المؤلف الصغير

 

"يا ليل..."

ابتهال الهنائيَّة *

أتسألون من أنا؟ أنا من أرَّقه الليل بالسهر طوال السنين العجاف، أنا الصَّخر المطمور تحت الركام أسفل الجبال الخفاف، أنا ذلك البحر الهائج الذي تعب من شدة الانتظار فأصابه الجفاف، أنا خارطة عودة إلى كهوف الذكريات، أنا الذي لم يغلبه قصر أو طول المسافات.

أحمل قناديل الأمل عسى الليل يتركني أسيرًا وراء آثار الخطوات، لكن الليل يأبى ذلك بسبب عقده للصفقات، يبدو لي أنَّ الليل لم يجد أحدًا غيري يشكو إليه الآهات أو رفيقا يقاسمه الحسرات والزفرات، يااااليل لا تلقي همومك عليَّ، فإنَّ السفينة تتكسر إذا كثرت عليها الرحلات، فما بالك بشخص قد أرقه الترحال والسفرات، أنا كاللبن المسكوب على الأرض لا يجدي فيه التجميع؛ لأنه ببساطة لا يحتمل أن يعود إلى تلك العبوات.. مثلي تماما، فأنا لا أحتمل العودة إلى كهوف الذكريات.

*****

أيُّها الليل الكئيب، ألا تريد الهروب؟

أغلقت نوافذ الأمل وأغلقت أبواب الدروب..

جعلتني حبيستك والشمس عانقت خد الغروب..

أعيدني إلى ذاتي، وأعيدني إلى السروب..

ياااليل، إلى متى ستظل حالكا وتجيء لي بالكروب؟

وقفتُ على أناملي أرتجيك أن تعيد لي أنفاسي وتضيء ليَ الشموع.. أمشي على ذاك الرصيف أبحث عن قناديل الأمل التي سلبتها الليالي السود، أمشي على الطرقات عاري القدمين أبحث عن ينابيع النجاة من الهموم والكروب، وأبحث عن فجر يخلصني من ذلك الليل الكئيب، حتى الطيور تغرِّد وفي الفضاء تجوب، أما أنا فحبيس ليل كئيب كمجرم يترنح في السجون من كثرة الذنوب.

حسناً أيها الليل الكئيب، بعد أن أسدلت ستارك عليَّ، قاسمني أحزانك مثلما قاسمتك أحزاني، علِّمني كيف أعشقها وعلمها كيف تعشقني، واتركني أحملها عنك على هذه الأشواك حافي القدمين، فأنا اليوم صرت رهينك أيها الليل وصرت مجدافك الذي تجوب به البحار، بل صرت بحرك ومحيطك الحالكين، فهذا أنا على هذا الليل الموحش أجلس كعادتي بعد أن أغلقَ الأبواب عني وحملَ مفاتيح سعادتي كي أكون رهينته.

 

* مدرسة ليلى بنت حكيم الأنصارية- عبري

تعليق عبر الفيس بوك