بمتوسط عمر أرضي 20 ألف سنة

"التعدين": تسخير إمكانيات البحث لحفظ النيازك العمانية ودراسة أهميتها العلمية.. و6558 قطعة مكتشفة بالسلطنة

...
...
...
...
...
...
...

 

مسقط - الرُّؤية

 

أكد الدكتور علي بن سالم الراجحي مدير عام المديرية العامة للبحوث والمسوحات الجيولوجية بالهيئة العامة للتعدين حرص الهيئة على الحفاظ على ثروة النيازك واستغلالها علميا من خلال إجراء البحوث والدراسات وإتاحتها للباحثين والدارسين، وكذلك إمكانية استغلالها اقتصاديا، وذلك انطلاقا من الاختصاص المنوط بالهيئة للمحافظة على هذه الثروة الطبيعية.

وتعد السلطنة من أكثر دول العالم عددا للنيازك المكتشفة حسب إحصائيات جامعة واشنطن؛ إذ يقدر عددها بنحو 6558 قطعة نيزكية تزن ما يقارب 4775 كيلوجراما، وتمثل ما يزيد عن 1000 نيزك، يتضمنها 70 قطعة نيزكية من القمر و17 قطعة نيزكية من المريخ؛ حيث تشير الدراسات إلى أن تدفق النيازك إلى الأرض ظل ثابتا منذ 50000 سنة، ويقدر تدفق النيازك التي يزيد وزنها عن 10 جرامات من 36 إلى 116 نيزكا لكل مليون كيلومتر مربع سنويا، مما يعني سقوط من 11 إلى 36 نيزكا كل عام على أرض السلطنة البالغة مساحتها 309 آلاف كيلو متر مربع.

وقال الراحجي إن عُمان من الدول الرائدة من حيث عدد النيازك المكتشفة على أراضيها؛ حيث إن معظم النيازك التي وجدت في السلطنة من النيازك الكندراتية المتفرعة عن النيازك الحجرية والتي مصدرها حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، وهناك قطع نيزكية يعود أصلها إلى المريخ والقمر ولكنها نادرة. وأكد الراجحي الأهمية الكبيرة للنيازك نظرا لقيمتها العلمية، وقال: "تم تشكيل فريق علمي مشترك بين الهيئة العامة للتعدين ومتحف التاريخ الطبيعي السويسري للبحث عن النيازك العمانية وتجميعها وحفظها، وإجراء الدراسات العلمية عليها، فأهمية النيازك تكمن في المعلومات النادرة التي تحتويها حول كيفية تكوين النظام الشمسي لأنها تظهر كأقدم ترسبات كونية تحتوي على معلومات حول التفاعلات الكيميائية والقوى الفيزيائية التي سبقت تكوين هذا النظام قبل أربع مليارات وستمائة مليون سنة".

النيازك المكتشفة

وتعرف النيازك على أنها صخور ذات أصل سماوي، وتسقط على الأرض عندما يتقاطع مدارها حول الشمس مع مدار الأرض أي عندما تقترب من الأرض وتقع تحت تأثير جاذبيتها. وتخترق النيازك الغلاف الغازي للأرض بسرعة تتراوح بين 10 إلى 30 كم/ ثانية متعرضة للتآكل بسبب احتكاكها بالهواء حتى تتلاشى كليا أو تنقص كتلتها قبل وصولها إلى سطح الأرض. وتتراوح كتل النيازك التي تصل الأرض ما بين أقل من جرام إلى عشرات الأطنان، وتمثل أشهر النيازك التي سقطت إلى الآن هو نيزك هوبا (Hoba) في جنوب غربي أفريقيا، و يزن حوالي 66 طناً، وما زال إلى الآن في موقع سقوطه، ويليه في الكبر نيزك مدينة ركاب يورك ويزن أكثر من 36 طناً، وهو نيزك حديدي عثر عليه أحد المكتشفين في جزيرة جرينلاند سنة 1897م، وهو محفوظ حالياً في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي بنيويورك بالولايات المتحدة، وتتسبب النيازك التي يزيد وزنها على مئات الأطنان عند ارتطامها بالأرض في إحداث حفر اصطداميه متفاوتة الأحجام. وفي السلطنة يزن أكبر نيزك تم العثور عليه حتى الآن حوالي 200 كيلوجرام. ويُقدر العلماء أن 44 طنا من المواد النيزكية تسقط على الأرض كل يوم؛ وفي العادة يمكن أن تشاهد بضعة شهب كل ساعة خلال الليل.

اهتمام الهيئة

وتولي الهيئة العامة للتعدين اهتماما كبيرا للحفاظ على النيازك العمانية من خلال عمليات البحث والدراسة والتصنيف العلمي لهذه الثروة الوطنية نظرا لأهميتها العلمية والتراثية على المستويين الإقليمي والعالمي، وتعتبر النيازك بشكل عام ذات أهمية علمية كبيرة لمعرفة التركيب الصخري للأجرام السماوية ودراسات علوم الفضاء ويمكن تقسيمها الى ثلاثة أنواع: النيازك الحديدية، وتتكون من الحديد والنيكل في أكثر من 98% من كتلتها، والنيازك الحجرية والتي تشمل على حجارة تنقسم إلى عدة أنواع، وكذلك النيازك الحديدية الحجرية والتي يكون نصفها تقريباً من الحديد والنيكل والنصف الآخر يتكون من معدن الألوفين"، ويمكن تحديد مكونات النيازك عندما تمر عبر الغلاف الجوي للأرض، وذلك عن طريق المسار المنحني الذي تسلكه والطيف الضوئي للشهب الناتجة، وتعتبر النيازك الصخرية هي الأكثر شيوعا بالنسبة لتلك التي عثر عليها بعد مشاهدة سقوطها حيث تشكل 94%، بينما تشكل النيازك الحديدية 5%، والنيازك الحديدية – الصخرية 1% من النيازك التي تم العثور عليها. وتصنف النيازك العمانية على أنها نيازك صخرية في مجملها، مع وجود نيزك حديدي واحد، ويزيد متوسط العمر الأرضي لهذه النيازك عن 20 ألف سنة تقريبا، حيث إن البيئة العمانية مناسبة لحفظ النيازك بصورتها الطبيعية، كما تم العثور أيضا في السلطنة على نيزك حديث يقدر عمره الأرضي 5 سنوات تقريبا.

جهود بحثية

وفي إطار الجهود المتواصلة من الهيئة العامة للتعدين للنهوض بالبحوث العلمية في هذا القطاع والمحافظة على الظواهر والتراث الجيولوجي العماني، قام فريق من الهيئة العامة للتعدين بالتعاون مع فريق من متحف التاريخ الطبيعي السويسري وجامعة بيرن السويسرية بعملية بحث وجمع للنيازك العمانية خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث تم العثور على ما مجموعه 352 قطعة نيزكية بما يوازي 53 كيلوجراما، ليصبح العدد الإجمالي المكتشف حتى الآن 6558 ألف قطعة نيزكية بوزن إجمالي 4775 كيلوجراما. ويأتي هذا البحث ضمن مذكرة التفاهم الموقعة مع متحف التاريخ الطبيعي السويسري بهدف جمع ودراسة وتصنيف وحفظ النيازك العمانية حفاظا عليها وحمايتها من المخاطر منذ عام 2001م.

وتعمل الهيئة العامة للتعدين على تخصيص مساحة مهيأة لحفظ النيازك العمانية المكتشفة، تمهيدا لاستلام الجزء المتبقي منها مع الجانب السويسري بعد الانتهاء من عملية دراستها وتصنيفها من قبل فريق العمل بناء على المذكرة الموقعة في هذا الشأن لتضاف إلى النيازك المحفوظة لدى الهيئة، وستعمل الهيئة على إجراء المزيد من الدراسات العلمية عليها، وستكون متاحه للباحثين والدارسين في هذا المجال، كما تسعى الهيئة إلى إقامة ورشة عمل للتعريف بالنيازك العمانية وأهميتها العلمية والبحثية، بمشاركة الجمعية الدولية للنيازك وعدد من المختصين والباحثين من دول العالم. وتعمل الهيئة أيضا على توثيق جميع البيانات والتحاليل العلمية لجميع النيازك المكتشفة لإصدارها في كتاب متخصص بهذا الشأن، كما تسعى الهيئة لعرض بعض من هذه النيازك في المتحف الوطني ومتحف عمان عبر الزمان (قيد التأسيس) لتكون متاحة للجميع من باحثين وزوار.

تعليق عبر الفيس بوك