العودة إلى ميناء السلطان قابوس

 

 

فايزة الكلبانيَّة

 

قَدْ يَتَبَادَر لِمَن ينظرُ إلى حَرَكةِ التجوال السياحي الموسمي في ميناء السلطان قابوس بمطرح أنَّ هذه الحركة اليومية من الوفود السياحية، التي تأتي على متن البواخر العابرة للبحار لترسو على رصيف ميناء السلطان قابوس -الذي تمَّ تحويله من ميناء تجاري إلى ميناء سياحي- بأنَّه يعود على خزانة الدولة بالملايين أو المليارات من الدولارات، ولكن ما يَدْعُو إلى الحيرة والدهشة أنَّ هذه الوفود السياحية لا تضخ في السوق العُماني سوى مبالغ محدودة سواء في شراء بعض الهدايا البسيطة أو البخور واللبان، وما عدا ذلك يكون البقية قد رفدوا خزانة الدولة بالشيء البسيط لأنهم يكتفون بالنظر وتوزيع الإعجاب والابتسامات، والتقاط الصور من هُنا وهُناك، ولا يتعدَّى شراؤهم غالبا زجاجة مياه الشرب، مع محدودية في الصرف والتبضُّع، وهذا يتنافى مع المأمول والمرتقب من عوائد الحركة السياحية، لا سيما بعد أنْ تمَّ تحويل ميناء السلطان قابوس من ميناء تجاري إلى ميناء سياحي بالكامل، ونقل كافة أنشطة الاستيراد والتصدير التجارية "البضائع العامة والحاويات" إلى ميناء صُحار الصناعي.

أسئلة كثيرة تَتَبَادر إلى أذهان الكثيرين اليوم، وقد تمَّت مُناقشتها من خلال العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عن مَدَى مُلاءَمة تحويل ميناء السلطان قابوس إلى ميناء سياحي؛ وذلك بالنظر إلى التكلفة المادية المرتفعة، ومدى إمكانية تأهيل جُزء من الميناء ليكون سياحيًّا مع الاحتفاظ بالجزء الآخر ليبقى يخدم المجال التجاري، وهل سيستطيع ميناء صحار جذب السفن التجارية الكبرى، أم أنَّها ستفضِّل الانتقال إلى موانئ الدول المجاورة؟!

لا أَحَد يُنكر ما لقطاع الموانئ السياحية من أهمية إلى جانب القطاعات التجارية والصناعية، التي ستجعل السلطنة مقصدا للسياح من مختلف أرجاء العالم، وبما يُحافظ على أصالة تراثها وعراقة تقاليدها وإظهار وجه عُمان الحضاري، فضلاً عن الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتاحة، لكنَّ المرحلة الحالية والمستقبلية المليئة بالأحداث والمتغيرات الجديدة في منطقة الخليج تُحتِّم علينا إعادة النظر في بعض القرارات، وكيفية إعادة ترتيب الأولويات التي تمَّ إقرارها منذ سنوات مضت. فتغيير نشاط ميناء السلطان قابوس كليًّا من تجاري إلى سياحي اليوم لا يصبُّ في صالح الاقتصاد الوطني بالقيمة الكبيرة المخطَّط لها؛ فالمتغيرات مع الدول المجاورة تتطلَّب فتح المجال وأن يستقبل أحد الأرصفة بميناء السلطان قابوس البواخر القادمة بالأفواج السياحية، بينما الرصيف الآخر يظل مزاولا للأنشطة التجارية واستقبال سفن الشحن والبضائع كما هي العادة، وهذا أيضاً من شأنه أن ينعش العمل بالمؤسسة العامة لخدمات الموانئ لتزاول شيئا من أنشطتها المعتادة لرفد السوق تجاريًّا وسياحيًّا وتفادي مخاطر إغلاقها.

faiza@alroya.info