قرية الوادي الأعلى ببهلا .. قصص الكفاح مكتوبة في الحارة القديمة وعلى أطلال البيوت

 

 

بهلا - العُمانية

تعد ولاية بهلا بمحافظة الداخلية من الولايات الشاسعة المساحة وبها العديد من القرى والتجمعات السكنية التي تمتد من مركز الولاية وحتى أطرافها، وتتميز هذه القرى بجمال طبيعتها وبتراثها العريق، وتعد من الوجهات السياحية التي يقصدها عدد كبير من السياح من داخل وخارج السلطنة.

وتعد قرية "الوادي الأعلى" إحدى هذه القرى السياحية بالولاية، فهي تحتضن الطبيعة البكر وسحرها الخلاب وتكتسي باللون الأخضر الذي يتمازج مع ألوان الجبال المحيطة بها من كل جانب مما جعل منها وجهة سياحية متفردة جذابة.  وتبعد القرية حوالي 30 كيلومترا عن مركز الولاية، وتقع على سفح جبل "الكور" من جهته الشرقية، ويتجاوز عدد سكانها أكثر من   3000 نسمة، وتسمى من قبل القاطنين فيها باسم "وادي الجلال والجمال". وتستمد قرية "الوادي الأعلى"  الواقعة  بين الجبال الشاهقة اسمها من الأودية المنسابة من أعالي جبل "الكور" التي تلتقي عند مدخل  القرية لتنساب بين بساتين من النخيل الباسقات وأشجار " الحناء " التي تشكل سياجا طبيعيا منيعا يحول دون الانجراف أثناء الجريان الغزير للأودية والشعاب التي تحيط بها من كل ناحية، مما يدلل على ذكاء الإنسان العماني في توظيف النباتات التي يمكن أن تسهم إسهاما إيجابيا في هكذا حالة ، وعند زيارة "الوادي الأعلى" فانك تقرأ في حارتها القديمة وأطلال البيوت قصة من قصص الكفاح التي كتبها الإنسان العماني في جزء من هذه الأرض العمانية وهناك ترسم صورة ذهنية لتلك الحياة التي اتسمت بالألفة والمودة وما زالت بين أبناء القرية الواحدة حيث جمعتهم الحارة ومنها انطلقوا في بناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم. ويستقبلك أهالي "الوادي الأعلى" ببشاشة وكرم الضيافة الأصيل، وتتجسد في حياتهم روح الألفة والتلاحم حيث يعيشون كأسرة متلاحمة ويتشاركون في الأفراح والأتراح ويحيون في المناسبات عددا من الفنون العمانية الأصيلة كفن الرزحة والعازي. وعند مدخل القرية أو ما يسمى بــــ"الصباح" توجد حجارة مرصوصة كانت ولا زالت تستخدم بمثابة كراسي يجلس عليها أهالي القرية لتقديم المشورة وتبادل الآراء فيما بينهم، ويعد "الصباح" مكاناً تراثياً تفوح من بين جدرانه رائحة الزمن القديم.

وتتعدد مواقع الجذب السياحية التي تزهو بها قرية "الوادي الأعلى" ومنها منطقة "الكسفة" ومنطقة "أم الفلج" التي تزدان بمياه الوادي الرقراقة. ويشاهد السائح عند دخوله للقرية الواحات الخضراء الممتدة عبر بساتين النخيل والمزارع والمسجد القديم وشجرة الزام المعمرة والحارة القديمة وبرج "الضواحي" و"بيت الصباح" و"البيت الكبير " بالإضافة إلى المرتفعات الجبلية المحيطة بالقرية.

وقال الشيخ محمد بن سعود بن بدر الهنائي إن قرية " الوادي الأعلى" حظيت في هذا العهد الزاهر بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- بكافة الخدمات على مستوى الصحة والتعليم والطرق، حيث توجد بها مدرستان واحدة للبنات هي مدرسة الوادي الأعلى للتعليم الأساسي وأخرى للبنين هي مدرسة الإمام محمد بن إسماعيل الحاضري للتعليم الأساسي ، كما تم رصف الطريق الرئيسي الذي يربط القرية بمركز الولاية ، وأدخل التيار الكهربائي منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي. ويتوفر بالقرية شبكة اتصالات حديثة، كما تم رصف وانارة الطرق الداخلية للقرية ويجري حاليا مد القرية بشبكة مياه حديثة ويحصل الأهالي على الخدمات الصحية من مركز الغافات الصحي الذي يبعد عنها حوالي 10 كيلومترات، لذلك فإن قرية "الوادي الأعلى" تزهو اليوم بمنجزات حضارية جعلت منها نموذجا للقرية التي باتت تشبه المدينة فيما حظيت به من خدمات أساسية.

وأضاف أن أهالي القرية يقومون حاليا ببناء جامع جديد للقرية مع مجلس عام تم تصميمهما وفقا للطراز الإسلامي والعمارة الحديثة مع توفير كافة الخدمات بهما، ومن المشاريع الكبيرة التي تنفذ بالقرية كذلك الطريق الجبلي الذي سيربط قرية" الوادي الأعلى" بقرية "سنت" في جبل الكور ومن هناك الى قرية "وادي العين "بولاية عبري بمحافظة الظاهرة مما سيسهم ذلك في تنشيط الجانب السياحي بين هذه المناطق والقرى الجبلية كما سيعمل على زيادة التواصل الاجتماعي واختصار عاملي المسافة والزمن فيما بينهم.وتعد قرية "الوادي الأعلى" من القرى الزراعية لخصوبة تربتها حيث تشتهر بزراعة العديد من المحاصيل الزراعية كالقمح والذرة والثوم والبصل وبعض أنواع الخضروات كالطماطم والفلفل إضافة إلى زراعة بعض أنواع الفاكهة كالمانجو والسفرجل، كما تشتهر القرية بزراعة أصناف متنوعة من النخيل في مقدمتها نخيل النغال والفرض والخصاب والخلاص والخنيزي.الجدير بالذكر أنه يتم في القرية زراعة القمح بشكل سنوي ويتم بيع الفائض منه في سوق الولاية.

تعليق عبر الفيس بوك