الحكومة الإلكترونية.. "استثمر بسهولة" نموذجا

مُحمَّد البدري

 

يتَّفق المتابِع للتطورات التقنية في مختلف القطاعات على أهمية وجود البنية الإلكترونية الأساسية في السلطنة؛ لتوفير قاعدة خصبة ومرنة ذات كفاءة وفاعلية من الإجراءات والمعاملات المقدمة عبر المؤسسات الحكومية والخاصة؛ من خلال القيمة التي ستقدمها هذه البيئة في تنمية الأنشطة التقنية للمتعاملين وسهولة الوصول للخدمات، وزيادة وعي الجمهور بالبرامج والفعاليات والأخبار والمبادرات الحكومية؛ بما يتماشى مع الأهداف التي تضمنتها إستراتيجية الحكومة الإلكترونية، وقد أسهم تطور أداء الحكومة الإلكترونية في سلطنة عمان خلال الفترة المنصرمة بالتسارع المشهود للمؤسسات الحكومية والخاصة، وتحقيق العديد من الإنجازات المتميزة على المستويات المحلية والإقليمية.

قد يأخذنا الحديثُ عن منظومة الخدمات الإلكترونية للحديث عن نموذج قد نصفه بالنموذج المتكامل لخدمة المستثمرين داخل سلطنة عُمان، وهو المحطة الواحدة "استثمر بسهولة"، والتي يُمكن اعتبارها بوابة للأعمال في سلطنة عُمان من خلال تقديمها العديد من الخدمات الإلكترونية لتشكل مصدرا للأعمال والخدمات الحكومية والبالغ عددها 10 جهات مرتبطة بنظام استثمر بسهولة، إضافة لـ29 جهة أخرى تعتزم الانضمام إليها في المستقبل (من ضمنها 15 وزارة).

بيانات السجل الوطني للأعمال التجارية والتي تمثل أنموذجا ذاتيا للأفراد يستطيع من خلاله إنهاء كافة معاملاته التجارية من أي مكان إلكترونيا؛ حيث تسعى البوابة لتبسيط عملية تسجيل وإدارة الشركات في السلطنة، ويجعل التعامل مع الجهات الحكومية أسرع وأكثر شفافية، وهو ما أشار إليه معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة بأن عملية استخراج السجل التجاري أصبحت تحتاج خمس دقائق فقط، وهو الأمر الذي يجعلنا نقف على قيمة هذه البوابة في تسهيل الإجراءات والتي كانت تأخذ وقتاً وجهداً أكثر في الوصول للبيانات والتعاملات والأعمال التي يمكن البدء فيها دون الحاجة لطلب الحصول على ترخيص؛ فضلا عن الدور الرقابي الذي يمكّن البوابة من الكشف عن العديد من التعاملات غير القانونية كإدخال معلومات غير صحيحة عن المستثمرين، مثل البيانات البنكية المزورة أو الكشف عن الأشخاص الذين يملكون سجلات تجارية بها تجارة مستترة والتي تضر بالاقتصاد المحلي.

وحقق مشروع "استثمر بسهولة" العديد من الإنجازات؛ فهو يعتبر أول مشروع في السلطنة يدعم ويصدر الشهادات الموقعة رقميا وأول مشروع يدعم جميع آليات التوثيق؛ حيث يُمكن للمستثمرين الآن تحميل نسختهم من الشهادة الموقعة رقميا دون الرجوع للوزارة أو المرور على أي من فروعها في المحافظات؛ الأمر الذي أسهم في عملية تسجيل أعداد هائلة جداً من الشركات ورفع قيمة الاستثمارات والشركات الراغبة في تأسيس أعمالها نظراً لوجود التسهيلات المحفزة للأفراد في تأسيس أعمالهم، كما حصلت المحطة على العديد من الجوائز؛ منها: جائزة منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات في فئة الأعمال التجارية الإلكترونية 2016، وجائزة الحكومة الإلكترونية لدول مجلس التعاون الخليجي، وأفضل خدمة حكومية لقطاع الأعمال 2015.

 كما أصبحت التقنية السهلة مصدرا لاقتناء البيانات عن طريق البوابة من خلال توفير التطبيقات في الهواتف النقالة للحصول على كافة خدمات المحطة؛ الأمر الذي يعكس جهد وزارة التجارة والصناعة في تسهيل الإجراءات للأفراد المحليين والمستثمرين الخارجيين في الحصول على بيئة تقنية لإنجاز أعمالهم بطريقة سهلة؛ الأمر الذي عَكَس القيمة الفعلية من خلال إحصائية السجلات التجارية والتي أشارت إلى تسجيل أكثر من 7 آلاف سجل تجاري بالسلطنة خلال الربع الأول من 2017 بمختلف الأنشطة، وهو إشارة بقيمة التسهيلات الإلكترونية الموجودة عبر المحطة وبيئة الأعمال المحسنة.

وفي المقابل، لابد من الإشارة إلى تكاملية العملية بين الأفراد والمؤسسات من أجل تطوير كفاءة الخدمات الإلكترونية المقدَّمة، وكسب نقطة الثقة بين الفرد والمؤسسة، وهذا ما ناشد به العديد من صُنَّاع القرار للمؤسسات المتأخرة في الركب الإلكتروني لضرورة تحسين بيئة الخدمات وخلق نموذج عالٍ من الأداء الحكومي التقني، مستنيرين في ذلك بالنهج السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أمدَّ الله في عمره- وتأكيده الدائم على أهمية التقنية في بناء القدرات والمهارات وتطوير الخدمات، وهنا نختتم بحديث باني نهضة عُمان الحديثة في الانعقاد السنوي لمجلس عمان عام 2008: "لقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الأساسي لعجلة التنمية في هذه الألفية الثالثة؛ لهذا أولينا اهتمامنا لإيجاد إستراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية".

m.albadri19990@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك