إلى ساكن الإليزيه الجديد..!

يقترع الناخب الفرنسي اليوم في الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة في واحدة من أعرق الديمقراطيات في العالم، لاختيار الساكن الجديد لقصر الإليزيه، بعد جولة أولى شهدت منافسة قوية بين 11 مشرحا، لم ينجح أي منهم في انتزاع النصر، كما توقعت استطلاعات الرأي آنذاك.

ها هي الجولة الثانية والأخيرة في هذا الماراثون الانتخابي تقترب من خط النهاية، لإعلان الرئيس الجديد للجمهورية الفرنسية، ليدشن مرحلة جديدة في تاريخ هذا البلد الأوروبي. فالناخب الفرنسي ليس فقط الوحيد الذي يترقب نتائج صندوق الاقتراع، بل إنّ أوروبا بأجمعها تقف على أطراف أصابع أقدامها مشرئبة ترنو بناظرها تجاه المستقبل الغامض الذي يلف القارة العجوز.

ففوز المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان بالمقعد الرئاسي سيدخل فرنسا في أتون معارك سياسية لا نهاية لها، سوى بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي، لتكون بذلك قد دقت المسمار الثاني في نعش هذه المنظومة المهددة بالزوال، بعد سنوات ممتدة من "اللاحدود" والتكامل الاقتصادي والسياسي.

أمّا المرشح الآخر إيمانويل ماكرون، فرغم كونه ليبرالي الفكر والتوجه، إلا أنّه الأوفر حظا في انتخابات شابتها النزعات الشعبوية. ويواجه ماكرون تحديا كبيرا في يوم التصويت، وذلك بعد ساعات من عملية "اختراق إلكتروني ضخم"، لحملته الانتخابية، الأمر الذي دعا السلطات الفرنسية للتحذير من مغبة نشر ما تم التوصل إليه من معلومات.

ورغم ما يحمله المرشحان في جعبتهما من أفكار وسياسات يأملان أن يُنفذاها عند الوصول لسدة الحكم، إلا أنّه يؤمل في المقابل ألا يستغل أي طرف منهما قضايانا العربية والإسلامية لتكون وقود معاركه، كما فعل غيره في بلدان أخرى، فلا العرب ولا المسلمون هم أساس المشكلات في الغرب، بل إنّ طبيعة المجتمع الغربي الحداثي وما أفرزته من تداعيات أثرت بالسلب على السلوك الإنساني هي ما دفعت هذه الدول إلى ما تعانيه اليوم.

ساكن الإليزيه الجديد، يتعين عليه أن يعمل على خدمة ناخبيه الذين أولوه ثقتهم ومنحوه السلطة، لتحقيق مطالبهم وأحلامهم، لا لكي يشن الحملات الدعائية والعنصرية واحدة تلو الأخرى على غيره من الدول.

إنّ فرنسا في أمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى، كي تتحد خلف رئيس يستعيد عافية الاقتصاد الذي يعاني من مشكلات عديدة، وأن ينظر في مستقبل بلاده وعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، ويعمل على حماية بلاده من خطر الإرهاب الذي يهدد جميع دول العالم.

تعليق عبر الفيس بوك