جمال الروح يضيء

أميرة المخينيَّة

اِمْتَهِن الشدائد لرعاية روحك، ونموِّها، وتنقية جمالك الداخلي!

كيف؟!

في كثيرٍ من الأحيان يحدُث أنَّ الجمال الخارجي يحظى بالإعجاب والإطراء مهما كانت نوعيَّة الفكر أو الحِرَف التي يمتلكها صاحبها. ولكن لَيْس أهم من الجمال الذي يجذبك بارتقائه وروحه؛ لذلك عندما يرى المرء الجمالَ الخارجيَّ للشخص، ثم قد يحدث بعد ذلك أن يرى الجمال الداخلي لشخص، وهو واحد من أكثر المهام الإنسانية صعوبة؛ لأنَّ الجمال الداخلي يُدْرَك بالإحساس وهو الجمال الذي تفقهه القلوب بعد أن تبصره العيون. ويكون ظاهرا لمن يراه يلمع كنور الشمس، وأشبه بالإشعاع الذي يجعل إضاءة الإنسان الداخلية تنعكس إيجابيا على جماله الخارجي والمحيط الذي يوجد فيه، فتترك أثراً للحظات الجميلة؛ لذلك فإن الطاقة الداخلية الكامنة في الروح هي التي تؤثر فينا لا غير ذلك؛ لذلك دائما نرى من يمتلك هذه الروح متصالحا مع نفسه، ويشعر بالسعادة، ولا يلمس الحزن قلبه، فيصلك منه بعض جمالها، وتؤثر بك دون أن يقصد إيصالها لك، وما إن تصلك تزداد بساطة وغموضاً كلما زادت روحه تألقا وحضوراً، وهذا الجمال الذي يميز بعضنا البعض ليس سوى تهذيب لنفس وإتقانها فن التصالح مع الواقع وقبول الحياة والرضا بالقضاء والقدر؛ فمن حيث جوهر الجمال يكمن النور. جمال داخلك يُمكن أن يجعل روحك وروح من حولك سعيدة؛ لأن ما تراه الروح عميقٌ جدًّا. قد ترى عيناك ما يعجبها وتقول: "ما شاء الله جميل"، ولكن ما نظرت إليه لم يلمس روحك؛ فجمال الروح لا يجذب دائما بالملاحظة العامة.

وهو ليس فقط مادة، بل روح، سر من أسرار الخالق عز وجل، ولكي نقدر ذلك يجب أن نعلمه بحكمة وبوضوح، في محادثة هذا الجمال الداخلي لروح سوف تصبح مضيئة، عندما يضيء العقل من خلال الانتعاش بما يلامسها.

حاول أن تجعل خياراتك الصحيحة في الحياة هي البحث عن الخيط الذي به يمكنك التواصل مع روحك بهدوء وسكينة. إذا ركزت وعثرت في نفسك على الهدوء والسكينة في كل ظرف عصيب تمر به أو في أي حالة تكون بها، حينها سوف تشعر وتكتشف أن حياتك أصبحت فجأة مليئة بالراحة والطمأنينة والاستقرار مع الامتنان، وهذا هو الشعور الذي يغذي الروح.

ولرعاية نفسك وتحقيق هدف نفسك، يجب أن تتعلم من كل حادثة في حياتك؛ أن لا بد لك من أن تدرك أن كل تجربة تمر بها في داخلها بذرة هدية هائلة لك قد أسميها "هدية الروح"، والتي تتمثل في الإدراك والوعي والشعور مما يجعلها أكثر جمالا في كل مرة.

البعضُ قد يشعر بالإزعاج الشديد؛ لأنَّ لديه القليلَ من العيوب على وجهه، ما هي العيوب على الوجه مقارنة بالعيوب على النفس بقع من الغضب والجشع والغيرة. قد لا يكون جمالنا خارجيًّا، ولكن جميعنا لدينا النعمة الداخلية التي بإمكاننا أن نتميز فيها عن غيرنا. لا الجمال ولا المال يمكن أن يعوض عن عدم وجود روح جميلة، كما الجمال الطبيعي، ويمكن زراعتها في داخلنا عن طريق الاهتمام المناسب لرعاية الصحة والجمال، وتثمر في خارجنا؛ لذلك يمكن تعزيز الجمال الأخلاقي من خلال إيلاء الاهتمام لظروف صحة الروح.

الحبُّ الإلهيُّ هو الجمال الدائم لأرواحنا، يُحررك من المراسي الخاصة بك من الماضي، ويقطع حبال الخوف والألم من نفسك. يُخلِّصك ويجعلك خاليًا من العار واللوم وصراعات الماضي تستسلم من أجل الخير وامتلاكك لروح جميلة.

الطبيعة الأصلية لروح هي المحبَّة والسلام والحكمة والإيجابية، هذه هي الصفات الفطرية التي تمتلكها كل روح، ولكن بسبب المطامع المادية والغضب والجشع والغيرة والفخر، ونحن مع كل هذه التغيرات غير قادرين على رؤية الصفات الأصلية التي خلقت في الروح. الروح خلق من أعظم مخلوقات الله، شرفها الله وكرمها غاية التشريف والتكريم، فنسبها لذاته العلية في قوله تعالى: "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" (الحجر:29)؛ لذلك علينا التراجع عن الأشياء الاصطناعية والعودة إلى طبيعتنا الأصلية وتحقيق العيش مع جمالها الحقيقي والتمتع أكثر بالسعادة والوفاء بمحتوى الحياة.

تعليق عبر الفيس بوك