كتاب المبصرون في الشعر العماني .. فرصة عبور حدود اللغة إلى عالم أوسع

 

مسقط - العمانية

 إصدارٌ يحمل بين طياته سيرة وقصائد ثمانية شعراء عُمانيين فقدوا بصرهم لكن لم تخفت بصيرتهم وملأوا الدنيا شعرًا وحكمة وأشعلوا لمن أتى بعدهم مشاعل الإبداع غير أنَّ تلك السيرة المختصرة والقصائد في كتاب (المبصرون في الشعر العماني) كُتبت بلغة "برايل" للمكفوفين فكان الإصدار فرصة لعبور حدود اللغة إلى عالم أوسع وأكثر فائدة.

وفي حفل تدشين الكتاب الذي نظمته مؤسسة بيت الزبير قبل أيام احتفت المؤسسة وجمعية النور للمكفوفين ومعهد عمر بن الخطاب للمكفوفين بحضور معالي محمد بن الزبير بن علي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي بإصدار الطبعة الأولى من الكتاب الذي يقع في ثلاثين صفحة وتناول سيرة مُختصرة وقصائد لثمانية شعراء عُمانيين مكفوفين من حقب مُختلفة وهم الشاعر راشد بن خميس الحبسي، الشيخة عائشة بنت عيسى الحارثية، الشاعر صالح بن سعيد الزاملي، الشاعر عبد الله بن عامر العزري، الشاعر ثابت قطنة العتكي، الإمام نور الدين السالمي، الشاعر الربيع بن المر الرستاقي والشاعر الصلت بن خميس الخروصي.

وقال الدكتور محمد بن عبد الكريم الشحي المدير العام لمؤسسة بيت الزبير إنَّ الكتاب جاء بمبادرة من مختبر الشعر الذي دشنه بيت الزبير للمساهمة في رفد الحركة الثقافية والمشهد الثقافي في السلطنة.

وأضاف أنَّ مختبر الشعر حرص منذ انطلاقته على تعزيز حركة الفعل الثقافي وابتكار روافد وبرامج مستدامة تسهم في إيجاد مشاريع ذات أهداف ومحتويات تخدم قطاعات مهمة في المجتمع وتتفاعل معه ومن بينها معرض الخط العربي الذي أُقيم تحت عنوان (رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ) وتضمن عددًا من اللوحات المستقاة من الشعر العماني في المديح النبوي لثمانية خطاطين أظهرت مدى التكاملِ بين الشعرِ وفنونٍ أخرى، وتنفيذ مبادرة(سفر فني في الشعر الروحي العُماني) والتي استوحيت من خلالها لوحات فنية لعدد من الفنانين التشكيليين من خلال زيارتهم للأماكن التي عاش فيها عدد من الشعراء العمانيين ومسابقة "من روح أطلال المدن" التي أُقيمت تزامنًا مع معرض مسقط للكتاب حيث تم اختيار صور فوتوغرافية مستوحَاة من نصوص شعريّة عُمانية بالوقوف على الأمكنة المنسيّة والأطلال العُمانية، ومبادرة (ثلاثين سدرةً تحرس الجبل) التي سيتم تدشينها قريبًا وهي عبارة عن ثلاثين قصيدة لثلاثين شاعرًا عُمانيًا سيتم ترجمتها إلى اللغة الألمانية وأفكار أخرى قادمة.

ومن جانبه قال الشاعر سماء عيسى المشرف على مختبر الشعر الذي يضم أيضًا الشاعرة عائشة السيفية والشاعر خالد المعمري إن المختبر يهدف إلى رفع الذائقة الشعرية إلى درجات من الحِس الجمالي الذي يربط الشعر بروح الطبيعة العمانية المتنوعة وبمختلف أشكال التعبير الفني والثقافي كالتصوير الضوئي والخط العربي والفن التشكيلي والنحت والموسيقى والسينما والمسرح وغيرها.

وأشار إلى أن كتاب (المبصرون في الشعر العماني) يعد إنجازًا سيحمله الكفيف معه قارئًا لتراث له يُشار إليه بالبنان من الشعر العماني الخالد يمثل نخبة مختارة لشعراء من حقب تاريخية مختلفة وتمت الاستعانة بجمعية النور للمكفوفين ومعهد عمر بن الخطاب لتحويله إلى قصائد مكتوبة بلغة برايل للمكفوفين.

وقالت الشاعرة عائشة السيفية إن هذا المشروع "جاء في إطار عدة مبادرات سعت للخروج بمشاريع مختلفة نوعيًا تتعدى حدود القاعات المغلقة والفعاليات المؤقتة إلى مشاريع طويلة المدى وذات أثر بعيد" مشيرة إلى أن الكتاب الذي تم الاحتفاء به جاءت فكرته" من منطلق تجسير الشعر مع شرائح المجتمع ومن بينها شريحة المكفوفين المهمة ولكي نرسل رسالة مفادها أن الحياة لا تتوقف وفقدان البصر لم يُوقف هؤلاء الشعراء عن التحليق في عالم الخيال وجنون الشعر وجماله ونأمل أن يكون هذا الإصدار فرصة أولى لنعبر به حدود اللغة ولنحمل سيرة ثمانية شعراء من هؤلاء الخالدين ودهشة قصائدهم إلى أبعد من القارئ العماني وحدود المكان والذاكرة العمانية".

وقال إبراهيم بن حمدون الحارثي رئيس مجلس إدارة جمعية النور للمكفوفين إنَّ الكتاب يُعد مفتاح التعاون بين الجمعية وبيت الزبير الذي لم يدخر وسعًا في تبني الفكرة وقام بإعداد الإصدار وجمع مادته وقامت الجمعية بتحويله إلى لغة  برايل ليتسنى للمكفوفين تصفحه، حيث تمت طباعة 500 نسخة سيتم توزيعها داخل السلطنة وخارجها ".

 

تعليق عبر الفيس بوك