السلطنة تطرح المبادرة الحضارية الأولى من نوعها في العالم الإسلامي

الاحتفال بتدشين مشروع المؤسسات الوقفية لتعزيز رؤية "الأوقاف" في إيجاد مصادر تنموية مستدامة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

 

◄ سماحة المفتي: المشروع يواكب تقدم عجلة الحضارة بما ينفع الأمة

◄ السالمي يوقع عددا من قرارات إنشاء مؤسسات وقفية

◄ الهنائي: الاتفاقيات مع الشركات العالمية والمحلية المتخصصة تلبي متطلبات المشروع

 

 

 

الرؤية- محمد قنات

 

دشنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أمس مشروع المؤسسات الوقفية الخيرية تحت رعاية معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، وبحضور سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتى عام السلطنة ومعالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية.

وقال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في تصريحات عقب انتهاء حفل التدشين إن الوقف في الوقت الحالي مطلب مهم لأن العجلة الحضارية تتقدم إلى الأمام ولابد أن يكون معها ما يُسايرها من أعمال الخير ومن أهم هذه الأعمال الوقف الخيري.

وأضاف أن هناك أوقاف متنوعة في سلطنة عمان وتجديدها أمر مهم لمسايرة أحوال البشر وسد احتياجاتهم على اختلاف تنوعها، مبينًا أن هذه المبادرة وكونها الأولى على مستوى العالم الإسلامي تدل على حسن التطلع إلى المستقبل وإلى إيجاد مشروع خيري نافع للأمة، معربًا عن أمله أن تقدم هذه المبادرة عطاءها الخير للمجتمع العماني والمجتمعات الأخرى.

وجاء المشروع كرؤية جديدة من وزارة الأوقاف في إدارة الأموال الخاصة بالوقف بعد تجارب عديدة ستعمل الوزارة عليها لتتيح لجميع المؤسسات الوقفية والأفراد العمل في استراتيجية واضحة يساهم المجتمع كشريك حقيقي في إدارة الأوقاف واستثمارها بهدف ديمومة الوقف لتتحول فكرة الإنفاق المباشر إلى إيجاد مصادر تنموية مستدامة، ويأتي ذلك تحت إشراف مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

واستهل حفل التدشين الذي قدمه الإعلامي موسى الفرعي بآيات من الذكر الحكيم تلاها القارئ طالب القنوبي إمام وخطيب جامع السلطان قابوس الأكبر، ثم ألقى سلطان الهنائي خبير الوعظ والإرشاد ورئيس اللجنة كلمة وزارة الأوقاف أكد فيها أنّ الوقف له دور حضاري رائد في الحياة، وأن المبادراتِ الوقفيةَ تأخذ صورا متنوعة يَطمحُ من خلالها الواقفون وأهل الخير أن تكون الأمثلَ لصدقاتِهم الجارية طمعا في استمرارية ثوابها وأجرها المبشر به في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقةٍ جارية أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له، مضيفا أن اليوم يشهد مفترقا جديدا في إدارة الوقف واستثماره، وذلك بتقديم مبادرة حضارية تعد الأولى من نوعها في العالم الإسلامي، وهي المؤسسات الوقفية الخيرية التي أكسبها المرسوم السلطاني الصادر بتعديل قانون الأوقاف الشخصيةَ الاعتباريةَ المستقلة لتحقيق النفع العام بما تتمتع به من صلاحية استثمار وإدارة الأوقاف وتطويرها وتنميتها في منظومة مؤسسية متكاملة تحقق تطلعات الواقفين بتوفيق الله وتسهم في الحيلولة دون وقوع الشعبوية الجديدة بتعريفها المستجد بهذا البلد".

وأشار الهنائي إلى أن فكرة المؤسسات الوقفية الخيرية جاءت كثمرة للنضج المعرفي والوعي الخيري بالمجتمع المقرون بدراسات التجديد لطرائق الوقف ومناهج الخير التي قامت بها الوزارة بما يحقق إضافاتٍ فارقةً في الإدارة والاستثمار، ولأجل هذه الغاية المستقبلية الواعدة، تعمل الوزارة على استكمال منظومة نوعية، تلبي متطلبات هذا المشروع الحيوي التنموي الرائد، بتوقيعها عددا من الاتفاقيات، مع شركات عالمية ومحلية متخصصة في مجالات مختلفة، تجعل من هذه المؤسسات واقعًا يثمر في هذا البلد الطيب ويصل بمدى آثاره الخيرية لخدمة البشرية بأسرها والأمل بأن تحظى هذه المبادرة الحضارية بتفاعل اجتماعي واسع، يؤدي إلى تسجيل مبادرات وقفية يتنافس فيها أهل الخير والمعروف من مختلف ولايات السلطنة وأن تتحقق رؤية المشروع بتكوين مؤسسات وقفية ناجحة تصلح أن تكون منتجا حضاريا متكاملا يستأنس به في إدارة الأوقاف وعمارتها وتنميتها لتحقيق غاياتها وأن يبعث شعارنا "ولكم في الوقف حياة" بمعاني الحياة الواسعة في هذا الوجود ليكسب المجتمعات سعادة وأملا مشرقا بخيري الدنيا والآخرة.

عقب ذلك تم تقديم عرض مرئي بعنوان "المؤسسات الوقفية مبادرة حضارية" ثم ألقى إسماعيل العوفي مشرف اتصال بمكتب وزير الأوقاف كلمة، بعدها تم عرض تسجيل مصور عن حوكمة المؤسسات الوقفية، ثم تسجيل المبادرات الوقفية من إعداد ميثاق للصيرفة الإسلامية، وشاركت شركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار "أساس" في كلمة عن مبادرة أساس الوقفية من قبل الرئيس التنفيذي للشركة، ثم عرض تسجيلان مصوران عن هندسة الإجراءات في الأوقاف وبيت المال والأنظمة الإلكترونية للمجتمع الخيري.

ثم قام معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية بتوقيع قرارات إنشاء مؤسسات وقفية، عقب ذلك كرّم معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية راعي الحفل المبادرات الوقفية والشخصيات المساهمة في إنشاء مؤسسات وهم سعود بن سالم بهوان رحمه الله وسعيد بن ناصر الحشار رحمه الله ويوسف بن علي.

واختتم حفل التدشين بندوة حول آليات التطوير للأوقاف والآليات التشريعية والتنظيمية لها، استضيف فيها سلطان الهنائي خبير الوعظ والإرشاد، وسليمان الحارثي من ميثاق للصيرفة الإسلامية، وأحمد القصابي شريك في مكتب ديلويت آند توش، والمهندس خالد السيابي الرئيس التنفيذي لشركة تكامل للحلول البرمجية، وسامر إبراهيم مدير برامج مشاريع المدينة للتنمية والتجهيزات.

وكان قد سبق الحفل برنامج حواري قدمة الإعلامي خالد الزدجالي واستضاف فيه سعادة محمد الحجري عضو مجلس الشورى، والمكرم الدكتور إسماعيل الأغبري عضو مجلس الدولة.

جدير بالذكر أنَّ الوزارة سعت الى استكمال منظومة نوعية تلبي متطلبات هذا المشروع الحيوي التنموي الرائد بتوقيعها عددا من الاتفاقيات مع شركات عالمية ومحلية متخصصة في مجالات منها توقيع اتفاقية مع شركة ديلويت لتقديم دراسة استشارية حول قواعد حوكمة المؤسسات الوقفية وتوصيف دليل عملها إداريا وماليا وطرائق التدقيق والمراقبة وآليات التعامل مع البنوك والمصارف مع توصيف لنظام الزكاة ودليل حوكمة صناديقها، توقيع اتفاقية مع شركة تكامل لإعادة هندسة الإجراءات للأوقاف بما يحقق تسهيل الإجراءات في إطار القانون واللوائح المنظمة، توقيع اتفاقية مع شركة المدينة لبرمجة النظام الإلكتروني للأوقاف وبيت المال الذي سيتم تحويل جميع خدمات الأوقاف من خلال بوابته إلى عمل رقمي يتماشى مع التحول الرقمي بالوزارة في جميع متطلبات الوقف، وتوقيع اتفاقية مع شركة المدينة لبرمجة النظام الإلكتروني للزكاة والذي سيتم عبره تحويل تقديم خدمات الزكاة للمزكين ولطالبي الزكاة وما يرتبط بها من لجان الزكاة بالولايات والاختصاصات المسندة إليهم لتكون عبر ذات البوابة الرقمية، توقيع مذكرة تفاهم مع ميثاق للصيرفة الإسلامية لتحقيق التَّعاون في طرح مشاريع استثمارية، توقيع مذكرة تفاهم مع الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية " تنمية ".

ويهدف المشروع إلى تحريك المجتمع الخيري وتفعيله عبر المؤسسات الوقفية، بتقديم رؤية جديدة للأوقاف والزكاة تتناسب مع الوقت الحاضر وحاجة الناس، كما سيقدم المشروع فكرة مبتكرة للمؤسسات الخيرية لتوزيع مواردها المتاحة بما يحقق تنمية المجتمع في مختلف مناطق السلطنة، ويفتح آفاقا وقفية برؤية عصرية للداعمين الوطنيين وأهل الخير لتأسيس مشاريع تنموية في مجالي الأوقاف والزكاة، كما سيحقق المشروع الاستقلالية التنفيذية للمؤسسات الوقفية بعيدًا عن المركزية والدورة المكتبية المعتادة وذلك للاستثمار الأمثل للطاقات والموارد البشرية بالمجتمع لدعم الأوقاف وتعزيز المساهمة في عمارتها وتطويرها بالفكر والخبرة والمال لتؤدي رسالتها الحضارية.

ورافق المشروع خطة تنفيذية سيتم العمل من خلالها لتفعيل المشروع منها تعديل قانون الأوقاف بإضافة الفصل السابع لتشريع إنشاء المؤسسات الوقفية تأسيسًا للمشروع بصفة قانونية وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف، وكذلك إعداد الدليل الاسترشادي لإنشاء المؤسسة الوقفية وسير الإجراء الإداري ومتطلباته كاستمارة تقديم الطلب وأنموذج النظام الأساسي، وسيتم العمل على إعداد دليل حوكمة المؤسسات الوقفية وهيكلتها إداريا وماليا بالتعاقد مع شركة ديليوت، وكذلك تطوير نظام إلكتروني متكامل يتصف بالمرونة والدقة تتم عبره جميع متطلبات المجتمع الخيري في الأوقاف والزكاة بحيث يغطي المؤسسات الوقفية ويحقق الإشراف والنظارة عليها من قبل الوزارة بالتعاقد مع شركة المدينة، وسيتم ضمن الخطة الموضوعة توقيع مذكرات تفاهم مع بعض المؤسسات المصرفية لتقديم عروض استثمارية أو تسهيلات بنكية لعمل المؤسسات الوقفية وحسابات الزكاة.

وتأمل وزارة الأوقاف من مشروعها أن يتفاعل المجتمع ليرقى بالخيرية في إطار مؤسسي متكامل يسهم فيه الجميع لتحقيق مكاسب حيوية تستلهم من الشراكة الحقيقية بين الحكومة والمواطنين، كما يأمل أن تسجل مبادرات وطنية بتأسيس مؤسسات وقفية عامة أو خاصة تعمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تسهم في تلبية تطلعات المجتمع ومؤسساته التي يتنافس أهل الخير والمعروف من مختلف ولايات السلطنة للمسابقة المحمودة في إنشائها، على أن تتاح فرص استثمارية واعدة يبتكرها القائمون على هذه المؤسسات بحيث تغني بريعها الموقوف له وتسد متطلباته الإنفاقية.

كما تأمل الوزارة من إنشاء المشروع أن تتوجه مختلف القطاعات للاستفادة من ديمومة الوقف وأصوله الثابتة عبر منظومة هذه المؤسسات بحيث تتحول من فكرة الإنفاق المباشر إلى إيجاد مصادر تنموية مستدامة تمكنها من تغطية متطلبات الإنفاق لديها لتحقيق أهدافها، وأن تنتقل الأوقاف من طريقة الإدارة الفردية عبر الوكلاء إلى العمل المؤسسي المتكامل بحيث تندرج بقدر مساهمتها في واحدة من المؤسسات الوقفية الواعدة.

تعليق عبر الفيس بوك