صمت مُشين

لا يزال المجتمع الدولي يحيا في حالة من النكران والصمت إزاء ما يجري على الأراضي السورية من مذابح وعمليات قتل جماعي تستهدف المدنيين العزل، سواء كانت بعمليات انتحارية ينفذها متطرفون يتخذون من الدين مطية لتبرير هذا الفعل الشنيع حتى في المساجد ودور العبادة، أو عبر هجمات المُسلحين على الأحياء والقرى، والأسوأ تلك التي تنفذها القوات الحكومية بالطائرات دون تمييز للأهداف التي تقصفها.
يقف العالم مكتوف الأيدي أمام الأزمة السورية منذ ست سنوات عجاف أتت فيها المعارك والاقتتال على الأخضر واليابس، وتشرد فيها قرابة العشرة ملايين بين نازح وفار ومُهاجر بين أمواج البحر المتلاطمة، وقتل فيها مئات الآلاف من المدنيين بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
إنّه الصمت المُشين، ذلك الذي تقوم به القوى العالمية التي لطالما تشدقت بعبارات محاربة الإرهاب ومكافحة التطرف والتعاون مع الحلفاء، فيما تنزف الأرض السورية دماً يخضب الأجواء، ويلقي بسدائل سوداء كاليل البهيم على القرى والبلدات السورية، فتتحول بسرعة البرق إلى مدن أشباح، تغيب عنها معالمها الفريدة التي عاشت أبية على مر الدهور، ليأتي حفنة من المرتزقة والقاتلين بالأجر، ليذبحوا الشعب السوري ويعقروا بطون نسائه وييتمون أطفالهن، دون أدنى شعور بالخجل أو الرحمة تجاه هؤلاء.
الكل في سوريا مدان، النظام مدان لبطشه المفرط منذ اندلاع المُظاهرات التي نادت بالحُريات وتحسين المعيشة، قبل أن تتحول إلى معارك تدخلت فيها قوى إقليمية دعمتها بالمال والسلاح نكاية في أشخاص النَّظام لا غير... الكل مدان في سوريا، المعارضة التي حملت السلاح وقررت أن تقاتل بني جلدتها دون أن تكبح جماح غضبها في إحدى مراحل التقاط الأنفاس، فغاصت في الوحل الطائفي، وتشكلت فرق وجماعات ترفع ألوية طائفية وشعارات مذهبية بغيضة، تفرق السوري عن أخيه السوري الآخر، ليس لسبب إلا لاختلافه في المذهب أو المُعتقد.
الهجمات الكيماوية واحدة من أعنف المآسي التي تئن منها سوريا، وإذا صحت الأنباء الخاصة بهذه الهجمات، فسيكون الغرب هو المسؤول الوحيد عن ارتكاب هذه الفظائع، أليس هذا الغرب هو من ابتكر هذه الأسلحة الفتاكة؟!
إنَّ صمت العالم إزاء المأساة السورية يكتب سطور النهاية في رواية موت الضمير الإنساني، ويطلق الحلقة الأخيرة في مسلسل التشدق بحقوق الإنسان والحريات، ويضع شاهد القبر على جثمان الإنسانية التي لاقت حتفها في غفلة من الشعور والإحساس بالذنب!!

تعليق عبر الفيس بوك