَّا يجيش في قلوبنا وخواطرنا تجاه اليوم التاريخي يوم 23 يوليو من عام 1970؛ سوى أن أقول إنَّ هذا اليوم يمثل تاريخ أمة وقائد.
قائد ضحى بشبابه وطاقاته وصحته، وطاف عُمان من أقصاها إلى أقصاها، وجالس الفقير والغني والرجل والمرأة والصغير والكبير، في تواضع قل مثيله بين حكام العالم أجمع، رغم أنه ليس ككل حاكم أو أمير أو شيخ قادته الظروف لأن يتولى حكم بلد، فهو سلطان ووريث سلطنة وإمبراطورية لها تاريخ وصولات وجولات في هذا العالم، والتاريخ سجل ذلك بمداد الذهب، وبعد أن تراجعت هذه الإمبراطورية، بعثه الله ليعيد لها هذه المكانة، حتى يسطِّر التاريخ من جديد مستقبلَ وطن وتاريخ أمة عظيمة.
قائد لا تعبر عمَّا قدمه لعُمان الكلمات ولا تفيه حقه، فأفعاله كثيرة تتحدث عن نفسها في كل شبر من عُمان، والأفعال دائما ما نحتاج وليس الكلام، فهو قليل الكلام كثير الأفعال، فمن ذا الذي سمعه يتحدث يوما عمَّا فعله في عُمان أو خارجها من خير وفلاح وصلاح ووحدة، أكيد الجميع لم يسمعوا، لأنه لم يتحدث أصلا في خيرٍ قدمه، ولكن أفعاله تتحدث عن نفسها فلا تكاد أمة أو شعب أو دولة تحتاج مساعدة وإغاثة وبناء، إلا وتجد له فيها بصمة وفعل يتحدث، وفي زمن كثر فيه المستغلون للإعلام والبهرجة ومواقع التواصل الاجتماعي حتى يجعلوا من أنفسهم مصلحين ومدافعين عن حقوق الإنسان والأمم، وما هي إلا دعايا واهية لم تقم على أسس وقواعد راسخة، نرى السلطان قابوس يقود العالم للسلام ونبذ العنف دون أن يُظهر هذا في أكبر المنصات الإعلامية وغيرها، ولا يدري العالم إلا بعد تنتهي الطبخة التي يهنأ به القريب والبعيد، هذا هو شأنه، وهذه هي سياسته، فجزاه الله عنا خير الجزاء.
وإذا كان هذا هو شأن القائد، فإن الأمة التي يقودها كانت تقف معه شبرا بشبر وذراعا بذراع وكتفا بكتف، فتم البناء بتدبير وحكمة واطلاع وعلم مستنير وبُعد نظر وحسن تخطيط وبدراسة وفكر مستنير بدون حرق للمراحل، وقدم الشعب العُماني مع قائده تضحيات منذ الأيام الأولى من عصر النهضة المباركة، وتواصل العطاء على مدى 47 عاما، لنرى عُمان تتحول بسرعة البرق إلى دولة عصرية حديثة، تغيرت فيها ملامح وصور الدولة التي كانت قبل عام 1970، وهذا ما كان ليتحقق لولا التآزر والصدق والإخلاص والمحبة والعطاء والثقة التي ربطت بين قائد حكيم وأمة عظيمة، فالعالم من حولنا يبرهن أنَّ هناك دولًا كثيرة لديها الإمكانيات والمقدرات أكثر بكثير مما تملك السلطنة لا تزال ترزح تحت أتون الجهل والحرب والصراع؛ لأنها فقدت أحد قطبي المعادلة، فلم ترزق بقائد ملهم حكيم، أو لم يكن الشعب متضامنا مع قائده لتحقيق الرخاء والأمن والسلام والرقي والتطور.
فهنيئا لنا في سلطنة المحبة إنْ اجتمعت القلوب جميعها من خلال رجل مخلص ووفي لوطنه وشعب رائع متسلح بالإيمان بالله، وبأن الشعوب لا تتقدم ولا تتطور إلا بالتعاون والمحبة والإخلاص والصدق بين القائد وشعبه، ودمتم ودامت عُمان بخير.
Khalid1330@hotmail.com