الوطنية والمواطنة

 

 

خالد بن علي الخوالدي

لم أتتبع مفهوم الوطنية والمواطنة في القواميس والمعاجم ولا في مواقع الانترنت ولا في الكتب ولا عند الكتاب الذين كتبوا عنها ليس من باب الاكتفاء أو عدم الحاجة إلى القراءة؛ ولكن لسبب واحد فقط هو أن أخرج بنفسي بمعرفات عن الوطنية والمواطنة حسب وجهة نظري المتواضعة.

 

هناك خلق كثير ومواطنون بالجملة ينادون أننا وطنيون ويرسمون لوحات جميلة عن الوطن وحبه والتمسك به، وهناك شعارات ترفع في كل مكان وصور وكلمات تغص بها مواقع التواصل الاجتماعي، والملاحظ في هذه الوسائل أن هناك مشتركين تخصصوا في نشر صور وكلمات تقطر وطنية وحبا للوطن ولقيادته، وكلها أعمال لا نشك في نيّاتها ولا نلبسها ملبس السلبية ولا يمكن أن نخرجها من روح الوطنية والمواطنة حسب التعريفات العامة للوطنية والمواطنة، ولكن شخصيا لي رأي آخر ومنظور مختلف للوطنية والمواطنة وكيفية التعبير عنها ومتأكد أنّ هناك كثيرين سيختلفون معي وعدد قليل سيتقبل فكري المتواضع.

إنني أرى الوطنية والمواطنة في تشجيع كل ما هو عماني ودعمه بكل السبل المتاحة فكل من يشتري من بقالة أو مركزا تجاريا يديره مواطن عماني اعتبره وطنيا باقتدار، وكل من يقف عند صاحب سيارة يعرض فيها المنتوجات العمانية على الطريق ويعمل على الشراء من معه وتشجيعه على الاستمرار ارفع له عمامتي احتراما وتقديرا، وكل من يذهب إلى مركز تجاري كبير تعرض فيه كل المنتوجات العالمية ويختار المنتجات العمانية إيمانا منه أنّ هذا الريالات التي يدفعها ستربي طفلا عمانيا للمستقبل وستعمل على استقرار أسرة عمانية فهو المواطن الحق الذي يستحق لقب المواطنة الحقة من وجهة نظري، وأشعر بالسعادة عندما اعرف أنّ هناك شابا عمانيا صاحب صنعة ويدير ورشة من الورش المختلفة المنتشرة في الصناعيات إدارة خالصة وليس فقط كصورة، والفائدة للوافد ويذهب إليه العمانيون بدون تردد في كل ما يحتاجون له حتى يعملوا على تشجيعه ودعمه فهؤلاء في نظري يتقمصون الوطنية تقمصا حقيقيا وواقعيا.

إنّ الوطنية والمواطنة تكون في كل شيء وليس في هذا فقط فعندما يخلص المعلم وإمام المسجد والموظف والمهندس والطبيب والعسكري والشرطي والتاجر والصحفي ولاعب الكرة وغيرهم في تأدية ما عليهم بإخلاص وأمانة وصدق فهم يحققون معنى الوطنية والمواطنة بكل معانيها، فالوطنيّة باختصار هي مشاعر المحبة والولاء والعطاء التي يحملها الإنسان في قلبه اتجاه وطنه ويترجمها أفعالا واقعةً على الأرض.

إنّ الوطنية واجبات والتزامات بعد أن قدم الوطن الحقوق كحق التعليم والصحة والخدمات المختلفة من طرق ومياه ونظافة وغيرها، فالوطنيّة لا تعني الاستفادة من خدمات الوطن واستنزاف مقدّراته فقط، بل تعني تقديم كل ما من شانه رفعة هذا الوطن إلى السمو والمعالي وهذا لن يتاح إلا إذا اتفق الشعب جميعا على تشجيع كل ما هو عماني والعمل بيد واحدة إلى تشجيع كل الشباب الطامحين والأخذ بيدهم إلى النجاح خاصة أولئك أصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة الذين يحتاجون إلى أيدٍ صادقة تقف معهم وليس إلى كلمات جوفاء تخرج في الاجتماعات والندوات والمحاضرات، وعلى المواطن وليس الحكومة فقط دعم هؤلاء الشباب فالوطن لا يبنى إلا بيد أبنائه فمهما قدّم الوافد ونجح إلا أنّه يقدم لنفسه ولوطنه فكل أموالنا تذهب إلى أوطانهم ويتم تعميرها بينما أوطاننا هي محطات لهم فقط والمواطن هو فقط وفقط وفقط من يبني الوطن في أي موقع كان.

والبناء عكس الهدم والتخريب حيث يخرج حسب وجهة نظري أي مخرب ومتعدٍ على المكتسبات الوطنية التي تحققت في هذا الوطن من روح المواطنة والوطنية، ويخرج من إطار الوطنية كل من يتعمّد كسر مرفق خدمي أو يعطل خدمة أو يتعمد الإسراف في الماء والكهرباء والمشتقات النفطية خاصة في المؤسسات الحكومية من باب (مال عمك ما يهمك) أو يصمت ويسكت عندما تهان سمعة بلده ووطنه ويحاول تقمص الأخطاء والهفوات ويستهزئ بمقدرات الوطن ويردد دائما (أهم شيء الأمن والأمان) وكأنّ الأخيرة نعمة قليلة يُستهان بها، هذا مختصر بسيط لرؤيتي لمفهوم الوطنية والمواطنة بعيدا كما قلت عن التنظير والتكرار.. ودمتم ودامت عمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com