فايزة الكلبانية
اليوم.. وبعد سيل من القرارات والتعميمات المستجدة التي عايشناها خلال الفترة المنصرمة، والتي استقبلها الشارع العماني عامة والقطاع الخاص خاصة بنوع من عدم الرضا، لما تشكله من أعباء وضغوطات عليهم من كل صوب؛ حتى شكّ بعضهم في عدم وجود (منظم) ينظم آلية صدور هذه القرارات؛ سواء تلك المتعلقة بالإسكان أو العقارات والأراضي، واستقدام القوى العاملة الوافدة، أو الضرائب، والمرور، وتغيرات تسعيرة النفط الشهرية، والتي تأبى أن تستقر أو تتراجع نتيجة لتذبذبات أسعار النفط العالمية وما يصاحبها من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، وغيرها من المستجدات المرتقبة؛ والتي لا ننكر أن أغلبها جاء كحلول من الحكومة لتلافي تأثير أزمة النفط على الوضع الاقتصادي، ولتغطية العجز بالميزانية العامة للدولة، ومن منطلق الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والموظف والمواطن العادي لمواصلة مسيرة التنمية، كل هذه التداعيات التي تمر علينا، ولاسيما بعد تصريحات بعض المسؤولين وصناع القرار التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، جعلتنا نشعر بمدى حاجتنا إلى المزيد من الأخبار السارة والمفرحة بين كل فترة وأخرى.
وللمتابعين لمستجدات الأخبار على الصعيد الاقتصادي نقول إن هناك بوادر مبشرة بالخير، حيث وقعت شركة النفط العمانية "الذراع الاستثمارية للسلطنة في قطاع النفط والغاز والمشاريع المرتبطة بقطاع الطاقة" وشركة البترول الكويتية العالمية "إحدى الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية المملوكة بالكامل لحكومة دولة الكويت" على اتفاقيات متعلقة بالشراكة بين الجانبين لتطوير مشروع مصفاة الدقم ومجمّع الصناعات البتروكيماوية، والذي يعد أكبر مشروع استثماري مشترك في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. كما تمّ خلال هذا الأسبوع وضع حجر الأساس للمدينة الصينية بالدقم؛ ويبلغ الحجم الإجمالي للاستثمارات بالمدينة نحو 10 مليارات دولار، وعوائد الاستثمار فيها تبلغ أكثر من 20 مليار دولار، وستستوعب 12 ألف موظف، وسيجرى بناء مدرسة فيها باستثمارات تبلغ 15 مليون دولار للمقيمين والعاملين بمن فيهم العمانيون والأجانب، وأيضا ستقدم الشركة ما بين 1200 و1500 وظيفة للعمانيين، بالإضافة إلى توفير 1000 فرصة تدريبية للعمانيين للحصول على درجات تعليمية وفنية في الصين، كما ستكون بالمدينة شبكة اتصالات عالية السرعة تربط الصين والدقم بالإضافة إلى تقديم خدمات الانترنت فائق السرعة لتغطية المدينة الصينية وأنظمة إلكترونية حديثة. وسيتم تدشين أول مشروع في هذه المدينة بنهاية 2017، وبنهاية 2019 سيكون قد تم تدشين أكبر 10 مشاريع في المدينة، وبحلول منتصف 2021 سيكون الجزء الأهم في المرحلة الأولى قد تمّ إنجازه.
الشيء الإيجابي لجميع هذه الأزمات التي يمر بها العالم، وتؤثر علينا سلبا أنّها جعلتنا نبحث عن مخارج وآليات لإدارة هذه الأزمات بجدية، ومصداقية، نقاشات وحوارات متبادلة بين المسؤول والموظف والمواطن، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص؛ مدركين بأننا شركاء في التنمية، ولسنا أعداء ومتنافسين، عندها ندرك مدى أهميّة اتخاذ القرار الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن في الوقت المناسب، والتقليل من الضغط بالمزيد من القرارات على القطاع الخاص والتي أصبح بها نوع من "العشوائية" و"غياب التنسيق بين الجهات المعنية"، فالحكومة تصدر وتقر من مختلف جهاتها، والقطاع الخاص هو المستقبل لتوجهات مختلف الجهات الحكومية، ومجبور على تقبلها مهما اشتد رفضه وغضبه لفاعلية هذه القوانين، ولابد له من مباشرة التطبيق من منطلق "يُعمل به من تاريخ صدوره"، وهذا يلغي أي نوع من النقاش والرفض أو إعادة النظر إلا في حالات نادرة.
فعلا.. ما أحوجنا اليوم إلى الفرحة التي اعتدنا عليها تكسو ربوع البلاد.. فاليوم.. تشبعنا من جملة التصريحات الرنانة والوعود المعسولة، ولم يعد يقنع الناس إلا ما يرونه ويلمسونه على أرض الواقع، فالناس تترقب كبح جماح ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والنفط، وعودة الترقيات وإيجاد فرص التوظيف للعدد الهائل من الباحثين عن عمل، وكل ما تمّ تغيره وما من شأنه المساس بالمواطن وحقوقه نتيجة للأوضاع الراهنة، ولتقليل المصروفات مقارنة بالإنتاجية.
فلا تطيلوا علينا بالأخبار المفرحة.. فنحن والوطن نشتاق إليها فعلا.
faiza@alroya.info