ندوة حول تحديات استخراج وتصدير اللبان في ظفار

 

صلالة - عادل البراكة

 

نظَّم نادي صلالة الرياضي بالتعاون مع جمعية البينة العمانية ندوة بعنوان "استخراج وتصدير اللبان بمُحافظة ظفار"، تحت رعاية سعادة الدكتور محمد بن علي باقي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية مرباط بحضور عدد من المسؤولين من مُختلف الجهات وجمع من مختلف شرائح المجتمع المحلي. وقدم الباحث الدكتور محسن بن مسلم العامري  باحث أوَّل بدائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة ظفار ومدير مشروع اللبان الذي تنفذه جمعية البيئة العمانية من خلال محاضرتين، الأولى بعنوان"الأهمية التاريخية والاقتصادية اللبان العماني"، والثَّانية بعنوان "قياس تكلفة وإنتاج وتسويق اللبان العماني.

وتأتي الندوة في إطار الجهود الَّتي يبذلها نادي صلالة الرياضي والاجتماعي والثقافي نحو توثيق علاقاته بالمجتمع المحلي، وإيمانًا منه بأهميَّة التطوير الثقافي في المجتمع من خلال تفعيل مختلف الأنشطة والفعاليات في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والرياضية التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع خاصة فئة الشباب وذلك لتنمية معارفهم ومفاهيمهم.

وتناول الباحث خلال المحور الأول مكانة اللبان الظفاري في المصادر التاريخية مؤكدًا العامري أنّ شكل اللبان قبل ظهور النفط مادة الدخل الأساسية لسكان ظفار والمادة الوحيدة التي تصدر من المحافظة إلى الخارج وقال للبان مكانة حضارية وتاريخية وثقافية بالنسبة لسكان ظفار يمكن مقارنته مثل مكانة النخلة والأفلج  في مناطق شمال عمان، ففي مواقع استخراج اللبان أقيمت الأسواق والمبادلات التجارية واشتغل العمال من المناطق الأخرى في الحصاد والنقل والحراسة وفي المدن يباع ويصدر للخارج ناهيك عن استخدام اللبان في كل بيت عماني وظفاري بشكل خاص.كما تطرق الدكتور محسن إلى مكانة اللبان التاريخية وقال ورد ذكر اللبان في الإنجيل على أنه قدم هدية للسيد المسيح عند مولده وقد بخر باللبان عرش سيدنا سليمان. ويذكر علماء الجغرافيا أنَّ ظفار مصدر اللبان، حيث يذكر الجغرافي المشهور بطليموس جبال ظفار كمصدر اللبان وبينت الحفريات الحديثة وجود بقايا لبان في خور روري وسمهرم مما يؤكد وجود تجارة قديمة باللبان بين ظفار والحضارات القديمة وأن اللبان المستخدم كان مصدره ظفار.

وأما عن استخداماته فإنَّ اللبان لايزال يستخدم في الكنائس المسيحية وبالذات الكاثوليك وصناعة العطور ومادة مثبتة للروائح الأخرى وتعطي نكهة مميزة. أما عن الاستخدامات العلاجية فهناك العديد من الدراسات التي تشير إلى فائدة اللبان ضد الالتهابات وأنواع من السرطانات والربو وفي التجميل للتخفيف من تجاعيد الوجه وهناك بحوث حول فائدة اللبان ضد الاكتئاب وفائدة مسحوق ورق اللبان ضد  مرض السكري، إضافة إلى خصائص زيت اللبان المطهِّرة للبكتيريا والفطريَّات، واستخدم دهن اللبان لأغراض الاستجمام والاسترخاء.

 

وفي نهاية المحضرة الأولى قدم الدكتور محسن العامري تصور لاستفادة من شجرة اللبان وقال من الضرورة توحيد الجهود المتناثرة في عدة جهات حكومية تشتغل في مجال اللبان في جهة واحدة تحت مسمى واحد، كما أكد وضع خطة عمل وضرورة تدجين شجرة اللبان والمزيد من الدراسات والبحوث لفهم أكثر لطريقة إفراز اللبان من الشجرة.

 

وفي المحاضرة الثانية، تطرق الدكتور محسن بن مسلم العامري إلى موضوع قياس إنتاج وتسويق اللبان العماني وقال إنَّ سعر اللبان ارتفع في السنوات الأخيرة حتى وصل العائد من جونية اللبان (34-40 كجم) 400 ريال في سوق صلالة مما زاد من استنزاف جني أشجار اللبان لتلبية الطلب على اللبان. وبالرغم قدم مهنة استخراج اللبان في ظفار لكن مازال هناك مشكلة في عدم وجود معايير علمية لقياس تكلفة إنتاج وتصنيع اللبان العماني، إضافة إلى أن شجرة اللبان شجرة برية يصعب قياس تكاليف الإنتاج.

 

وعن القوى المنتجة للبان قال المحاضر إنَّ هناك نوعين من القوى المنتجة للبان في ظفار اليوم عدد قليل من المواطنين يقومون باستخراج اللبان بأنفسهم ومن ثم يسوقونه مباشرة في الأسواق المحلية دون وسطاء وفي العادة يستخرج المواطن اللبان من الأشجار التي يسهل الوصول إليها بالسيارة يشتغل لساعات في تجريح الأشجار أو جنيها ويحمل معه احتياجاته ليوم واحد من الماء والغذاء ثم يرجع للبيت في  قريته. ويسير إلى أنَّ أكثر العاملين في مجال استخراج اللبان في ظفار حاليًا من الجالية الصومالية وأكثرهم يقومون بالعمل لصالحهم دون ترخيص من أي جهة، ويقسم العمال أنفسهم إلى مجموعات صغيرة من 3  إلى 5 أفراد كل فريق يستلم منطقة معروفة الحدود يستخرج منها اللبان وقد  تبين وجود اتجاهين أساسيين لتسويق اللبان العماني، والمعامل المحلية لاستخراج زيت اللبان التي تفضل لبان المنحدر من الجنوبية، والسياح الذين يأتون خلال موسم الخريف وتفضل اللبان الجاف من المناطق الشمالية.

وأكد المحاضر أنَّ عملية جني اللبان تجري في ظروف وتنظيم عملية جني اللبان عبر إصدار تراخيص لمن يرغب وفق شروط تصدرها جهات الاختصاص بهذا العمل مع تدريبه على الطريقة الصحيحة لاستخراج اللبان للمحافظة على الشجرة ولحماية حقوق العمال الذين يقومون بعملية جني اللبان من الاستغلال.

وفِي ختام الندوة كرم راعي المناسبة الجهات المتعاونة والمنظمة للندوة والباحث الدكتور محسن بن مسلم العامري، كما قدم نادي صلالة هدية تذكارية لراعي المناسبة. 

 

تعليق عبر الفيس بوك