حاتم الطائي
تَضْع الرُّؤية السامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم- أيَّده الله- دومًا التنمية وتطوير الإنسان العُماني قاعدة متينة وأساساً راسخاً لانطلاقها في مُختلف القطاعات، ومنذ اللحظة الأولى لإنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدُّقم تعمل مؤسسات الدولة المَعنية على قدم وساق بكل همة ونشاط على تهيئة الظروف الملائمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية وبناء الشراكات الدولية مع مُختلف المُستثمرين من شتى أنحاء العالم، لذلك تُمثل هذه الشراكات محور ارتكاز آخر للتنمية المأمولة في البلاد.
الجميع يُدرك حالياً أنَّ السلطنة محط أنظار العديد من المُستثمرين، لاسيما بعد وضع حجر أساس مشروع المدينة الصناعية الصينية العُمانية بالدُّقم، وهو المشروع العملاق الذي سيفتح أبواب مُستقبل التنويع الاقتصادي، ويُمهِّد الأرض لمزيدٍ من هذه الشراكات الدولية، لاسيما في ظل ما تتمتع به السلطنة من علاقات صداقة وطيدة مع مُختلف دول العالم، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي المُطل على بحر عُمان وبحر العرب وكلاهما يسترخيان على الجانب الأيسر للمُحيط الهندي، وهو المسار البحري الأهم في العالم، وحلقة الوصل بين الشرق بتجارته المُتنامية والغرب بمُنتجاته المُتنوعة.
لذلك ليس من المُستغرب أن يُعلن المسؤولون عن منطقة الدقم عن مُحادثات اقتصادية قائمة مع إحدى الدول لإنشاء مشروع مُماثل للمدينة الصينية، وسيكون ذلك بمثابة القفزة الكبيرة والتَّحول الجذري في مُستقبل هذه المدينة الواعدة، فالأمر لا يعني قدوم استثمارات أجنبية جديدة، بقدر ما يعكس الثِّقة المُتنامية والمستقرة لدى أصحاب رؤوس الأموال حول العالم.
صانع القرار في السَّلطنة يُدرك بيقين فذٍ وببصيرة مُمتدة الطبيعة الاستراتيجية للدقم، وما يُمكن أن تسهم به في تنويع مصادر دخلنا الوطني، لذلك فإنَّ هذه المدينة بقناعة تامة مدينة المُستقبل، وتحمل بين ذرات رمالها الخير الوفير الذي سيفوق ما يتحقق من مكاسب نفطية في الوقت الحالي، في ظل حجم الاستثمارات المُعلنة في الدُّقم وما سبقها من استثمارات حكومية بمليارات الريالات، الأمر الذي يُؤكد بصورة حتمية التميز الفريد الذي تنعم به هذه المنطقة.
النَّظرة إلى الاستثمار الأجنبي من قبل المواطن العُماني لا ينبغي أن توجه سهام النَّقد أو الانتقاص من أهمية الحدث، بل يجب أن تشعل قناديل التفاؤل وتُوقد مصابيح المعرفة بأهمية هذا النَّوع من الاستثمار، والفائدة المرجوة منه، في صورة وظائف للشباب الباحثين عن عمل، وصفقات تجارية لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وشراكات وطنية مع كُبريات مؤسسات القطاع الخاص، بعيداً عن أيّ نظرة ضيقة للأمور لا ترى إلا بمنظار محدود الأفق ويُخالف قوانين الطبيعة الاقتصادية.
ومما يُمكن الإشارة إليه في هذا الصدد أنَّ السلطنة خلال الأسابيع القليلة الماضية قد وقَّعت كذلك من خلال شركة النفط العُمانية عددًا من الاتفاقيات مع شركة البترول الكويتية العالمية، والمُتعلقة بالشراكة بين الجانبين لتطوير مشروع مصفاة الدقم ومجمع الصناعات البتروكيماوية، بإجمالي استثمارات 7 مليارات دولار، وأكبر مشروع استثماري مُشترك في الدقم، وسيعمل فيه أكثر من 25 ألفًا.
إنَّ الخطوات التنموية تتوالى واحدة تلو الأخرى، على وقع التَّقدم في العديد من المجالات، وتتواصل الجهود لبلوغ الهدف الأسمى كي تُصبح منطقة الدقم مركزًا اقتصاديًا عالمياً ومحطة استثمار دولية، تستقطب رؤوس الأموال التي تبحث عن ملاذات آمنة بعيدًا عن أتون الحرب وتقلبات الأزمات الاقتصادية.
ويبقى القول.. إنَّ عقد مزيدٍ من الشراكات الدولية في مُختلف القطاعات الاقتصادية سيعود بالنفع على الجميع، وستواصل عجلة التنمية الدوران، لتُسطِّر فصولاً جديدة بمدادٍ من ذهب على صفحات النهضة المُباركة بكل فَخرٍ وعِزةٍ..