إلى وزارة الصحة: هل هناك مراقبة للمستشفيات الخاصة؟

 

فايزة محمد

لماذا يلجأ النّاس إلى المستشفيات الخاصة، في ظلّ توفر الخدمات الصحيّة التي تقدمها الحكومة عبر مئات المؤسسات الصحيّة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، بدرجاتها الثلاث الأولية والثانوية والثالثية؟

لا شك أنّ كل شخص يحمل إجابة تختلف عن الآخر، ولكن هناك فئة كبيرة من المواطنين تلجأ إلى المستشفيات الخاصة هربا من المواعيد الطويلة نسبيًا للمستشفيات الحكوميّة. ورغم الجهود الواضحة التي تقوم بها وزارة الصحة لتقصير مدة المواعيد، إلا أنّ بعض الحالات تستدعي أحيانا تدخلا عاجلا؛ ولذلك يلجأ المواطنون فيها إلى المستشفيات الخاصة. ولكن، ماذا يحدث بعد ذلك؟ هل تقوم هذه المستشفيات بمتابعة مرضاها أم لا؟

في هذا المقال ومن خلال تجربة شخصية مررت بها بالإضافة إلى شهادات لتجارب أخرى أحاول الإجابة عن هذا السؤال.

في الوقت الذي كان يحتفل فيه المواطنون في السلطنة بعيد الفطر المبارك، كنت أقضي العيد في مستشفى النهضة في وضع حرج للغاية. والقصة باختصار أنّ ابني البالغ من العمر عشر سنوات قام بعملية Adenoidectomy في أحد المستشفيات الخاصة الشهيرة؛ والسبب في اختيار هذا المستشفى بالذات هو ما سمعته من الكثيرعن مهارتهم في إجراء هذا النوع من العمليات، والسبب الآخر أن العملية كانت مستعجلة، ولم تكن تتحمل المواعيد الطويلة نوعا ما في المستشفيات الحكومية، وأقصد هنا تحديدا مستشفى النهضة، ولا ألومهم في ذلك؛ بسبب كثرة الحالات التي لديهم. ذهبت إلى المستشفى الخاص يوم السبت 17 يونيو الماضي، وتم إجراء العملية بنجاح على يد إحدى الطبيبات المتخصصات هناك، وأعطونا موعدا للمراجعة بعد أربعة أيام فقط، وعندما ذهبنا إلى موعد المراجعة وبعد جلسة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة فقط قالوا لنا أن الأمور جيدة، ولا داعي للقلق.

لكن، الذي حدث بعد ذلك، وتحديدا في فجر يوم الأحد 25 يونيو أن أبني أخذ ينزف من الأنف والفم معا، فتذكرت حينها أنّ الطبيبة التي قامت بالعملية قالت لنا إن خروج بعض الدم بعد الأسبوع الأول هو طبيعي جدا؛ لأنه عبارة عن خروج بعض مخلفات العملية من الدم، ولكن النزيف زاد بشدة في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، فقمت بالاتصال بالمستشفى الخاص، وطلبوا مني إحضاره على وجه السرعة إلى قسم الطوارئ، فذهبت إلى هناك بأقصى سرعة، وهناك كانت المفاجأة التي بسببها كتبت هذا المقال، لأنّ ما حدث هناك - ويحدث بشكل كبير في المستشفيات الخاصة - تستدعي وقفة جادة من وزارة الصحة، لأنّها تتعلق بصحة المواطنين أولا، ثم بميزانية الوزارة، ونحن نعلم تمامًا الظروف الاقتصادية التي تعيشها مختلف المؤسسات الحكومية بعد انخفاض أسعار النفط. المفاجأة كانت أنّ الطبيبة المناوبة في ذلك المستشفى لم تكلف نفسها حتى بالنظر إلى الحالة ومعرفة أسباب النزيف، بل انشغلت بطباعة رسالة تحويل إلى مُستشفى النهضة، فطلبت منها أن تتصل بالاستشاريين في الأذن والأنف والحنجرة، فقالت لي: إنهم في إجازة ولا يستطيعون الحضور، فصعقت من هول المفاجأة! وسألتها بكل هدوء: وماذا بخصوص النزيف عند ابني؟ كيف تتصرفون؟ ولماذا طلبتم مني إحضاره إلى الطوارئ إذاً؟ فردت عليّ بأنّها ستقوم بتحويله إلى مستشفى النهضة وهناك سيتخذون اللازم.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا وأوجهه إلى المسؤولين في زارة الصحة: لماذا لا تقوم المستشفيات الخاصة بمتابعة الحالات التي تجري لها عمليات جراحية؟ لماذا تتنصل عن مسؤوليتها عندما يشعر المريض بوجود مضاعفات لديه جراء العملية؟ لماذا تقوم بتحويل المرضى إلى المُستشفيات الحكومية؟ إذا كانت هذه المستشفيات غير مؤهلة ولا تستطيع متابعة مضاعفات مرضاها؛ لماذا يسمح لها بالعمل في مجالات أكبر من قدرتها؟ وأنا لا أتحدث هنا عن حالة ابني الذي رأى الموت أمامه بأم عينيه لولا عناية الله ثم التدخل الجراحي السريع في مستشفى النهضة.

أشكر هنا بشكل خاص الدكتور مازن بن جواد الخابوري مدير عام المؤسسات الخاصة بوزارة الصحة والاستشاري في الأذن والأنف والحنجرة؛ فقد وقف معنا منذ اللحظة الأولى لدخولنا مستشفى النهضة، بل قبل ذلك، وحتى بعد انتهاء العملية بنجاح، فله كل الشكر والتقدير-. ولكن أتحدث عن حالات كثيرة جدا وربما وصلت بعضها إلى المسؤولين في وزارة الصحة. وأذكر هنا حالة أخرى حدثت في مستشفى آخر بسبب خطأ طبي أيضاً فقاموا بتحويله إلى المستشفى السلطاني. وهناك حالة أخرى توفي مولودها بحجة أنّه ليس لديهم طاقم مجهز عند الحالات الصعبة في الولادة.

ومن هذه الحالات أيضا قصة صديقة لي حيث راجعت أحد هذه المستشفيات الخاصة قبل عدة أشهر بعد أن تعرضت لحادث بسيط جدا، وعندما عرفوا بأنّ لديها تأمينا صحيا قاموا بجميع الفحوصات التي لديهم من أشعة وفحص دم وغيرها الضرورية وغير الضرورية، وخرجوا بنتيجة إنّها مصابة بالأنيميا المنجلية، وكانت النتيجة صادمة لها، أنيميا منجلية؟ وطلبوا منها أن تباشر العلاج فورا، ولكن الحمد لله؛ فقد ذهبت مباشرة إلى المستشفى السلطاني بعد ان طلبت منهم تحويلا؛ وأكدوا لها بعدم صحة التشخيص، وأنّها سليمة من الأنيميا وغيرها. ولو أحصيت هذه الحالات التي تم تحويلها إلى المستشفيات الحكومية لتطلب الأمر ملفا كاملا وليس مجرد مقال قصير.

إنّ على وزارة الصحة أن تهتم بمتابعة ومراقبة المستشفيات الخاصة أولا بأول؛ لأنّ الذي يحدث حاليا وأقول ذلك بكل صراحة؛ أن كثيرا من هذه المستشفيات - حتى لا أقول كلها- تهتم بالجانب المادي في عملها أكثر من الاهتمام بالمريض؛ ولذلك فهي بمجرد إنهاء العلاج للمريض واستلام رسوم العلاج لا تهتم به، وفي حال اكتشاف المريض وجود مضاعفات لديه أو اكتشاف خطأ في العلاج تقوم بتحويله مباشرة إلى المُستشفيات الحكومية حتى تتحمل نتيجة أخطائها. فلماذا تتحمل وزارة الصحة أخطاء هذه المستشفيات؟ سؤال بحاجة إلى إجابة.

تعليق عبر الفيس بوك