"اتحاد القدم".. يد ممدودة فلا تردوها

 

أحمد السلماني

أينما ذهبت، وفي كل مكان بالسلطنة تجد كل شيء حولك يتحرك، الملاعب والمتنزهات والطرقات والمسطحات الخضراء كلها تعج بالرياضة والرياضيين وخاصة كرة القدم، من محافظة مسندم أقصى الشمال إلى ظفار الغناء أقصى الجنوب، الشواطئ والملاعب الترابية والمعشبة كلها أقدام تركل الكرة، فرق أهلية وأندية، منهم من كانت له هواية ومتعة وإثارة ومنهم من كانت له مصدر رزق وتنافس وإثارة أيضا وكلاهما يثريان كرة القدم العمانية ويؤكدان العشق الكبير للساحرة المجنونة وأنها اللعبة الشعبية الأولى في كل مكان، والأدهى هو كثرة البطولات والمسابقات الكروية سواء تلك التي ينظمها اتحاد الكرة وهو المسؤول الأول عن كرة القدم أو الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة حتى يخيل لي أنّ اللاعب لدينا يعيش في دوامة كروية لا تنتهي، بطولة يشترك فيها فريقه وأخرى لناديه وثالثة لدى المؤسسة التي يعمل بها وهناك من دعاه لتمثيل فريق في بطولة لمؤسسة ما، وشجع فريقك على الأبواب.

شخصيا عندما أحضر لمثل هذه الفعاليات أصاب بدهشة كبيرة لكثرة عددها وممارسيها وكثرة المواهب المتحفزة لصناعة شيء لها وللفريق الذي ينتمي إليه، ومع ذلك لا زالت كرة القدم العمانية تبحث عن نفسها وعن مكان لها بين أندية ومنتخبات العالم، إقليميا ودوليا، ومع ذلك وبكل ثقة أقول إنها تتعافى وأنها بحاجة إلى بعض العمل المتقن واحترافية الإدارات وبإذن الله سنشهد لها من القفزات والإنجازات الشيء الكثير.

المدهش في الأمر عندنا أن التجربة العمانية في كرة القدم متفردة على المستوى الإقليمي على أقل تقدير من حيث انتشار الملاعب والفرق الأهلية وكثرتها فعددها تجاوز 640 فريقا أهليا رسميا تتبع 44 ناديا ربما يقل أو يزيد قليلا هذا عدا تلك غير المشهرة وملاعب الحواري التي برز منها أكثر نجوم كرة القدم العالمية فضلا عن أنّ الشواطئ من مسندم إلى صلالة تعج بممارسي كرة القدم تحديدا وهذا له نظير في البرازيل ودول أخرى قوية في عالم المستديرة، والبرازيل حيث سحرة كرة القدم وأجمل من يلعبها ولا مجال للمقارنة بين القوة الكروية البرازيلية وكرتنا ولكن هذا فقط لتبيان وجه المشابهة بينهما، فهل حاجة اللاعب البرازيلي المعيشية هي من تدفعه إلى يخرج كل طاقاته للتنافس بقوة من أجل البروز والظهور؟ وهل يعني أن العماني وفي ظل الاقتصاد الريعي يجد في الرياضة وكرة القدم مصدر عيش ثانوي وألا عائد اقتصادي مثالي منها؟

أعتقد أنّ المشكلة لدينا إنما هو في القمة وأصحاب الشأن والقرار في توجيه بوصلة الكرة العمانية نحو الإجادة والتميز والنجاح، فما السبيل لذلك وكيف؟ الحل فقط بيد من لدية مقاليد الأمور بكرة القدم العمانية وهو اتحاد الكرة تحديدًا من حيث تبني مشروع تطوير شامل لكرة القدم وليس المنتخب الوطني الأول فقط حسب الهدف المعلن، فهذا سيأتي لا محالة عندي تبني استراتيجية شاملة توضع من قبل خبراء محليين وأجانب وبدعم مباشر من قبل اتحاد الكرة والوزارة.

ولقد بدأت بالخبراء المحليين وما أكثرهم لأنهم أكثر قربا وفهما وإدراكا للواقع ومن ثم الأجانب للاستفادة من تجاربهم وخاصة البرازيليين حيث ارتبطت إنجازات الكرة العمانية في وقت ما بتبنيها النهج البرازيلي في الملعب، لذا وبعد هذا الفضاء الكروي الكبير الذي نمتلكه فإنه من الضرورة بمكان بلورة كل هذه الجهود وهذا النشاط في قالب واحد يضمن لنا حضورا إقليميا وقاريا ودوليا وليس ذلك على الله سبحانه وتعالى وعلينا بعزيز.

ولأكون أكثر واقعية فإنّ جريدة الرؤية على استعداد لتبني ندوة وحتى مؤتمر خاص بـ"تطوير كرة القدم العمانية" يحتضن هؤلاء الخبراء وكل من يجد في نفسه الكفاءة لتقديم ورقة عمل متخصصة أو حتى الانخراط في هذا الفريق، وبالتالي فإن الإعلام الرياضي يمد يده لاتحاد الكرة مرة أخرى من أجل تبني مثل هكذا استراتيجيات مثلما سبق وأن قدمنا ندوة "المدرب المناسب لمنتخبنا" ولكن اتحاد الكرة حينها جاملنا بالحضور وتجاهل التوصيات، فجاء بكارو، لذا فإن حدث وتبنى اتحاد الكرة الفكرة فكل ما نرجوه هو تبني التوصيات، ننتظر تلبية اتحاد الكرة لدعوة شريكه الإعلام الرياضي وبتبني الفكرة من عدمه، وإذا كان هناك من اتحاد لعبة ما أو لجنة ترغب هي الأخرى في تبني ذات الفكرة فجريدة الرؤية لها.