البيئة من منظور إسلامي

 

 

 

بدر بن سعود الدغيشي

حماية البيئة والمحافظة عليها في حقيقة الأمر هو حفاظ وحماية لأنفسنا وأموالنا

أكرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بعد خلقه فجعل الكون مهيأً له بكل ما فيه من بر وبحر وماء وجبال ونجوم وكواكب "ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيّبات وفضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء 70).

وهذا الفضل والكرم من الله بأن هيأ له الكون بأكمله، يوجب على الإنسان أن يبذل كل ما في وسعه من أجل أعمار هذا الكون بما يؤدي إلى تحسينه وتطويره، وفي الجانب الآخر يحرم عليه أن يعمل الأعمال التي تؤدي إلى العبث والدمار والخراب والإساءة إليه "ألم تروا أنّ الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة". إذن فحماية البيئة والمحافظة عليها في حقيقة الأمر هو حفاظ وحماية لأنفسنا وأموالنا وحياتنا وحماية لهذه الأرض التي نعيش عليها من الكوارث والفيضانات والأمراض وغيرها.

والحقيقة أن سلطنة عمان في مقدمة الدول التي عنيت بالبيئة وسلامتها، والفكر السامي لصاحب الجلالة سلطان البلاد - أعاده الله سالما غانما- هو من جعلها مميزة في هذا المجال وغيره من المجالات، فلا يكاد يخلو أي خطاب من خطابات صاحب الجلالة منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد إلا ويشير بل يذكر أهمية المحافظة على البيئة صراحة وضمنا، وإضافة إلى خطاباته وتأسيسه للأطر الفنيّة والإدارية والقانونية في المجال البيئي إلا أنّ جلالته منح عام 1989م أثناء زيارته لمقر اليونسكو جائزته لحماية البيئة للأفراد والمنظمات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وما ذلك إلا إيقانا من جلالته بأهميّة الحفاظ على البيئة لأنّ الحفاظ عليها حفاظ على أنفسنا وأبنائنا وأموالنا وكوننا وبقائنا – حفظ الله جلالته ومن عليه بالصحة والعافية-.

القيم والأخلاق عماد حماية البيئة:-

النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية التي تتحدث عن حماية البيئة والمحافظة عليها كثيرة، جاءت هذه النصوص لتربي المجتمع على الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة في التعامل مع نعم الله وفضله على الإنسان، جاءت تلك النصوص لتؤكد بأنّ الحفاظ على البيئة هو حفاظ على عناصرها المختلفة من ماء وهواء وتربة وغذاء، ولعلّ أهم هذه النعم التي لها تأثير كبير في صون البيئة وسلامتها وثباتها هي ((نعمة  الماء)) الذي هو أهم عنصر من عناصر الحياة، إذ في إفساده إفساد بالبيئة وإضرار بها، يقول الله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" (الأنبياء 30) ويقول سبحانه: "ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلعٌ نضيد، رزقاً للعباد وأحيينا به بلدة ميتاً كذلك الخروج" (ق9-11)، ويقول سبحانه "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَة وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (الأنعام 99)

فكان الإسلام سباقاً إلى كل فضيلة وخلق، وجلى الكثير من المفاهيم والآداب والقيم في تعامل الإنسان مع مفردات البيئة، وعمل على غرسها في نفوس اتباعه، إذ في ذلك حفظ للنفس والحرث والنسل والكون بأكمله.

تعليق عبر الفيس بوك