علي بن كفيتان بيت سعيد
لا أخفيكم سراً إن قلت لكم أنني لست رجلا رياضيا، ولكنني متابع لأخبار كرة القدم، فلا مانع من مشاهدة مباراة من أجل المتعة وكم أمقت المباريات التي تنتهي بالتعادل أو التي تكون من جانب واحد، فمن طبعي أنّه إذا سجل فريق هدف انتقل لتشجيع المهزوم حتى يتعادل ومن ثمّ ننتقل للآخر لكي يفوز وكم يرهق ذلك أصدقائي بل وأبنائي المتعصبين لبعض الأندية فقد أصبحت في نظرهم رجلا لا أحمل هويّة كرويّة، ولا ولاء لناد معين، حدث معي هذا العارض الكروي منذ حوالي 25 سنة ففي حينها كنت طالبًا في أروقة جامعة السلطان قابوس، وأشجع نادي ظفار ليس لشيء إلا لاسمه فقط، ولم أذكر أنني دخلت مقر هذا النادي العريق ولا شك بأنّه لم يخذلنا منذ تلك الفترة وحتى اليوم، ثم لاح نجم نادي مرباط في مطلع التسعينيات من القرن الماضي مع رئيسه آنذاك الشيخ عوض بخيت العمري رحمه الله، لقد استثار عواطفنا ذلك النادي الذي يضم بين صفوفه لاعبين مميزين وفي المعظم فهم من أبناء ريف ظفار وكانت الرجولة وإبراز الذات هما الوقود الحقيقي لهذا النادي القادم من شرق ظفار من مرباط كما يسمونها في ظفار (طرفات) أرض القلعة، وزهير، وبن علي، أرض النشامى والكرم والجود نعم إنّها ركن ظفار الشرقي العصي على الطامعين والغزاة، إنّها عاصمة ظفار القديمة ومرفأها الآمن الذي يحرسه الله دوماً، إنها أرض المحاربين الذين ليس في مبدئهم الانسحاب من أرض المعركة مهما كانت النتائج، هم يعشقونها ويموتون من أجلها لذلك ارتكز نادي مرباط على كل هذه القيم التي لا تتزعزع.
ذهبت مع زملائي في الجامعة منذ وقت مبكر إلى إستاد الشرطة بالوطيّة لمشاهدة نهائي كأس جلالة السلطان المعظم الذي كان نادي مرباط طرفاً فيه، نعم كنا هناك في الملعب، وما أدهشني حشد الجمهور الملطخ بالنيل المائل للون العنابي أنّهم رجال الفرق الوطنية كانوا في طور الاستعداد للاحتفال بالعيد الوطني كان جمع غفير وكانت اللهجة الريفية هي الرسمية في الميدان ذلك المساء بلا منازع، أبدع الجميع في صفوف مرباط وصال مسعود عامر الكثيري وجال في كل شبر من الملعب باختراقاته العجيبة، كنا نقف معه ونجلس (رحم الله بر كربش).
لم أشجع يوما أي نادي في حياتي كما شجعت مرباط في تلك الأمسية، كان الشيخ عوض بخيت العمري يقف على أعصابه وكلنا معه رحمه الله، نعم لقد كان الاب الروحي لأبناء مرباط بل وظفار بشكل عام، رجل لا ينقصه شيء، كان ميله للرياضة حسب ما علمت لكي يعيد مرباط للواجهة وهي التي لم تغب أبداً، لقد فعلها أبو هيثم ومعه ثلة من الشباب الطامحين لرفعة وسمعة مرباط ولتطوير الكره العمانية ولا ريب أنهم فعلوا لكن القدر لم يمهل الرجل فغادر سريعاً ليعود مرباط أدراجه على سفينة شراعية تلهمه للسفر مره أخرى إلى صفوف المقدمة لم يمت الأمل لأن هيثم بقى ليكمل خطوات أبيه رحمه الله ولو بعد حين.
في يوم زفافه قبل بضع سنين أتت ظفار عن بكرة ابيها مهنئة لهيثم في مرباط، وأنا بحضوري رأيت فيه سر أبيه وعنفوان نسبه الممتد لأسر كريمة يعلمها القاصي والداني، جال فكري إلى نادي مرباط وسألت نفسي هل من الممكن أن يعود الرجل لتكملة مشوار بدأه رجلا عظيما ولم يكمله، آثرت الصمت ولم أبلغ أحدا بما يجول في خاطري، أتيت مع عزوتي مكرماً وذهبت معهم مودعا مرباط التي ارتدت حلة جديدة ذلك النهار، وبعدها سمعت الخبر بأنّ النادي اختار رئيسا جديداً له وعلمت على الفور أنّه ذلك الشاب المتقد لفعل شيء لولايته، وبالفعل تولى الأمور وفي غضون أشهر تربع النادي على قمّة دوري الدرجة الأولى، فتقهقر قليلاً، ثم وثب ذلك النمر القادم من جبل سمحان إلى دوري النخبة دوري الأضواء، وأعجبتني في هذه المناسبة تغريده السيد خالد بن حمد البوسعيدي رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم السابق مهنئا الشيخ هيثم قائلاُ(هذا الشبل من ذلك الأسد).
نبارك جميعا لنادي مرباط وفرسانه ورئيسه الشاب صعودهم لدوري الأضواء ونأمل أن يكون هذا الصعود مدوياً بأن نرى النادي متصدراً للدوري ولا شك أنّ هذا النادي يمتلك أرثاً تاريخياً عريقاً وقاعدة جماهيرية عريضة وشامخة كشموخ أرياف ظفار التي تقف متحفزةً خلفه في قادم الأيام بإذن الله.
حفظ الله مولانا جلالة السلطان وأدام عليه الصحة والعافية والعمر المديد.
alikafetan@gmail.com