قصائد شعرية وأوبريتات غنائية في افتتاح أيام الشارقة التراثية في كلباء

 الشارقة – ناصر العبري

افتتح سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، فعاليات الأيام في كلباء، أول من أمس الجمعة، حيث اشتمل حفل الافتتاح على قصائد وأشعار وفعاليات وأنشطة تراثية مميزة، بالإضافة إلى أغاني شعبية ورقصات فولكلورية، وذلك ضمن خطة وأجندة اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية المستندة إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في أن تكون فعاليات الأيام حاضرة في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة، فيما تستمر الفعاليات بتشكيلاتها المتنوعة بين ندوات ومحاضرات وعروض للفنون الشعبية المحلية والعربية والعالمية في مواقع عدة في قلب الشارقة، وحكايات وموسيقى وعروض مبهرة على مسرح الأيام، عدا عن تلك الجولات والرحلات بين البيئات الإماراتية وقرية الطفل، والتنقل هنا وهناك في الأسواق والمعارض ومتابعة مختلف الأنشطة والبرامج.

 

                    افتتاح الأيام في كلباء

 

دشن معهد الشارقة للتراث، يوم أمس الجمعة، فعاليات أيام الشارقة التراثية بمدينة كلباء، في دورتها الـ 15 تحت شعار "التراث مبنى ومعنى"، وحضر الافتتاح الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم في مدينة كلباء، وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، وسعادة محمد عبد الله الزعابي، رئيس المجلس البلدي بكلباء، وسعادة المهندس خلفان عبد الله بن عيسى الذباحي، مدير بلدية مدينة كلباء، وصقر محمد، رئيس لجنة الافتتاحات لأيام الشارقة التراثية، وعدد من أعضاء المجلس الاتحادي وأعضاء المجلس الاستشاري ورؤساء المجالس البلدية والدوائر الحكومية في إمارة الشارقة، وجمع من أهالي مدينة كلباء والمدن المجاورة لها، والزوار.

 وتخلل الافتتاح قصائد شعرية قدمها نخبة من شعراء الشارقة والإمارات، وأوبريت بعنوان (الوطر لول)، الذي قدمه الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية، بالتعاون مع مدرسة أبو أيوب الأنصاري ومدرسة الهجرة النموذجية للتعليم الأساسي، بالإضافة إلى فقرة الإنشاد التي قدمتها حاملة لقب منشد الشارقة الصغير لهذا العام إيمان عباس.

 ويشارك في القرية التراثية بمدينة كلباء على مدار أيامها كل من، دائرة التنمية الاقتصادية، والهلال الأحمر الإماراتي، ومركز الشارقة للاتصال، والأسر المنتجة، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، ووزارة التربية والتعليم منطقة الشارقة التعليمية، وبلدية كلباء، ومركز شرطة كلباء، ونادي سيدات الشارقة -فرع كلباء.

 

وقال رئيس المجلس البلدي لمدينة كلباء، سعادة محمد عبد الله الزعابي، خلال الافتتاح: "تمثل أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ 15، حدثاً حيوياً في التراث الثقافي الإماراتي، وبدورنا نحن وتماشياً مع رؤى إمارة الشارقة وقيادتها الرشيدة، نساهم في تعزيز هذه الأيام بتقديم جميع المتطلبات التي تلبي الرغبات كافة بكل ما هو أصيل للمحافظة على تراثنا العريق".

 

وأضاف: إن الاهتمام بالتراث الثقافي أصبح هدفاً وطنياً وإنسانياً على كل الصعد في الدولة، حيث تجسد هذه الأيام معاني التراث بأبهى صوره، من خلال تمثيل البيئات الإماراتية بنماذج مطابقة لأصلها الطبيعي عن التراث الإماراتي، لبناء جيل متميز يتمتع بالقدرة على الإبداع وتذوق الفنون التراثية المختلفة".

 

من جانبه أكد سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، أن تنظيم وافتتاح القرى التراثية في مدن الشارقة تجسد أصالة الماضي وتطلع الأجيال الجديدة على تاريخ الأجداد، عبر تقديم التعريفات التراثية والحرف والمهن التي كانوا يعملون فيها على شاكلتها الطبيعية، فضلاً عن إلقاء الضوء على العادات والتقاليد العريقة التي تعود بنا إلى زمن القدامى وتعطينا بعضاً من ملامح الحياة التي عاشوها.

 

وبين أن أيام الشارقة التراثية تعبر بصدق عن الهوية الوطنية، وتنقل التراث وثقافته بشكل حضاري وريادي إلى الأجيال الحالية، بما يجعل التراث أحد الأسباب في دعم مسيرة وعجلة التطور ونهضة دولة الإمارات.

 

وترجمت الأنشطة والفعاليات المصاحبة للقرية التراثية في مدينة كلباء الكثير من معاني التراث الشعبي الإماراتي، وحياة الأجداد، ومنها أنشطة البيئات الزراعية والبحرية والجبلية، كما قدمت مجموعة من الفنون التراثية والأغاني الشعبية والرقصات الفلكلورية التي ما زالت مستمرة إلى اليوم.

 

واستمتع الجمهور والزوار بالفعاليات المقدمة، حيث كانت مزيجاً من التراث وأنواعه وأشكاله، وما قدمته مجموعة من الاطفال من الألعاب الشعبية القديمة وبأنواعها، وقد خصص ركن للأطفال الزائرين يضم العديد من الألعاب التقليدية الذين يحرصون على ممارستها والاستمتاع بها.

 

 

أنشطة أكاديمية

 

ضمن برنامجها اليومي، استضافت الأنشطة الأكاديمية، أول من أمس الدكتور محمد الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة عجمان، رئيس مجلس إدارة مركز الابتكار في الجامعة، حيث تحدث عن المسيرة الأكاديمية للجامعات في الإمارات، ومستويات التطوير التي شهدتها الجامعات، وما حققته من قفزات نوعية مهمة نقلتها إلى المستويات العالمية، كما تناول الفروقات بين الإدارة في المؤسسات الثقافية والأكاديمية، وبين الإدارة في المؤسسات التجارية ذات الطابع الربحي المباشر.

 

وتحدث الدكتور الشامي عن مسيرته العلمية والأكاديمية التي بدأت من جامعة صنعاء منذ كان رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة، مروراً بمناصب إدارية كبيرة في مؤسسات عدة، ومسيرة نحو 17 سنة في الإمارات، وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة عجمان منذ العام 2004، وأشاد بجهود حكومات الإمارات التي أسهمت مساهمات فعالة في تحقيق النقلات النوعية في العمل الأكاديمي للجامعات في الإمارات، لتكون في مصاف الجامعات العالمية.

 

وقال الدكتور الشامي، كانت البرامج في العمل الأكاديمي محدودة، لكنها شهدت تطورات كبيرة وحققت قفزات نوعية، كما كان عدد الجامعات قبل عام 2000، محدوداً، في حين نجده اليوم تجاوز المائة جامعة ومؤسسة أكاديمية، وذلك يعود إلى الرؤى الاستراتيجية للحكومة الإماراتية، الأمر الذي أوصلها إلى العالمية.

 

وأوضح أن هيئة الاعتماد الأكاديمي تشرف على مستويات الجودة والاعتماد للبرامج الأكاديمية في التعليم العالي، وهيئة التنمية البشرية التي تشرف على المؤسسات الأكاديمية في المناطق الحرة.

 

وتحدث الشامي عن مركز الابتكار في جامعة عجمان، الذي يهدف إلى تبني ابتكارات وإبداعات المبتكرين من داخل وخارج الجامعة، والاستفادة من إمكانات وكفاءات أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من مختلف التخصصات، ويعد المركز الحاضنة لابتكارات الطلبة من خلال تطوير هذه الابتكارات على أسس علمية وتقديم التسهيلات اللازمة، كما يسهم من خلال خبرات أعضاء هيئة التدريس في تقديم الاستشارات المتنوعة وفي إيجاد الحلول المناسبة في مختلف المجالات. وتتلخص رؤية المركز في أن تكون له الريادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحيث يكون مركز تميز يعنى بربط الجانب الأكاديمي بسوق العمل، كما يعمل على توطيد التعاون من خلال مد جسور التفاهم مع مراكز الابتكار المنتشرة في العالم.

 

 وتناول الدكتور الشامي برامج الدبلومات في معهد الشارقة للتراث، ودورها في التأكيد على أهمية التراث ومكانته في المجتمعات، وأهمية حضوره في المؤسسات الأكاديمية، ولفت إلى أنه لا بد من دراسة التراث فهو مسألة مهمة من أجل التطور والمستقبل، وأشاد بمحتوى برامج الدبلومات الستة التي طرحها المعهد منذ مطلع العام الدراسي الجاري. معرباً عن تقديره لجهود ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، للثقافة والتراث والمعرفة.

 

البيئة الزراعية

 

كما هو حال بقية البيئات الإماراتية، فإن البيئة الزراعية حاضرة في أيام الشارقة التراثية، وتشهد إقبالاً كبيراً من زوار الأيام، الذي يطرحون أسئلة عديدة على القائمين على تلك البيئة بما فيها من تنوع هائل، فالزراعة تعتبر واحدة من أعظم الثورات عبر التاريخ نظراً لما حققته من إنجازات ونقلات نوعية كبرى في حياة البشرية جمعاء، فقبل اكتشاف الإنسان الزراعة، كان يعيش حياة "بدائية" يعتمد فيها على ما توفره له الطبيعة من مأكل ومشرب، فيتنقل من غابة إلى أخرى للبحث عن الثمار والنباتات البرّية، كما كان يتخذ من الكهوف سكناً له، ولم تكن هناك قرى أو مدن، وقد بقي حال الإنسان هكذا حتى اكتشف الزراعة، ليبدأ معها مرحلة الاستقرار والنمو والتطور.

 

على مستوى الإمارات فإن الزراعة واحدة من أهم البيئات الإماراتية، وقد عرفها الإنسان الإماراتي منذ القدم، في عدة مناطق، مثل رأس الخيمة، والفجيرة، والعين، والشارقة، وبعض الواحات، وغيرها، واليوم نجحت الإمارات في بناء قاعدة زراعية هائلة. وما يتم عرضه وتقديمه في أيام الشارقة التراثية، هو تلك الأنماط الزراعية والبيئة الزراعية التقليدية والقديمة، بالإضافة إلى ما وصلت إليه اليوم، وما تنتجه أرض الإمارات من خيرات وثمرات وحبوب وخضار وفواكه، ومحاصيل متنوعة، وما كان يستخدم من أدوات، وما كان ينتجه أهل الأرض والزراعة، وكيفية الزراعة والأدوات المستخدمة في العملية الزراعية، حيث يشرح القائمون والمشاركون في البيئة الزراعية، للزوار الكثير من التفاصيل، وقد أصبح كثير من الزوار يعرف طبيعة البيئة الزراعية في الإمارات.

 

زفة الحناء

 

كثيرة هي عروض فرق الفنون الشعبية المحلية والعربية والعالمية التي تتوزع على مختلف المواقع في ساحات الأيام، وتتنوع تلك العروض التي تلقى إقبالاً كبيراً من الزوار بين فنون العيالة والأنديما والحربية والدان، وزفة الحنا، بالإضافة إلى عروض عالمية من مختلف البلدان المشاركة في فعاليات الأيام. وقد استمتع جمهور وزوار والأيام وعشاق التراث من مختلف الجنسيات بما قدمته الفرقة العمانية القادمة من سحار، من أداء راقي وغناء تراثي أصيل في زفة الحنا، ووفقاً لعادات وتقاليد العرس العُماني، فإن لكل مناسبة في الأعراس أغانيها الخاصة، ومع أن لكل منطقة هناك في السلطنة عادات خاصة بها في الاعراس، لكنها تلتقي في الإطار العام، وفي المفاصل الأساسية من العرس، مثل زفة الحنا التي أدتها مجموعة من النساء العمانيات في ساحة الأيام أثارت إعجاب ودهشة الجمهور الذي طرب لما سمعه من أغاني وموسيقى، وتمايل كثيرون على إيقاع الطبول المستخدمة في زفة الحنا.

 

ومن بين ما هو معروف في السلطنة في الحنا، ما يمكن تسميته الحنة الصغيرة، او حنا السر، وهو عبارة عن ليلة طرب وأغاني وموسيقى عذبة تجتمع فيها قريبات العروس والجارات القريبات لإكمال نقش حناء العروس حتى تظهر في أحسن مظهر أثناء ليلة الحناء الظاهر التي هي عبارة عن ليلة أساسية من ليالي العرس العماني، وسميت بالظاهر لأن العروس تظهر خلالها في أجمل مظهر، من نقش الحناء ولبس المجوهرات التي توضع على رجل العروس، لأنه في هذه الليلة تظهر فقط قدمي العروس لوضع الحناء.

 

وهناك أيضاً حنة المعرس إلى بيت العروس، حيث تحمل حنة المعرس إلى العروس، وتوضع في مبخرة مزينة بالأشرطة والحلي والشموع، ثم تؤخذ حنة العروس إلى المعرس في نفس الليلة، وكأنها عملية تبادل.

 

محاضرة عن الأغنية الشعبية في المقهى الثقافي

 

استضاف المقهى الثقافي محاضرة تحت عنوان الأغنية الشعبية وأثرها على تدوين الشعر النبطي في الإمارات، قدمها الكاتب والباحث والناقد، محمد عبد الله نور الدين، وشرح فيها كيفية تحول القصيدة الشعبية والتراثية إلى أغنية وطنية وتراثية تدعم وتعزز الهوية الوطنية. وناقشت المحاضرة مراحل تدوين الشعر الشفهي في الإمارات، ومن بينها، مرحلة مفصلية في الشعر الشعبي، حيث أدت إلى ظهور اتجاه جديد في الشعر الشعبي يعتمد على قراءة الكلمة المكتوبة أكثر من الاستماع والمشافهة.

 

وتحدث عن أثر الكلمة المغناة في الحفاظ على الشعر النبطي في الإمارات، ورسم ملامحها في الساحة الأدبية في ظل انتشار القصيدة المكتوبة، قائلاً "تعودنا في الإمارات أن نسمي الأغنية الوطنية بالقصيدة الوطنية، حيث أن العالم وسيع جداً في مجال الأغاني الشعبية، ويوجد الكثير من الشباب الذين عملوا في السابق وحالياً على أرشفة القصائد الشعبية لتكون مرجعية لهم في أي وقت".

 وأوضح بأن الشعر قبل أن يكون قصيدة أو أغنية كان يستخدم له العديد من الآليات والأوتار والموسيقى، أما القصيدة العامية فكانت مشافهة وتنتقل من جيل إلى جيل إلى أن وصلت إلينا اليوم، ولكن في القرن العشرين أصبح هناك توجهات لتدوين هذه القصائد، مما حافظ عليها وجعلها موجودة الآن بيننا، ومع وجود المطابع أصبحت الأشعار والقصائد مرجعية للباحثين لنقدها وإعادة كتابتها بصورة مميزة أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك