أحسنوا استقبالَ ضَيْفِكم

خالد الخوالدي

أهلاً بالضَّيْف الذي أوقاته جميلة، ولحظاته رائعة، وأيامه مؤنسة، وساعاته تبث المغفرة، وذكرياته سعيدة.. شهرُ البركة والرَّحمة والمغفرة، أفضل الشهور بلا جِدَال، وأيامه من أفضل الأيام بلا نقاش، ولياليه أفضل الليالي على الإطلاق، فيها ليلة خير من ألف شهر، وساعاته أفضل الساعات دون شك، هو شهر دُعِي فيه المسلمون إلى ضيافة رب السماوات والأرض، وإلى ضيافة الكريم، فأنتم في ضيافة الكريم، فمَنْ الكريم بعده، ومن الجواد غيره، ومن العظيم سوءه، فكل أنفاسكم ورواحاتكم ودعائكم، وحتى نومكم، فيه عبادة، وكلُّ إعمالكم الصالحة مقبولة ودعائكم فيه مستجاب.

فإذا كان هذا الشهر بهذا الكرم والجود، فعلينا أن نستقبله بتصفية القلوب، والإكثار من الطاعات والصدقات وصلة الأرحام، وكونوا فيه من المصلين المحسنين، فقد كان حولكم ومعكم في الأمس القريب أحبابٌ لم يُوفقوا في بلوغ هذا الشهر الكريم، فكونوا لهم أوفياء بالدعاء لهم والصدقة عنهم، وزيارتهم والإحسان إلى أصدقائهم وجيرانهم، ولا تستقبلوا هذا الشهر الفضيل بتجهيز الملاعب وشراء ما لذَّ وطاب من المأكولات والمشروبات، وبمتابعة المسلسلات والأفلام والبرامج التليفزيونية وبالسهرات الليلية إلى الصباح وبالنوم طوال النهار وكأنَّ شهر رمضان شهر الكسل والدعة والخمول، أزيلوا هذه التصوُّرات التي عشَّشت وتراكمتْ على بعض العقول والقلوب؛ فرمضان شهر الصبر والعمل، والتفاني في كسب الرزق، ولن أذكركم بما كان عليه الرسول الأمين، ولا صحبه الكريم في هذا الشهر المبارك، وكيف كانوا يستقبلونه ويعيشون أيامه ولياليه، فأنتم أكثر خبرة ودراية مني بسيرهم الطاهرة في هذا الشهر وغيره من الشهور.

وأدعو نفسي وأدعوكم إلى التقليل من استخدام الهواتف خلال أيام وليالي هذا الشهر الكريم حتى لا تضيع أوقاتكم سُدَى وأعماركم فيما لا جدوى منه، واستعينوا بمَنْ يُرْشِدكم إلى الخير والصلاح والفلاح، وأطرقوا أبوابَ المعروف فهي كثيرة ومتنوعة ومتاحة، ولا تستصغروا المعروفَ ولا تستسهلوا الأعمال الصالحة، فأنتم لا تدرون ما يدخلكم الجنة ويبعدكم عن النار؛ فالكلمة الطيبة صدقة، وهي أصغر الأشياء؛ فكَيْف بالأعمال والأفعال الكبيرة، وفي هذا يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، وأدعو نفسي وأدعوكم إلى تلمُّس الفقراء والمساكين والأيتام من أرحامكم أولا، ومن إخوانكم المسلمين في كل مكان، أشعروهم بأنَّكم معهم ولن تتخلوا عنهم، وطبِّقوا الحديثَ الشريف الذي يقول "المسلم أخو المسلم"، فالفرصة مواتية في هذا الشهر لردم كل الخلافات والانقسامات، وأبدلوها بالحب والتفاهم والإخاء والصفاء والنقاء، فلا يسلم من عذاب الله يوم القيامة إلا أصحاب القلوب النقية والسليمة، فربُّ العزة يقول: "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم".

إنَّنا جميعا مقصرون، ونعترف بذلك، بل لابد أن نعترف بذلك بين يدي الله سبحانه، وهذا الاعتراف والخضوع لابد أن يقودنا إلى التغيير والاجتهاد والعمل والمثابرة لفتح صفحة جديدة في هذا الشهر الفضيل، ليكون لنا انطلاقة حقيقية في رمضان وفي غيره من الشهور؛ فالأعمار قصيرة والأنفاس محدودة، وعلينا أن لا نستكثر العبادة ونظنَّ أننا وصلنا لمرحلة كبيرة من الطاعات في هذا الشهر، فما نعمله مهما كان هو قليل في حق الله سبحانه وتعالى الذي أنعم علينا بسائر النعم؛ فالشقيُّ من حُرِم غفران الله في هذا الشهر الفضيل.

هنيئا لكم بلوغ شهر رمضان المبارك، شهر الخير والمغفرة والبركات، وأعاده الله عليكم كلَّ عام وأنتم بخير وصحة وسلامة وعافية.. ودمتم ودامتْ عُمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com