جهود التنمية.. التنفيذ أولا

فايزة الكلبانية

 

يتضح جليا يوما بعد الآخر أن عملية التنمية الشاملة لا تعتمد فقط على وضع سياسات وخطط عمل مبهرة، لكن الأهم والأكثر نجاعة هو التنفيذ، وآلية التطبيق، فما فائدة مئات الخطط والبرامج التنموية دون تنفيذ؟! لن تكون سوى حرث في الماء!!

فمثلا هذا الأسبوع حفل بعدد من الفعاليات المتعلقة بمسارات التنمية وخطط التطوير، وكانت "الرؤية" على نهجها المستمر لإنعاش نهج "إعلام المبادرات" والذي أصبح اليوم يتردد في كثير من المحافل والجهات المختلفة، فقد كان جمهور "الرؤية" بالأمس على موعد مع انطلاق أعمال "منتدى عمان البيئي الأول" والذي يأتي كإحدى مبادراتها المُستحدثة، والمُقام بالتعاون مع مكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني، وعدد من الجهات الحكوميّة والخاصة التي تضع على عاتق مسؤوليّاتها الاجتماعية الشراكات المستمرة لأجل عمان.

ويهدف المنتدى إلى مناقشة تحديات وآفاق "الاستدامة في البيئة العمانية"، ويناقش أكثر من 12 باحثا دوليا ومحليا اختصاصيا تحديات استدامة البيئة العمانية على مدار يومين، وتتخلل فعالياته زيارة لعدد من المحميات بالسلطنة ومنها محمية رأس الشجر بقريات والقرم الطبيعية، وعرض لأفلام تختص بالبيئة ومنها "المهاجر.. الصقر الأدهم" ومسابقة للرسم البيئي ومعرض لأبرز المعالم والملامح البيئية.

وفي الجهة المقابلة، استمعنا إلى كلمات دقيقة وهادفة وشاملة وشفافة في جميع عباراتها المنتقاة بحنكة من قبل معالي الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق على هامش افتتاح أعمال ملتقى "الدقم.. المجتمع والاقتصاد" الثالث، والذي نظمته غرفة تجارة وصناعة عمان ممثلة في فرع غرفة محافظة الوسطى، خلال الأيام الماضية لبحث فرص الاستثمار ورؤية التنويع الاقتصادي بالسلطنة، فمن حسن الطالع أنّ فريق العمل في تنفيذ والذي تمّت الاستعانة به في برنامج أعماله بخبراء ماليزيين، فها هي الآمال المعقودة اليوم جاءت بأحد أهم دعائم النهضة الماليزية ليكون بيننا داعمًا بنموذج بلاده في مواصلة صناعة نهضة عمانية خالدة بمختلف قطاعاتها.

المتفق عليه أنّ جميع ما جاء على لسان "مهاتير" متعارف عليه بين المسؤولين، والجهات المعنية وصانعي القرار، ولا أبالغ إذا قلت إن الآذان أصابها الملل من سماع تلك الأفكاروكثرة ترديدها، ولا زلنا نؤمن ونؤكد بأننا نفتقر لــ"التنفيذ السريع" لكل هذه الافكار المتداولة الثمينة.

ولكن وقعها علينا ونحن نتلقاها على لسان شخصية حاربت وكافحت وعايشت التغيير في بلدها، وطبقت كل تلك الأفكار على أرض الواقع، وتذوّقت لذة الإنجاز لتتحول بلاده من نطاق الدول الزراعيّة الفقيرة إلى مصاف الدول المنتجة الكبيرة، بالرغم من أنّ ما تحقق لعمان من تطوّر على مدار 47 عاما من عمر النهضة بقيادة جلالته الحكيمة ليس بالشيء القليل ولكن لا زلنا نطمح في ظل تراجع الوضع اليوم لانتعاش قريب للخروج من تأثيرات أزمة تراجع أسعار النفط.

فمنذ بدأت أعمال "تنفيذ" وقبل ذلك ونحن نؤمن بأن التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني، ووجود فهم مشترك والتفاعل بشكل إيجابي مع قرارات الحكومة "ضروري جدا... ونحن نعلم بأن السلطنة تمر بما مرّت به ماليزيا التي وضعت عند بناء نهضتها الاقتصادية خططًا خمسيّة وواجهت مشاكل من بينها أن تلك الخطط لا يتم تنفيذها لأنّ صناع القرار "لا يبلغون المُنفذين بالأسباب الكامنة وراء اتخاذ تلك القرارات ولا يقدمون التفسير والأدلة وبالتالي لا بد من عقد اجتماعات وزارية حتى يمكن التأكد من عدم تأويل هذه القرارات أو فهمها بشكل خاطئ". وكلنا يضع الآمال الكبيرة المعلقة اليوم على وحدة التنفيذ والمتابعة، وهي كفيلة بتنفيذ وتفسير القرارات التي وضعتها أي حكومة والأمور الأخرى بغيّة تحقيق القرارات، وكلنا يعلم بأنّه حتى نضمن نجاح القطاع الخاص يجب ألا نضع الكثير من العوائق والأنظمة والقوانين التي تسبب فشلهم في النهاية، لذا يجب التخلص من كل الإجراءات العقيمة والقوانين المُعيقة.

faiza@alroya.info

 

الأكثر قراءة